تنشط شبكات الجريمة المنظمة الدولية لتهريب السيارات في إرسال مسروقاتها من الأراضي الأوربية لتصريفها في أسواق المغرب وموريتانيا، ودول شمال إفريقيا عموما، وهذه العربات الميكانيكية المتطورة والقوية تصلح لقضاء مآرب شتى، فقد تستخدمها الجماعات الإرهابية كسيارات مفخخة في عملياتها بالجزائر مثلا، أو في نقل رجالها وعتادها لملء إفريقيا رعبا، ويستغلها مهربو البشر والبضائع والمخدرات والأسلحة لاختراق الحدود بين الدول المغاربية والإفريقية . وأوضحت آخر التقارير الأمنية الفرنسية أن عصابات الجريمة المنظمة ابتكرت طرقا جديدة لسرقة السيارات، تعتمد على الدهاء والحيلة، وبذلك أحدثت قطيعة مع نموذج سارق السيارات الذي يتربص بصاحبها، ويتتبع حركاته وسكناته، ليستغل أدنى تهاون منه للسطو على سيارته في غفلة منه أو باستعمال العنف . وطورت العصابات المنظمة أساليبها، بحيث أصبحت تتفنن في اختراع الحيل للإيقاع بضحاياها ومن بين هذه الأساليب "الحضارية" الماكرة، أن اللص يتقدم بدون قناع لشركة كراء أو بيع السيارات، ويدعي أنه صاحب مقاولة في حاجة إلى سيارات فخمة، أو يقدم نفسه على أنه وكيل أعمال شخصية خليجية ثرية، ستزور فرنسا عما قريب، ويحتاج إلى كراء سيارات فاخرة تليق بمقام الأمير أو الشيخ الخليجي، وبالطبع، تنطلي الحيلة على صاحب شركة السيارات أو صاحب وكالة كراء السيارات، بما أنه يكون أمام أشخاص يجيدون فن التمويه، ويقدمون جميع الضمانات التي يطمئن لها مالك شركة السيارات، ويسيل لعابه لهذه العملية، وفي الوقت الذي يعتقد فيه أنه حقق صفقة العمر، فإنه يكون قد تعرض لعملية نصب واحتيال من صنف "خمسة نجوم! وعندما يكتشف مالك شركة السيارات الخدعة، تكون السيارات في طريقها إلى دول شمال إفريقيا أو أحد بلدان خليج غينيا . وسجلت مصالح الأمن الفرنسية المكلفة بقضايا مكافحة شبكات الجريمة المنظمة، منذ سنتين، تنامي عمليات النصب والاحتيال لسرقة السيارات الفاخرة، وهدف تلك الشبكات هو التخلص من أنظمة الأمن التي أصبحت السيارات الحديثة مجهزة بها، لتتبع مسار سارق السيارة، وإخبار مالكها بمكانه الجغرافي بالضبط، وهذا ما يسهل مأمورية تحديد مكانه والقبض عليه . ومن أجل توفير جميع شروط انطلاء الحيلة على الضحايا، يتقدم أفراد شبكات الجريمة المنظمة أمام شركات مالكي السيارات على أنهم أصحاب شركات خدمات، ومن أجل هذا الغرض، يعملون على شراء بعض الشركات الموجودة سلفا، لكنها تتعرض لمشاكل كبيرة، ويضخون فيها دماء جديدة لإنعاشها، ليبعدوا الشكوك عن نواياهم الإجرامية، ويُشعروا ضحاياهم بالأمن والطمأنينة . وتركز هذه الشبكات على استهداف شركات القروض ووكالات كراء السيارات واحتفظت سجلات الشرطة الفرنسية بعملية نصب كبيرة تعرضت لها شركة بيع سيارات في العاصمة الفرنسية باريس، بحيث ادعى مسؤولو شركة خدمات مقرها بأرقى أحياء العاصمة أنهم بصدد الإعداد لاستقبال أفراد عائلة خليجية ثرية، وأوهموا مالك شركة السيارات بأنهم في حاجة مستعجلة لشراء 35 سيارة من طراز مرسيدس بمبلغ 85 ألف أورو (حوالي 850 ألف درهم مغربي) للسيارة الواحدة واختفت السيارات دون أن يحصل صاحب الشركة على مستحقاته . وقام باكستانيون، ادعوا أنهم مواطنون إنجليز يمتلكون مقاولات أشغال البناء، بعملية نصب مشابهة، وكان الصيد الثمين هذه المرة هو السطو على 60 سيارة فاخرة . وأشارت التقارير الأمنية الفرنسية إلى تزايد ظاهرة سرقة السيارات عبر البيع عن طريق الأنترنت ومنذ سنة ونصف، سقط آلاف مالكي السيارات ضحية هذا الفخ، بحيث يوهم النصاب ضحيته بأنه سيؤدي له المبلغ كاملا، وحينما يطمئن المالك لمرور الصفقة في أحسن الظروف، يتراجع النصاب عن دفع المبلغ، وتكون السيارة قد غادرت إلى الخارج . وأفادت التقارير الأمنية الفرنسية أن عدد السيارات المسروقة تراجع من 155 ألف عام 2006 إلى 145 ألف عام 2007 ويكون "حظ" الشبكات الإجرامية المنظمة الكبرى من هذا "الصيد الثمين" بين 60 ألف و70 ألف سيارة مسروقة كل سنة. ""