مطار الناظور العروي.. أزيد من 815 ألف مسافر عند متم شتنبر    بهذه الطريقة سيتم القضاء على شغب الجماهير … حتى اللفظي منه        صدور أحكام بسجن المضاربين في الدقيق المدعم بالناظور    شاب يفقد حياته في حادث سير مروع بمنحدر بإقليم الحسيمة    اعتقال عاملان بمستشفى قاما بسرقة ساعة "روليكس" من ضحية حادث سير    وزارة الشباب والثقافة والتواصل تطلق البرنامج التدريبي "صانع ألعاب الفيديو"    هذه مستجدات إصلاح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة    الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان الحسيمة تحصد 6 ميداليات في الجمنزياد العالمي المدرسي    فليك يضع شرطا لبيع أراوخو … فما رأي مسؤولي البارصا … !    نظرة على قوة هجوم برشلونة هذا الموسم    الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات تعلق إضرابها.. وتعبر عن شكرها للتضامن الكبير للنقابات والجمعيات المهنية وتدخلات عامل إقليم الفحص أنجرة    ارتفاع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج مقارنة بالسنة الماضية    أنيس بلافريج يكتب: فلسطين.. الخط الفاصل بين النظامين العالميين القديم والجديد    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية الوطنية    بدون دبلوم .. الحكومة تعترف بمهارات غير المتعلمين وتقرر إدماجهم بسوق الشغل    أرباب المقاهي والمطاعم يحشدون لوقفة احتجاجية ضد الغرامات والذعائر    الأسبوع الوطني التاسع للماء..تسليط الضوء على تجربة المغرب الرائدة في التدبير المندمج للمياه بأبيدجان        "الشجرة التي تخفي الغابة..إلياس سلفاتي يعود لطنجة بمعرض يحاكي الطبيعة والحلم    قمة متكافئة بين سطاد المغربي ويوسفية برشيد المنبعث    الفيضانات تتسبب في إلغاء جائزة فالنسيا الكبرى للموتو جي بي    مركز يديره عبد الله ساعف يوقف الشراكة مع مؤسسة ألمانية بسبب تداعيات الحرب على غزة        الحكومة تقترح 14 مليار درهم لتنزيل خارطة التشغيل ضمن مشروع قانون المالية    "تسريب وثائق حماس".. الكشف عن مشتبه به و"تورط" محتمل لنتيناهو    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    قرار مجلس الأمن 2756.. تأكيد للزخم الدولي المتزايد الداعم لمغربية الصحراء وكشف لتناقضات الجزائر وعزلتها    نُشطاء يربطون حل إشكالية "الحريك" بإنهاء الوضع الاستعماري لسبتة ومليلية    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    عبد المومني يُشيد بتطور "ما قبل المحاكمة".. ومصدر أمني يستعرِض الضمانات    حزب أخنوش يفشل في استعادة رئاسة جماعة مكناس وينهزم أمام الأحزاب الصغيرة    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    غيبوبة نظام الكابرانات تكشف مهازل استعراضات القوة غير الضاربة    "كلنا نغني": عرض فني يعيد الزمن الجميل إلى المسرح البلدي بالعاصمة التونسية    ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في إسبانيا إلى 205 على الأقل    صدور عدد جديد من مجلة القوات المسلحة الملكية    فؤاد عبد المومني في أول تصريح له بعد إطلاق سراحه: ما تعرضت له هو اختطاف (فيديو)    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    منْ كَازا لمَرْسَايْ ! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    حصيلة القتلى الإسرائيليين في غزة ولبنان    ارتفاع حصيلة القتلى في فيضانات إسبانيا لأزيد من 200 ضحية    اختتام الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي النسخة 45    مقتل 47 فلسطينيا وإصابة العشرات إثر غارات إسرائيلية على وسط غزة    اشتباك دموي في مدينة فرنسية يخلف 5 ضحايا بينها طفل أصيب برصاصة في رأسه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا فى إسبانيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    الأشعري يناقش الأدب والتغيير في الدرس الافتتاحي لصالون النبوغ المغربي بطنجة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الزين" هرب
نشر في هسبريس يوم 25 - 07 - 2012

"علينا أن نخطط للحرية والأمن معا" الفيلسوف النمساوي كارل بوبر
يمكن أن تتكرر واقعة هروب زين العابدين بنعلي، في أكثر من بلد، كما يمكن أن يتكرر معها مشهد خروج المواطن التونسي، صائحا في حالة تشبه الهستيريا "بنعلي هرب، المجرم هرب، تحيا تونس حرة، يا تْوانسة يا اللي عذبوكم يا اللي قهروكم، يحيا شعب تونس، المجد للشهداء..".
كما يمكن لمثل هذه الواقعة، أن تتكرر في مدن صغيرة في حجم مدينة سيدي سليمان، ومن ذلك هروب بعض "رجال" الأمن من دوائرهم الأمنية إلى دوائر أخرى "آمنة".
قد يبدو تشبيه هروب رئيس دولة في حجم تونس، بهروب "رجل" أمن في كوميسارية بمدينة صغيرة، من قبيل المبالغة، إلا أن ذلك يزول إذا عرفنا أن زين العابدين بنعلي نقل تونس من دولة إلى كوميسارية كبيرة، وبدورها حولتها زوجته إلى صالون حلاقة كبير.
وتتلاشى الغرابة في هذا التشبيه، إذا عرفنا أن السبب المباشر في فرار بنعلي، يعود بالدرجة الأولى إلى تهور البوليس وإمعانه في ملاحقة المتظاهرين "زنقة، زنقة، وبيت، بيت"، والفتك بهم دون رحمة، بمعنى أن الذي أثار حفيظة التونسيين هو القمع الذي لقيه المحتجون منذ إضرام البوعزيزي-رحمه الله- النار في ذاته.
لا أخفيكم بأنني عندما سمعت بخبر انتقال مسؤول أمني من سيدي سليمان إلى مدينة أخرى، بعدما قضى حوالي ستة عشر سنة في "الخدمة"، استغربت من ذلك، لأنني أعرف أن معظم موظفي الإدارة العمومية يرفضون الرحيل عنها إلا بعد إحالتهم على التقاعد.
ولا أعرف كيف تسللت إلى نفسي، فرضية ماكرة، تنتظر بحرقة الجواب على أسئلة من قبيل "لماذا يطلب موظف عمومي الانتقال في هذه الفترة بالذات؟"، "هل تعب من كثرة العمل المضني في مدينة تسود فيها الفوضى؟ أم هو مجرد "تبدال المنازل" وتغيير "العتبة"؟.
هناك نظرية في الإدارة العمومية تقول بأن الهروب يأخذ عدة أشكال، من بينها طلب الانتقال، فضلا عن "التنقيل" الذي يأخذ شكل عقوبة تنفذها الإدارة من أجل إبعاد بعض موظفيها عن المناطق التي "عْطات فيها ريحتهم".
وبعودة سريعة إلى أحداث شهر غشت من السنة الماضية، حلت لجنة من الإدارة العامة للأمن الوطني بالرّباط، للنظر في قضية شاب سليماني في ملف "مفبرك" يتعلق بالأسلاك الكهربائية، عقب توجيه المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لطلب فتح تحقيق إلى وزيري العدل والداخلية والمدير العام للأمن الوطني بخصوص ما تعرض له الشاب المذكور من تعذيب عن طريق تعصيب العينين والتهديد بالصعق الكهربائي في أطراف حساسة من جسمه، وذلك لإرغامه على الاعتراف بالتهمة التي وُجهت إليه، حيث أكدت أسرة المعني بالأمر للصحافة حينئذ، بأن القضية من أولها مفبركة ولا علاقة لابنها بها، وهو ما أكده باقي المتهمين في أقوالهم أمام المحكمة، وهذه واحدة من بين مجموعة من القضايا التي يتعرض فيها المواطنون لشتى أنواع الإهانة داخل مخافر الشرطة، للضغط عليهم من أجل توقيع محاضر تصريحاتهم، والزج بهم في قضايا لا علاقة لهم بها.
إن ما قامت به مصالح الأمن الوطني بسيدي سليمان، في غشت الماضي تعبير على فشلها في إلقاء القبض على المجرمين الحقيقيين وتوفير الأمن للمواطنين، وكذا للممتلكات العامة بالمنطقة، سيما أن كوميسارية المدينة أصبحت محط انتقاد منذ مدة من طرف الحقوقيين والغيورين على كرامة الإنسان.
فهل يحق لنا، على هامش الانتقالات التي شملت بعض الموظفين في المدينة، طرح سؤال من قبيل "هل حان موسم هروب الذين أساؤوا للمدينة؟"، سيما بعد تنصيص الدستور الجديد على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأحتفظ بالجواب لنفسي، مخافة أن يتابعني أحدهم بتهمة إهانة موظف أثناء مزاولته لهواية الهروب.
لكن لا أقدر على إخفاء دعوتي إلى محاسبة هؤلاء الذين اختاروا أو اضطروا للانتقال إلى مدن أخرى، والتحقيق معهم على الفترة التي قضوها في المدينة، ومطالبتهم بالتصريح بممتلكاتهم، قبل دخولهم وبعد خروجهم من "سلايمن سيتي".
وهي مناسبة للحديث عن باريس الصغرى، التي رغم تحويلها إلى عمالة لا زالت تعاني من "العرارم" ديال المشاكل، والمسؤول عن السلطة الإقليمية منذ تعيينه، وهو منشغل بالتسييج، ابتداء من تسييج مقر عمالة إقليم سيدي سليمان الذي كان في الأصل مقر المجلس البلدي، وتسييج صهريج الماء، الموجود بالحديقة المقابلة للمقر المذكور التي تم تدميرها (الحديقة طبعا)، هذا الصهريج الذي صار مرتعا للضفادع السمينة التي تعيش مثل نظيراتها في مسبح بالمدينة ليس له من "الأولمبي" إلا الإسم.
ليس العامل وحده من احتل المقر القديم للبلدية، في مثال صارخ على العلاقة الفوقية بين سلطة الوصاية، و"الهيئة المنتخبة"، بل نفس العملية قامت بها نيابة وزارة التربية الوطنية التي نفذت عملية "سطو" عن سبق إصرار وترصد على مؤسسة تعليمية في مدخل المدينة تسمى مدرسة الساقية الحمراء، تعتبر من معالم المدينة بقيمتها التاريخية والرمزية.
هذه النيابة وباقي المصالح الخارجية، فضلا عن العمالة، باتت مؤسسات فارغة تضم جيشا عرمرما من الموظفين، في الوقت الذي تم فيه تهميش أبناء المدينة.
يظل الاحتلال عنوان هذه المدينة، فالمقاهي هي الأخرى، تحتل الأرصفة وترمي بالراجلين إلى الشارع، مقاهي تنبت في كل مكان كالطحالب، بين مقهى ومقهى توجد مقهى، مقاهي مخصصة للعب "التيرسي"، وأخرى لمتابعة مباريات "البارصا والريال"، وثالثة بعيدة عن أعين المتلصصين مخصصة للعشاق.
ونحن نسرد أحوال المدينة وأوحالها، قد يكون مناسبا بحلول شهر رمضان الفضيل، الحديث عن المسجد العتيق الذي لا زال مقفلا إلى الآن، والمجلس العلمي ومندوبية الأوقاف، يضعان أذنا من طين وأخرى من عجين، دون أي التفاتة لمساجد لها تاريخ مثل هذا المسجد الذي سمي حي بأكلمه باسمه حي المسجد أو حومة الجامع، كما يحب أن يناديه أبناء "سلايمن سيتي" .
أما الصحة بالمدينة، فتعيش في قسم المستعجلات، وهناك أكثر من سبب يدفع الحسين الوردي وزير الصحة، للالتفات إلى المدينة، وإيفاد لجنة للتفتيش وافتحاص المستشفى الإقليمي، وتجديد الدماء فيه، وزعزعة مسؤول صحي، عمر أكثر من اللزوم، مدعيا بأنه مسنود بشخصية حزبية لها نفوذ في إقليم الغرب قاطبة.
أما التجارة، فبدأت تشكو من الكساد بسبب "نزول" سوق ممتاز بالمدينة، عرف يوم افتتاحه فوضى عارمة، وشببهه صديقاي محمد وسعيد بالموسم، والعُقبى لافتتاح فرع جديد لماكدونالد بالمدينة، ومشاريع تجارية أخرى، وفندق ثلاثة نجوم قرب مقر الدرك الملكي بشارع الحسن الثاني بالمدينة، فيما يشبه "العكر على الخنونة" بينما المدينة تحتاج إلى من يتعامل مع ساكنتها بكرامة.
سيدي سليمان، مثل الأقرع أينما ضربته يسيل دمه، يصدق عليها قول ابنها البار المرحوم عبد القادر نجم برنامج "كوميديا" سنة 2010 "كُولْشي.. فسلايمن سيتي..تيتي نيني"، المغرب يتحرك وتبقى هي مدينة راكدة، تنتظر من حين لآخر أن يعلن بعض الموظفين فيها هروبهم..هذا الهروب الذي لن ينفع "البانضية" لأن لعنة الظلم ستلاحقهم في أي مكان.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.