هكذا تطورت الأمور بسرعة، فيما يتعلق بملف كاتب الملك محمد منير الماجيدي، ومجلس مدينة الرباط، بشأن بقعة بيلفيدير بالعاصمة الرباط، حيث دخل على الخط في آخر اللحظات، ورثة قائد مخزني قديم، كان يُدعى الحاج محمد بركاش.. وهم بضعة أطر راقون موزعون على أكثر من بلد غربي، جاؤوا على أجنحة طائرة ليقولوا للسيد الماجيدي: "راها ماشي خالية" وذلك بعدما تشجعوا، بكل تأكيد، بالعنتريات الأولى، لبعض أعضاء مجلس مدينة الرباط، ومنهم الاتحادي خيرات، الذين وجدوا المناسبة مواتية لنفض غبار اليمين الرمادي، لتظهر ولو بشكل باهت وللحظات "نشوة" ألوان المعارضة الحمراء لأيام زمان. هكذا طلع مدير جريدة الاتحاد الاشتراكي في البداية للجبل، وحاول أعضاء المجلس المذكور المحسوبين على حزب العدالة والتنمية، فعل نفس الشيء، غير أن "سخونية الراس رجعات بالبرودة" حيث فهم مجلس العاصمة أن الرغبة المُلِحَّة، في أن تتحول تلك البقعة الأرضية الجميلة، جوار باب الرواح الشهير بالرباط، إلى وجه آخر تماما، تتجاوز "لكتاتبي ديال الملك المسكين".. وحينها جدَّ الجِد، أو بمعنى أوضح وأبلغ "سرات معاهوه القضية" فتحول الرافضون عن رفضهم، وأبلغوا "رُسُلهم" أنهم لا يُمانعون في أن ترتدي العروس (البقعة الرضية) ثيابها الجديدة القشيبة، كما يشاء عريسها. وهو قول صدَّقه العمل بسرعة قياسية مثيرة للسخرية، حيث قَبِل أعضاء مجلس مدينة الرباط في اجتماعهم الأخير، أن تتم مسطرة التفويت لشركة الماجيدي، ورفع الحظر "الكلامي" عن سير أشغال الهدم والردم للمؤثثات القديمة، ومنها حديقة عمومية، بالبقعة. "" ويبدو أن ورثة القايد بركَاش، الذين تنادوا من كل فج غربي عميق، لم يكونوا على عِلم بتلك المستجدات المفاجئة، حينما قرروا طلوع الجبل، على طريقتهم، بدءا بمراسلات استعطاف لوزير الأوقاف والسيد منير الماجيدي.. وصولا إلى القضاء. هل لدى "لكتاتبي ديال الملك" كل هذه القدرة، ليس فقط على بُدء أشغال الهدم والحفر، على بُعد بضعة أمتار من القصر الملكي بالرباط، بل أيضا الوقوف "بسنطيحة خارجة" و عينين حمراوين أمام الجميع: الصحافة والمُنتخبين والرأي العام؟ إن الجواب واضح، فالسيد الماجيدي لا يستمد أهميته، سوى من الوظيفة البروتوكولية، التي يشغلها، وقبلها صداقته للملك محمد السادس (هل توجد صداقة حقيقية في السياسة ؟) منذ كان وليا للعهد. وبالتالي فإن المسألة تتعلق بواحد من رجالات المخزن الجُدد الذين "يسهرون" على تنفيذ سياسة الملك، ومن ضمنها طبعا نزع المِلْكِيات المخزنية القديمة، وتحويلها إلى أغراض أخرى وما المُستفاد من كل هذه الجعجعة؟ أليس الأمر مُتعلقا فحسب بواحد من تلك الدروس "البليغة" التي يُلقنها المخزن العتيق لرعاياه على مدى أجيالهم، ويتمثل - أي الدرس البليغ - في أن المخزن كان قد رضي، منذ مئات السنين عن الخدمات "الجليلة" لأحد أعوانه (يتعلق الأمر هنا بالقايد بركَاش) فأقطعه على طريقة الحكام العرب القدامى، بضعة أفدنة ( جمع فدان ) وقد شاء المخزن بعد ذلك بزمن طويل، أن ينتزعه منه، ويمنحه لعون آخر يرضى عنه و... "تلك الأيام نداولها بين الناس". إن المخزن لا يستقيم على حال، لأن في ذلك سيكون هلاكه، لذا فهو يُبدِّل خُدامه مثلما يُبدل الرجل المِزواج المِطلاق نساءه، فبالأمس كان القايد بركَاش وبا حماد والمنبهي ثم المقري وأفقير والبصري، واليوم الهمة والماجيدي وحرزني وصلاح الوضيع، وسبحان مُبدل الأحوال، وعلى فكرة، هل قِسْتُم حجم، وعمق النكران، الذي وصل حد النبذ، الذي واجه به أقارب ومُقربو رجال المخزن الأقوياء، نظير إدريس البصري وعبد المغيث السليماني عبد العزيز العفورة و عبد العزيز إيزو... حينما غربت عنهم شمس السلطة؟ وبالتالي، ألا يُمكن القول، أننا شعب حقير يُقدم الأسباب والمبررات الكافية، ليستمر المخزن المعقوف الشاربين في ذبحنا من الوريد إلى الوريد؟