قال المقرئ الإدريسي أبو زيد، المفكر الإسلامي والقيادي في العدالة والتنمية، إن هناك مفارقة تسِمُ الوضع المغربي اتجاه الأعراف المُجافية للقانون والمُناقضة للشريعة الإسلامية، وتتمثل في كوننا ننهج في المغرب سياسة النعامة من خلال دفن رؤوسنا في الرمال، فنقول إننا مسلمون والقانون يمنع الأمور المخالفة مثل الدعارة. وتأتي تصريحات المقرئ أبو زيد تعليقا منه على توجه الحكومة الفرنسية نحو إيجاد كافة الوسائل التي تساهم في الحد من الدعارة والبغاء في البلاد، كما أن عدة أحزاب فرنسية سبق لها أن طالبت ب"إلغاء الدعارة في فرنسا من أجل الوصول إلى مجتمع بعيد عن ممارسة الدعارة". الرؤوس في الرمال واستدل أبو زيد، في تصريحات عبر الهاتف لهسبريس، بموقف فريق برلماني لجأ إلى القاعدة الفقهية: "المعدوم شرعا كالمعدوم واقعا"، وذلك في تعليق هذا الفريق على امتناعه عن التصويت سنة 2000 على مقترح قانون قدمه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بخصوص الحد من ترويج الخمور في المجتمع. وتابع أبو زيد بسرد أمثلة أخرى تدل على أن العقلية المُستحكمة في البلاد هي العقلية "النعامية"، ومن ذلك المُشرع المغربي الذي برر الامتناع عن استعمال بالون فحص الكحول لدى السائقين، وتزويد الشرطة ورجال الدرك بهذا البالون، بأن الموافقة على ذلك هو كأنه اعتراف بأن الخمر شائع في المجتمع. واستطرد القيادي في العدالة والتنمية بأنه إذا سئل المسؤولون عن فكرة شن حملة ضد الدعارة والاتجار في اللحوم البشرية، لأنكروا وجود شيء اسمه الدعارة في المجتمع، ولأجابوا أيضا بأن القانون المغربي يُجرم أصلا العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج. الصراع بين مشروعين ولفت المتحدث إلى أن دعاة الرذيلة في البلاد مافتئوا يطالبون بتقنين الدعارة وعدم تركها بطريقة فوضوية ومسكوت عنها حتى لا تكثر الإصابة ب"السيدا"، كما أنهم يريدون هيكلة هذا القطاع عبر استخلاص الضرائب ممن يسمونهن "عاملات الجنس"، باعتبار أن كلمة "مومسات" لفظة قدحية في نظرهم. ولخَّصَ أبو زيد المواقف اتجاه الدعارة بالمغرب في مواقف من يتخذ أسلوب النعامة، ومواقف أخرى وصفها بالعلمانية الوقحة التي تسعى إلى استحداث أوضاع أخلاقية تراجعت عنها حتى أمريكا وكندا وفرنسا، من خلال حملات للعفة وحملات ضد التدخين والخمور، وحملات لمكافحة المخدرات يتم تنظيمها في هذه الدول الغربية والعلمانية. وخلُصَ المفكر الإسلامي إلى أن هذا الوضع يؤشر على حالة مرضية فصامية، مردفا بأن الحل هو أن يُواجَه المشكل بالوسائل المتاحة من أجل تفعيل الحس الديني لدى الناس، قبل أن يسترسل بأن هذا الحل المرتكز على الوازع الديني غالبا ما يثير أعصاب وغضب الجهات العلمانية. وختم أبو زيد حديثه لهسبريس بأن هذه تجليات فقط لظاهرة الانفصام في التعامل مع الظواهر المشينة التي تستفحل في المجتمع، وإلا فإن الصراع في الواقع هو بين مشروع علماني يستنفر كل طاقاته لتحقيق غاياته، وبين مشروع وطني ينتمي إلى هذه الأمة ويسعى إلى الحافظ على مقدراتها الرئيسة، والتي تتمثل في عقيدتها ودينها وأخلاقها وأصالتها"، وفق تعبير المتحدث.