لم تشفع توضيحات النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية المقرئ الإدريسي أبو زيد، والتي أكد فيها أنه لم يقصد أهل سوس ولا الأمازيغ ب"النكتة" التي وردت في مقطع الفيديو الذي تُدوول خلال الأسبوع الماضي في المواقع الإلكترونية والاجتماعية على نطاق واسع، (لم تشفع) في إخماد "غضب" الأمازيغ. عصر اليوم الاثنين، كان المقرّ المركزي لحزب العدالة والتنمية في حي الليمون بالرباط قِبْلة لعشرات النشطاء الأمازيغ، الذين نفذوا وقفة احتجاجية ضد ما أسموه "عنصرية المقرئ الإدريسي أبو زيد". وندّد المشاركون في الوقفة، سواء من خلال الشعارات التي صدحت بها حناجرهم، أو اللافتات التي رفعوها، ب" التصريحات العنصرية المقيتة الصادرة من طرف المقرئ أبو زيد الإدريسي". وإضافة إلى صاحب "النكتة"، طالت احتجاجات النشطاء الأمازيغ كُلاّ من الأمين العامّ لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، على وصفه للغة الأمازيغية المعتمدة في المدرسة، خلال الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية الماضية بكونها تشبه "الشينوية"، وكذلك الرئيس السابق للذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، حركة التوحيد والإصلاح، أحمد الريسوني؛ ودعا المحتجّون إلى إقرار قانون "لتجريم العنصرية ضدّ المغاربة"، معتبرين أنّ "التصريحات العنصرية لأبي زيد تضرب في العمق وحدة الشعب المغربي". ورغم أنّ المقرئ الإدريسي أبو زيد قال إنّه لم يقصد لا الأمازيغ ولا أهل سوس بالنكتة التي خلفت موجة من الاحتجاج، وأنّه استدلّ بها كما يفعل عادة، مع ملايين النكت، في جميع محاضراته، إلا أنّ الناشط الأمازيغي والمحامي أحمد أرحموش، اعتبر أن ما صدر عن أبي زيد "يدخل في إطار السياسات المتّبعة من طرف حزب العدالة والتنمية تجاه الأمازيغية". وقال أرحموش في تصريح لهسبريس، "لو قال أبو زيد تلك النكتة في بيته لَمَا احتجّ عليه أحد، لكن أن يخرج إلى الفضاء العامّ، ويروج لخطاب من هذا النوع، وإذا أخذنا بعين الاعتبار موقف الحزب الذي ينتمي إليه من الأمازيغية، يتبيّن بكل وضوح، إلا للجاحد، أنّ هناك سعيا نحو إغلاق ملف الأمازيغية، وإسكات أصوات الأمازيغ، ووْقف أية مطالب تتعلق بتفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية". وأضاف أرحموش "هذا هجوم متعمّد، لتدمير ما تبقى من الهوية المغربية، وإبقاء الحركة الأمازيغية في ملفات هامشية"، وزاد "لا يجب أن نقبل لأيّ مسؤول سياسي، بتصريف مثل الكلام الصادر عن أبي زيد، والذي نقول إنه لن يزيدنا إلا صمودا وتشبثا بمطالبنا". وعلى المنوال نفسه سارت أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة العالم الأمازيغي، إذ قالت إنّ ما صدر عن المقرئ أبو زيد "ليس المرّة الأولى التي يمارس فيها قياديو العدالة والتنمية مثل هذه "الحكرة"، مستغربة عدم صدور أيّ ردّ فعل من طرف حزب العدالة والتنمية، "الذي كان عليه أن يُصدر اعتذارا". وردّا على نفي المقرئ أبي زيد أن يكون قصَدَ الأمازيغ أو أهل سوس بما صدر عنه، قالت بن الشيخ "هذا غير صحيح، هو قصد الأمازيغ وأهل سوس الذين تحدّث عنهم بتهكم، وإلا فما معنى حديثه عن عرق المعين، نحن في المغرب لا نقول أعراق، بل مغاربة لدينا أصول أمازيغية، منهم المعرّبين، ومنهم من لا زال محافظا على أمازيغيته، لذلك فالحديث عن عرق معيّن في حدّ ذاته يحيل على الأمازيغ". واعتبرت بن الشيخ "نكتة" أبي زيد "بمثابة نوع من العنصرية المتسلسلة"، وزادت "بعد تصريحات عبد اللطيف وهبي التي احتجّنا عليها في وقت سابق، وقبلها تصريحات بنكيران وأحمد الريسوني، آن الأوان لكي نقول اليوم كفى لهذه العنصرية، عبر النضال السلمي". وجوابا عمّا إذا كانت هناك "جهة" هي التي عمدت إلى إخراج "نكتة" أبي زيد في هذا الوقت بالذات، للتشويش على حزب العدالة والتنمية، كما قال هو، ردّت بن الشيخ "لا يهمّ من أخرج هذه التصريحات إلى حيّز النقاش العمومي، المهمّ أنّ التصريحات قيلت، سواء الآن أو قبل سنة أو أكثر". وأضافت "نحن شعب واحد ونعتز بمغربيتنا، ومن لديه وطن آخر فليذهب إليه، أمّا نحن فليس لدينا وطن آخر غير المغرب، ولا نذهب إلى دول أخرى ونشكي ما نتعرض له، ما نقوله في الخارج وأمام المنظمات الدولية نقوله هنا، وبوجوه مكشوفة، ولا ننتظر أن نذهب إلى دولة معيّنة لكي نتحدّث عن معاناتنا".