سجل محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة خلال الكلمة الافتتاحية للملتقى الوطني للحوار حول سياسة المدينة اليوم الأربعاء بالرباط، أن التحولات الجذرية التي سجلها المجال المغربي، خلال العقدين الأخيرين، أدت إلى انتقال الثقل الديموغرافي من البوادي إلى المدن، حيث أضحت المدن المغربية تحتضن نحو ثلثي ( 65 في المائة) ساكنة البلاد، كما أنها تُنتج ثلاثة أرباع الناتج الوطني الخام، وتحتضن نحو 70 في المائة من مجموع حجم الاستثمارات بالمملكة. وأوضح بن عبد الله أنه من المرتقب أن يرتفع هذا المعدل إلى ثلاثة أرباع هذه الساكنة (حوالي 75 في المائة ) في أفق سنة 2030، ما يفسر وفق المتحدث الأدوار الأساسية التي صارت المدن المغربية تؤديها، سواء في الاقتصاد الوطني أو على مستوى تطور المجتمع، ومن جهة ثانية الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والبيئية التي أصبحت تعرفها هذه المدن، والناجمة أساسا عن ضعف طاقاتها الاستيعابية، وعدم قدرتها على إدماج التزايد السكاني المتواصل. وجدد وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة التأكيد أن الحوار الوطني بشأن سياسة المدينة، بمختلف مراحله ومستوياته، أوضح أن السياسات العمومية المنتهجة في هذا المجال، أفلحت في بعض الجوانب، وحققت نجاحات نسبية هنا وهناك، رغم اعترافه بأن هناك نقائص لا يمكن تجاوزها إلا بالاستناد إلى إلتقائية وانسجام مختلف المتدخلين، من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية وجماعات محلية، في إطار سياسة للمدينة قائمة على مرجعية متوافق حولها، محددة الأهداف ووسائل التمويل والتنفيذ. وأشار بن عبد الله في هذا الاتجاه إلى أن المدن المغربية تعرف عددا من الاختلالات نتيجة لأوضاع ومظاهر الفقر والهشاشة الحضرية وتجلياتها على مستوى تجمعات السكن غير اللائق، بفصائلها المختلفة، وتدني جودة المجالات الحضرية، وما تعرفه المدن التاريخية والأنسجة العتيقة من اختلالات وظيفية عميقة وتقهقر لحق بالتراث الحضري والعمراني وبالإطار المبني، وإشكالية البنايات المهددة بالانهيار والتي أصبحت تكتسي حدة كبيرة. ونبه نفس المتحدث أن ذلك يفرض أن نجعل من المدن العتيقة فضاءات لإلتقائية البرامج والتدخلات في إطار إستراتيجية متكاملة ومندمجة ، فضلا عما يتطلبه الأمر من تدخلات استعجالية، وتعبئة لإمكانيات استثنائية في الحالات الموجبة لذلك. كما تتمثل هذه الاختلالات يقول الوزير في التجاوزات التي تعرفها هوامش المدن والمناطق المحيطة بها، التي أصبحت عرضة للمضاربات العقارية، ولانزلاقات تهدد الآفاق المستقبلية للمدينة المغربية.