قال محمد بنعيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة ووزير خارجية المغرب السابق، إن من صميم ما يجب أن يسعى إليه أي مجتمع ينشد الحداثة، هو العمل من أجل إقامة نظام يتساند فيه بتواز وتوازن، عمادا الديمقراطية والتنمية المستدامة، باعتبارهما ركنين متلازمين لا يستقيم البناء من دون أحدهما. "" وقال بنعيسى، الذي كان يتحدث الاثنين الماضيبمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في المنامة، في محاضرة القاها عن تجربة مواسم اصيلة الثقافية الدولية، بمناسبة تظاهرة "ربيع الثقافة"، انه ينظر إلى الديمقراطية كمفهوم إجرائي وعملي للتعايش "يطرق أذهاننا كلما جرى الحديث العقلاني بيننا عن الثقافة والتنمية. حديث أو تأمل، لابد، وطبقا لمنطق الأشياء، من أن ينتهي إلى التسليم بسمو قيمة الحرية التي أعتبرها شخصيا، ولا أبتكر شيئا في هذا الصدد، السماد المخصب لزرع الإبداع والتنمية المستدامة والتنوير الصحيح". وتحدث بنعيسى حسب جريدة الشرق الأوسط اللندنية عن مدينة أصيلة، مسقط رأسه قبل انطلاق فعاليات الموسم الثقافي قائلاً: "أننا لم يكن في نيتنا أبدا مناوأة الأحزاب السياسية في بلدنا أو أي تنظيم من أي صنف كان". وأضاف: "هدفنا كان بسيطا وطبيعيا: أن نخلق في بلدة صغيرة، أرضية توظف فيها الثقافة والإبداع لتحقيق تنمية السكان والبيئة. وتكون في نفس الوقت أرضية لتلاقي النخبة والصفوة من المفكرين والمبدعين والباحثين من مختلف التوجهات الفكرية والخيارات الآيديولوجية والحضارية. وهو هدف فرض علينا أن لا نستسلم لأي توجه سياسي. وقلنا لمنتقدينا من الفاعلين السياسيين إن الاشتغال في الساحة الثقافية ليس حكرا على أحد، كما أن التقدمية ليست وقفا على توجه سياسي معين". وكشف بنعيسى انه بعد تأسيس الجمعية الأم "خضنا، مكرهين، معارك ومواجهات لا حصر لها مع السلطة المحلية والأمن بسبب النشاط الثقافي والفني غير المسبوق الذي أصبحنا ننظمه كل صيف بالامكانات المتاحة المتواضعة جدا." وتساءل:"كم كان حظ أصيلة كبيرا وتاريخيا، أن وهبتها الأقدار، نصيرا استثنائيا لتجربتها الثقافية، في شخص عاهلنا الراحل جلالة الملك الحسن الثاني، حيث شجعنا بل حمانا من شطط السلطات وأعطانا الأمان وإشارة الاستمرار". وقال: "كان عاهلا حداثيا، بما في هذه الصفة من نبل وسمو معرفي. قدم دعما ثمينا لمواسم أصيلة وتظاهراتها الثقافية والفنية، حينما اصطفى ولي العهد آنذاك، جلالة الملك محمد السادس، لتلتئم في ظل رعايته الشرفية لها ورئاسته الفعلية افتتاح دوراتها، فكان حضوره المادي والمعنوي إلى جانبنا أحسن سند آزر ودفع التجربة التنموية في أصيلة نحو المستوى الذي بلغته". وخاطبني رحمه الله قائلا:"أجعل من أصيلة مثل حديقة هايد بارك في لندن. دع الناس يقولون مايشاءون، وليستنشقوا هواء الحرية". وأشار إلى أنه "كان في حضور ومؤازرة عاهلنا جلالة الملك محمد السادس، منذ كان وليا للعهد، أكبر سند للمضي قدما في إنجاز ما أصبح يسمى "مشروع أصيلة الثقافي". وحتى يومنا هذا، يتولى جلالته برعايته السامية كل نشاطات أصيلة الثقافية والتنموية ويكرم المدعوين لمنتدياتها من القادة السياسيين، والعلماء والباحثين والمبدعين بتوجيه رسائل ملكية لملتقياتهم كراع لمسار الانفتاح والنمو والازدهار الفكري والتنموي الذي تعرفه المملكة المغربية في عهده الناهض".