دعا محمد بنعيسى، رئيس مؤسسة منتدى أصيلة، إلى استقبال وزير الثقافة الجديد، بنسالم حميش، بالزغاريد، خاصة أن حظ هذا الأخير شاء أن يكون أول نشاط بعد تعيينه هو افتتاح الدورة 31 ل «موسم أصيلة الثقافي الدولي». وسجلت جلسة افتتاح الموسم أول امس السبت فاتح غشت 2009، أربع لحظات؛ أولها كما أوضح محمد بنعيسى، مدير مؤسسة منتدى أصيلة أن تجربة موسم أصيلة تعتبر «بذرة فكرية لمبدأ الجهوية» الذي اعتمده المغرب لاحقا. وقال بنعيسى إن المؤسسة نجحت في جعل أصيلة فضاء للحوار المنتظم بين النخب الآتية من بلدان الجنوب والشمال، والشرق والغرب، وأنها مهدت لما أصبح يدعى اليوم «حوار الثقافات وتواصل الحضارات»، مضيفا أن الموسم تمكن، عبر تبني مفهوم واقعي وعلمي للثقافة، من الخروج من «دوائر الحوار الضيقة والصالونات المغلقة»، مما أفضى إلى عقد توافقات فكرية بين فاعلين في الميدان. ثاني لحظة قوية تمكن توقيعها الرئيس السابق لغينيا بيساو الذي عاد بالجميع إلى ما وقع قبل 600 عام، حين اقتحم المستعمرون (البرتغاليون والهولنديون والبريطانيون والفرنسيون) بلاده لاستغلال مناجم الذهب. ولم يكتفوا بذلك بل هاجمها تجار الرقيق واقتادوا أهلها إلى «العبودية». وقال: «ما وقع لم يكن تعاونا، بل كان استغلالا. والآن نحن جميعا مدعوون إلى إقامة تعاون حقيقي بعدما اندحرت العلاقات الرقية. ونحن نتوقع الوصول إلى شراكة حقيقية». ودعا المسؤول الغيني السابق إفريقيا إلى الارتقاء بنفسها، وألا تعيد إنتاج التاريخ، لأن إفريقيا الآن هي أغنى قارة طبيعية، و«على أوربا طالما أنها تعرف إفريقيا كما تعرف العالم العربي منذ زمن بعيد، أن تتحمل مسؤولية إقامة تعاون مبني على شراكات وتعاون حقيقي». اللحظة القوية الثالثة رسمتها كلمة وزير الخارجية الإسباني، ميغيل موراتينوس، الذي قال إنه شارك في موسم أصيلة 6 مرات، وأنه يعرف المغرب كديبلوماسي منذ 25 سنة، ويعرف جيدا «كم تغير المغرب؟ وكيف تغير؟ وكيف تغيرت العلاقات مع المغرب؟». وأوضح أن المغرب وإسبانيا اللذين طالما نُظر إليهما ك«جارين بعيدين» محكوم عليهما بالتفاهم والاشتغال يدا في يد لخلق علاقات للتعاون والنمو والحداثة. ولم يفت رئيس الديبلوماسية الإسبانية أن يهنئ الملك محمد السادس على «تفانيه في تمتين العلاقات الجهوية والدولية وتحسينها مع إسبانيا». وقال إن مفاهيم من قبيل جنوب جنوب أو شمال جنوب أو شمال شمال أصبحت متجاوزة، لأنها تنتمي إلى القرن العشرين، وأن العالم أصبح أكثر تعقيدا ولم يعد يحتمل مثل هذه التقاطبات. رابع لحظة قوية سجلها عرض مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية ومدير الجامعة العربية في تونس الذي قدم درسا في تاريخ التلاقح الثقافي بين إفريقيا والعرب وشبه الجزيرة الإيبيرية وأمريكا اللاتينية، حيث أسهب في تقديم بعض ملامح هذا التلاقح انطلاقا من أعمال الشاعر الكوبي «خوسي مارتي» الذي قدم أول عمل مسرحي له بعنوان «عبد الله» عن رجل مصري من النوبة. الجلسة الافتتاحية تميزت كذلك بالكلمات التي ألقاها كل من رئيس البرلمان الكوبي ورئيس البرلمان البرتغالي، إضافة إلى كلمتي وزير الثقافة الإماراتي ووزير الثقافة المغربي. وتبقى الرسالة الملكية التي ألقاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، في مستهل جلسة الافتتاح، كما وصفها بعض الحاضرين، أكبر تشجيع لموسم أصيلة الثقافي الدولى، خاصة أن موضوع «التعاون العربي الإفريقي الإيبيرو لاتينو أمريكي» يستأثر بالاهتمام الملكي، ذلك أن الندوة كما جاء في رسالة محمد السادس إلى المشاركين تشكل «فرصة سانحة لمواصلة التفكير في القيمة الاستراتيجية لهذه الشراكة، وفي امتداداتها على مستوى الفضاء المتوسطي، وفي إفريقيا الغربية وأمريكا الجنوبية وأوربا مستحضرين المخاطر المحدقة بدولنا، وكذا الرهانات الجسيمة التي تفرض علينا التضامن والعمل الجماعي لصيانة استقرار دولنا والحفاظ على وحدتها وسلامتها من نزوعات البلقنة».