تقديم: الجبال في المغرب ثروة ,من شدة ظهورها خفيت عن كل الحكومات المتعاقبة؛حتى في جماعة قروية جبلية يردون عليك:ماذا تريدنا أن نفعل ليس لدينا سوى الجبال؟ حينما زارتني "فرونسواز" البلجيكية ,بقريتي؛انبهرت بمنظر الجبال الزكراوية الشماء ؛ثم ضحكت وقالت:حينما يشتاق الهولنديون إلى منظر الجبال يزورون تلا متواضعا ببلجيكا- يسمونه جبلا- يقضون فيه سحابة يومهم؛صاعدين ونازلين .. أما الغابات في المغرب فلا يطالها غير الهدر ؛وكأنها ميراث أب غني,قتر كثيرا على أبنائه. متى ننتبه إلى هذا الكتاب المفتوح – وهو من الكتب السماوية التي لم تحرم علينا الزيادة فيها- فنظهره في طبعة جديدة مزيدة ومنقحة؟ وهما- الغابة والجبل- فضاء أونثروبولوجي ثقافي أيضا. من يستمع إلى نبضهما الأزلي؟ سكان الجبال والغابات أغلبهم أمي ؛ ومثقفو الصالونات والمقاهي لا يفهم أغلبهم حتى في صعود الجبال ,واختراق الآجام ؛فكيف يحاورونها؟ هل ننتظر " غودو" أم نبيا بيئيا ؛ ونحن نعلم ألا نبي بعد المصطفى صلوات الله وسلامه عليه؟ نموذج غابة الزكارة : تتجاوز مساحة غابة الزكارة السبعة آلاف هكتار (7000),دون احتساب سهوب الحلفاء .هذه المساحة موزعة بين جماعة بولنوار 5000ه ,وجماعة مسفركي:2105ه. هذا الواقع يجعل من الزكارة –إضافة إلى كونها قبيلة جبلية- قبيلة غابوية بامتياز. لا يتأسس هذا على مساحة الغابة, فقط ,بل, أيضا ,على حضورها الأنثروبولوجي, الثقافي القوي. فحينما يصدح الراعي الزكراوي ,في شواهق الجبال متغنيا بحبيبته: آنوري ياالغابة نوري آنوري دركي ذاك الغزال. وقد تجيبه هي بلعلعة زغرودة ,يتردد صداها بين الجبال ؛ايذانا بميلاد عشق غابوي؛ نقف على عمق هذا الحضور ,وينفتح أمامنا فضاء آخر غير أرقام المساحات ,والمردود الاقتصادي الغابوي. تحضر الغابة والجبل في المخيال الزكراوي-وكل القبائل الجبلية والغابوية- وفق أشكال وصور متعددة: فهي فضاء ملغز ,مفارق للمألوف, حيث تستنبت الأساطير التي تتناقلها الأجيال ,عبر مرويات الجدات غالبا ,و حيث يقع الغريب اللامتوقع: " حمو لحرامي" ,بتغربه ووقوعه أسيرا لدى(لغوال ولهوال) وبحثه الليلي المضني والمخيف عن قبس من نار أسرته؛يرشده إليها في ليل الغابة البهيم والمرعب: ( يلا انت دار ابا واما قربي قربي ؛ ويلا انت دار لغوال ولهوال بعدي بعدي) -آلغ نطامزاا(جرف الغولة) بمنطقة أزغوغ.لم يكن مجرد اسم في المخيال الزكراوي الراشد ,بل كان الصغار,وربما حتى بعض الكبار, يعيشونه واقعا مخيفا يفرخ مئات الحكايا . تبدلت الأوضاع اليوم ,مع تراجع رهاب الأماكن (المسكونة)لكن جرف الغولة هذا,وفي موضع آخر غار الغولة لا زالا يؤثثان جغرافية القبيلة . -ألغ اووذاي(جرف اليهودي) الذي لا أحد يعرف ماذا جرى فيه حتى يحمل هذا الاسم الموسوي ؛دون سائر جبال الزكارة. وفي موضع آخر (تلاث وجدارمي) :شعبة الدركي ؛بنفس الاستعصاء على التفسير ,خصوصا وقد تأكدت بأن زمن التسمية يحيل على درك المستعمر الفرنسي.ماذا حدث لهذا الدركي؟ لا أحد يعرف. -آلغ اييسام(جرف الصواعق)الذي تكاد لا تخطؤه السماء حينما ترعد وتبرق .هذا وافع قائم لايخالطه الخيال ؛ ومن هنا الرهبة التي تصيب المتواجد به ,حتى ولو صحت. - ثغيلاسث (اللبؤة)تطلق على تلال موحشة ؛غطاؤها النباتي ,خصوصا الحلفاء,كثيف؛تحيط بفضاء أجرد تخترقه أخاديد جافة. لا خلاف حول تواجد الأسود بها ذات تاريخ .اليوم هي في المخيال فقط ؛ وكلما قادتني خطاي إلى المكان , في موسم القنص, أتخيلها,هنا, في مرابضها ,وأعيد- ذهنيا- إلى المكان ما انقرض منه من شجر فيتشكل منظر غابوي مخيف لكنه مثالي بيئيا ,ولن نعيشه واقعا أبدا: ( ما بقات غابة ما بقاو سبوع) تلاث (يفيس): الضبع,في خلاء موحش بمنطقة "قبر امباركة"؛ تثير بدورها الرهبة ,لأن الضبع أرق حقا أجيال القبيلة إلى درجة يمكن الحديث فيها عن رهاب الضبع ؛ولو جمعت تحت هذ العنوان كل الحكايا –وهي في أغلبها واقعية-لعدت بالمئات ,فقط على مستوى المرويات الحديثة. الصبي الذي يروي المسنون أن الضباع تخطفته,بطريق جرادة الغابوية, من يد أمه ؛ومرافقوها ينظرون. الرجل الذي تمكن من التربص بضبع ,وقد باغته و هو منهمك في نبش أحد القبور الحديثة,فانتظر حتى واتته الفرصة فهجم على الحيوان ,قاطعا بالسكين,و بسرعة فائقة, عصبي رجليه الخلفيتين ,ثم أجهز عليه. لم يكن هذا حظ رجل آخر ,وقع فريسة لتخدير الضباع,وهو في طريق غابوية,فانقاد وحماره إلى المصير المرعب المعروف. ثم من هي "مباركة" هذه ,التي تسمت المنطقة كلها باسم قبرها؛وهي تعرف اليوم ,اختصارا ب:"لقبر"؟. لم تكن غابة الزكارة,وجبالها, فضاء للأساطير والحقائق المخيفة فقط ؛بل هي في أغلب أحوالها مصدر للذكريات العذبة ,والمتع الحسية ,فالراعي الذي طلب من الغابة أن تزهر حتى تخفي حبيبته عن الأنظار كان يؤشر على بداية قصة حب ,وربما أسرة وأسر وهكذا. ذاك النحال الغابوي الذي يقرفص فوق صخرة,وكأنه راهب بوذي, منتظرا مرور شغالة من النحل تحدد وجهته الصحيحة في بحثه ؛سينتهي به الأمر ,لامحالة, الى كنز من الشهد العذب و(الشراب المختلف الألوان). وذاك الراعي الذي يسعى منذ الصباح الباكر إلى تحديد مكان بيض الحجل, في تلال الحلفاء معتمدا فقط على حدسه و على جاسوس ساذج ليس سوى ذكر الحجل(الحيزون) الذي يتخذ له موقعا يقابل دائما,عن بعد, الأنثى وهي تحضن البيض ,ويتواصل معها بصوته المعروف(عيشت).هكذا يوقع المسكين بها دون أن يدري . يذكر أوغست موليراس ,في معرض حديثه عن الثراء الغابوي الزكراوي القديم ,أن بعض الغزلان ,ربما الشاردة, كانت تخالط قطيع الماعز, حينما يروحه الراعي ,وتمضي معه إلى زريبته ,مثيرة المتعة والسرور لدى الأسرة المحظوظة. أما( موريس دو شافانياك) في رحلته المعنونة ب(من فاس الى وجدة )وقد قام بها سنة 1882, فيتحدث عن وضع آخر أكثر غرابة لنوع من غزلان جبل الزكارة. يقول:( بعد ساعة من مغادرتنا القصبة- العيونالشرقية- عبرنا مجرى واد جاف(وادي بورديم)؛على يسارنا تتراءى جبال بني واسين ,وعلى يميننا جبل الزكارة,وقمته تشبه قمة جبل مغرسهوم. تتواجد بهذا الجبل غزلان الأروية mouflons وتحكي الأسطورة الشعبية بأن هذه الغزلان تندفع,أحيانا, من أعلى قمة في الجبل, فتتهاوى من علو شاهق,ولدى ارتطامها بالأرض تنغرس قرونها في التربة ,وتموت على هذه الحال.) لم يكن الأمر أسطورة ,كما اعتقد "شافانياك" بل هي عمليات احاشة مرعبة ؛كانت تنتهي بغزلان متردية أسفل الجبل هروبا من مطاردين كثر.. وصولا الى هذا الحد أتساءل : من قال بأن غابة الزكارة-كغابات باقي القبائل الأمازيغية -مجرد مساحة تقاس ؟ من قال إنها مجرد أشجار تصان أو تقطع؟ غابة الزكارة , كما جبالها, مدار حياة القبيلة, تؤطر مخيالها وتخصبه ,كما تحتل موقعا أساسيا في حياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. هذا ما لم يفهمه موليراس وهو يسلك كل السبل لفهم أعرافها وتقاليدها وتميزها وتفردها في العديد من الجوانب ,على غرار باقي أمازيغ الغابات والجبال. سلك كل السبل عدا سبيل الغابة والجبل؛الذي يرسخ الحذر ,وتوقع الخطر من الآخر,ويعلم تفضيل العلو والوعورة على السهول المنكشفة. كل هذا يشكل المخيال ويراكم أعرافا قد تختلف كلية عما في السهول والمدن. في لقاء مع مسؤول بادارة المياه والغابات بوجدة ,بصفتي – وقتها-رئيسا مؤسسا لجمعية مسفركي للقنص,وهي ذات توجهات بيئية أيضا, حدثته عن كون شجر البطم الذي يتعرض اليوم للإبادة كان يحتل مكانا مهما في الوجدان الزكراوي القديم؛فشجرة البطم,المعمرة جدا, ليست مجرد شجرة نكرة لا يتألم أحد لاجتثاثها ,ولا يفرح أحد لصيانتها. انها ,في القبيلة, تحمل أسماء ذات دلالات: (اج نلعربي:بطمة العربي) (اج نطرويت:بطمة الروضة) . هذه الدلالات أيضا تموت بقطع هذا الشجر المعمر. اج نطرويت مثلا ,ويقدر عمره بمئات السنين, كان مكان جلوس القياد, ,مع شيوخ وأعيان باقي الدواوير,للحكم بين الناس ,وتدبير أمور القبيلة في السراء والضراء؛وقد ارتبطت به العديد من الأحداث الهامة في تاريخ القبيلة. ذات صباح وأنا أتتبع مجرى واد مسفركي,صاعدا من منزلي إلى منابع تالاوين (عملا بالتحريض الرومانسي لجبران خليل جبران) وجدت هذه الشجرة الضخمة مسجاة أرضا ,وكأنها جدة من جدات القبيلة. كل الحكاية أن أحد عمال الأشغال العمومية لم يستسغ أن ينحرف عنها ,يمينا أو شمالا,فداهمها مرارا وتكرارا بجرافته الى أن خرت (على ركبتيهاا) دون أن يتألم لألمها أحد؛حتى المجلس القروي لم تثر ثائرته وكأن ما وقع لا يعنيه ؛ حتى مصالح المياه والغابات ,وهي تعلم أن البطم محمي دوليا ؛ومحمي في تراث القبيلة لم تهتم للأمر. حتى الساكنة لم تزد على التسابق لتقطيع الشجرة.عجبا أتنهبون جدتكم؟ أدركت أن حديثي عن هذه الأمور لا يعني شيئا للمسؤول وهو برتبة مهندس دولة. تذكرت مقالات في علم الاجتماع القروي للراحل ,قبل الأوان, بول باسكون ,وقلت بيني وبين نفسي انني ,بالتأكيد, أمام مهندس لا يعرف حتى من يكون الرجل. راسلت المصالح الغابوية المركزية في أمر البطم الزكراوي, عموما ,فنبهت مصالحها الجهوية فشنت حملة وقائية تحسيسية متواضعة خففت بعضا من غضبي على اجتثاث هذه الجدة. . بعد مدة لمست مؤشرين يدلان على تغير في العقليات: شيخ طاعن في السن يؤنب شابا باع شجرة بطم ب:800درهم لأحد سماسرة الحطب بوجدة. قال له: إننا نجاور هذه الشجرة منذ عشرات السنين , وقد جعنا مرارا,لكننا لم نفكر أبدا في أكلها. تخاصم رجلان أمام رئيس الجماعة القروية السابق ؛كل واحد يدعي أن البطمتين اللتين تسميان (آجون نسوق:بطمتا السوق) ملك له ؛وهو صاحب الحق في قطعهما. تساءل الرئيس بحكمة: يطلق عليهما :آجون نسوق؟,فقالا نعم ؛اذن فالشجرتان ملك للسوق/للعموم ولا حق لأحد منكما فيهما. يتعلق الأمر بسوق قديم جدا-لم يعد قائما- كان يلتئم بعالية وادي مسفركي ,في زمن مضى:(النصف الثاني من القرن التاسع عشر). توالت الأجيال, و لولا نسبة البطمتين الى السوق القديم لزال نهائيا من الذاكرة. في طريق أخرى –تربط مسفركي بالعيونالشرقية- توجد شجرة بطم كثيرا ما يطلق عليها اسم أمازيغي دال على الجمع:(ثاجوين:البطمات) وهذاا يدل على وجود قديم لأشجار أخرى جوارها؛لكنها اقتلعت . من حظ هذه الشجرة أن المهندس المكلف بالطريق أوصى بها خيرا ,فانحرفت الطريق قليلا لتبقى هي حيث هي. ولغابة الزكارة وضع حالي يجب أن أقاربه؛فقد تنقرض لا قدر الله ولا يبقى غير كلامي عنها ؛كما تؤشر على ذلك الجبال الجرداء المحيطة ,مباشرة, بمسفركي. كانت غابوية ذات تاريخ ,وأقوى دليل, يعزز الرواية الشفوية ,بقايا جذوع نخرة ترى أحيانا بين الصخور. في الغطاء الغابوي الحالي, تكاد لا تصادف أشجار البلوط والعرعار الكبيرة إلا في حوافي الوديان(وادي العطشان مثلا) ,وبعدد قليل . باقي المساحة غطاؤها النباتي قصير,وأغلبه حلفاء. لم تترك الفؤوس وقطعان الماشية من إكليل الجبل(الأزير)-النبات الرائع منظرا وعطرا وتطبيبا- غير إكليل هزيل بعالية التلال. انقرض الكريش(ايلكي) كلية ,وتناقص الضرو بشكل كبير. أمام هذا الوضع لم يعد صحيحا أن نتحدث عن غابة بل عن سهوب فقط. لقد أفنت قبيلة الزكارة غابتها من شدة ارتباطها بها,وحضورها القوي في حياتها. فعلت هذا مضطرة وكأنها القطط تأكل صغارها. كيف بدأ كل هذا التدهور؟ ومن يتحمل مسؤوليته؟ لعل الإجابات تتشابه في الوطن كله. في أواخر القرن التاسع عشر حلت بالقبيلة عائلات غواطية عربية قادمة من غواط الجزائر ؛وجريا على عادة القبيلة في قبول الوافد الجديد ,والاستجابة لطلبه حينما يرغب في الاستقرار بتراب القبيلة- خلافا لما يدعيه" موليراس" من كره القبيلة للأجنبي وخصوصا العربي- استجاب القائد لطلب هذه العائلات ,وأنزلها في قلب الغابة ,في سهب أحمد حيث لا تزال تتواجد إلى اليوم. طبعا لم يتم توقع ما ستفعله جمال لغواط بالغابة. استمر وجود قطعان الجمال ,بالغابة,الى أوائل الستينيات من القرن الماضي ؛وأتذكر أن يوم ورودها وادي مسفركي , كان يوم متعة لنا نحن الأطفال؛فنحتفي الصبيحة كلها بطريقة شربها, ورغائها, ولهجة رعاتها . بمنطقة تافرنت ,أنزل نفس القائد المضياف , وافدين عربا آخرين سيكون لهم إسهام,مؤقت, في تدهور المجال الغابوي. يتعلق الأمر بالشيخ بوعمامة ,وقد التجأ بمقاتليه وقبيلته(أولاد سيد الشيخ) وماشيته وجماله إلى المغرب؛ في أواخر القرن التاسع عشر,فارا من مطاردة الجيش الفرنسي بالجزائر. الناظر اليوم سواء إلى سهب أحمد و تافرنت يدرك أن حادثا بيئيا غير عادي حصل في المنطقتين: فحيث يفترض تواجد غابة كثيفة ,باعتبار انبساط الأرض وجودة التربة؛لم تعد توجد سوى سهول ,وبقايا أشجار شاهدة على حجم الكارثة. حتى التسمية ذاتها شاهدة على ماحصل ؛ف(تافرنت) تعني في الأمازيغية المكان الذي قطع أو اجتث ما كان فيه وأصبح نقيا.(يفرن) :فعل يعني نقي من نبات ونحوه. طبعا لا نغفل ما اقترفته قبيلة الزكارة نفسها في حق غابتها سواء قطعا أو رعيا كثيفا أو حرقا. عامل آخر تؤكده الرواية الشفوية ويتعلق هذه المرة بالغزلان التي لفتت بكثرتها أنظار ضباط الجيش الفرنسي ؛فكانوا ينظمون احاشات دورية توقع بالمئات من هذا الحيوان الرائع .قيل لي بأن آخر غزال تم اصطياده في سبعينيات القرن الماضي. يضاف إلى هذه العوامل –خصوصا في السنين الأخيرة- ما يلاحظ من ارتخاء وعدم جدية المسؤولين الغابويين في تطبيق القوانين ؛بل أحيانا تواطؤهم المفضوح مع ساكنة الغابة. إن صرامة هذا الجهاز تنتمي للماضي فقط ؛إذ كلما أثرت هذا الموضوع مع كبار السن إلا وحدثوني عن أيام زمان حيث كانت (للكرض):حارس الغابة, هيبته.بل كان يخيف أكثر من القائد ,على حد تعبيرهم ؛ويسردون على مسامعك حكايا هؤلاء مع القناصين والحطابين والنحالين؛فتتحسر على مضي زمن الحماة المخلصين والعزة الغابوية . اليوم ينتج الفحم الحطبي والقطران علانية ولا رادع .بل رفعنا شكايات ولوائح بأسماء الجناة بدون نتيجة تذكر ؛عدا حملات سرعان ما تخبوا لتشتعل نيران "الكوشات" من جديد. رائحة القطران المنبعثة من الأفران "السرية" داخل المنازل تزكم كل الأنوف عدا أنوف الجهات المختصة. لا راد لضياع الإرث الثقافي: قد نفتح ,بكل جدية, كتاب الغابات والجبال في المغرب؛وقد نخطط وننفذ برامج تشجيرية طموحة؛لكننا لن نتمكن أبدا من "تشجير" الإرث الثقافي الجبلي والغابوي ؛لأنه كخلايا الدماغ لا تتجدد. حتى مصالح المياه والغابات ؛وان جدت, لا يمكن أن تحيط بثقافة الغابة لأنها متمنعة ,بل وتتجاوز اختصاصاتها. يبقى أن نيمم شطر برامجنا التعليمية ؛وشطر مثقفينا ,من ذوي الأصول الجبلية والغابوية ليدونوا ؛ولو بعضا من تراث يمسكون بتلابيبه قبل أن يندثر كلية ,وتبتلعه هذه الحداثة البكماء والصماء. ان أغلب الجبال والغابات المغربية أمازيغية؛و حتى "تفناغ" ذات عروق غابوية ؛فاحرصوا على الغابات وثقافات الغابات والجبال حتى تصدر الطبعة الجديدة من الكتاب بأبهى حلة. [email protected] Ramdane3.ahlablog.com