تساعد المبادلات الخارجية في النمو الإقتصادي، والمغرب كباقي بلدان العالم تأثر بالأزمة الإقتصادية العالمية لمجموعة من العوامل أهمها ضعف الطلب الخارجي الموجه للمغرب، وارتفاع أسعار المواد الأساسية والتي يستوردها المغرب كالحبوب، السكر، والبترول. في ظل هذا الوضع كل بلد يحاول تنمية المبادلات الخارجية لتحقيق توازن ما بين الصادرات والواردات للمساهمة في النمو من جهة ومن جهة أخرى حتى لا يكون هناك تأثير على الحساب الجاري الذي يجب أن لا يكون فيه عجز، وهذا الحساب دخل في وضع غير مريح منذ 2007 وقد سجل عجز يقدر ب 35.9 مليار سنة 2008 و 36.8 مليار سنة 2009 والذي قد يصل إلى حوالي 64 مليار سنة 2011 أي ما يمثل 7,7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. رغم أن التجارة العالمية حسب صندوق النقد الدولي ستعرف انتعاشا بنسبة 3.7 بفعل دينامية نمو الإقتصاديات الصاعدة كاليابان، الهند، البرازيل وأيضا نسبة النمو في الصين. إلا أن ضعف نسبة النمو في منطقة اليورو مع ارتفاع البطالة سيؤثر سلبا على الصادرات المغربية في هذه السوق وكون الطلب الداخلي بأوروبا ضعيف والطلب الداخلي بالمغرب قوي فإن نمو الواردات سيرتفع مما جعل العجز التجاري يصل إلى 185 مليار درهم سنة 2011 وتغطية الصادرات للواردات ستنزل من 50 بالمائة سنة 2010 إلى 48 بالمائة سنة 2011 وهذا ما سيأثر بشكل ملموس على الحساب الجاري ويعمق عجزه الذي بدوره سيعمق أزمة الإحتياط من العملة الصعبة. إن هذه المعادلة الصعبة أي الرفع من قيمة الصادرات وعقلنة الواردات حتى لا يتعمق العجز التجاري المغربي يتطلب ما يلي أولا تنمية الصادرات سواء السلع أو الخدمات ثانيا عقلنة الاستيراد ثالثا الرفع من الإنتاج في جميع القطاعات رابعا وضع سياسة ناجعة لمراقبة العمليات التجارية وجلب العملة الصعبة. 1 – تنمية الصادرات : تتطلب تنويع الأسواق وتنويع المواد الموجهة للتصدير وهنا لا مندوحة من نهج سياسة الذكاء الاقتصادي في جميع القطاعات للبحث عن أسواق جديدة وكذلك لمعرفة مكامن القوة لتعزيزها والوقوف على مكامن الضعف والعمل على تقويتها. كما أن سياسة الذكاء الاقتصادي ستساعدنا على تحديد فرص التصدير للاستفادة منها وتعزيزها، ومعرفة الأخطار والعمل على إبطال مفعولها. إن تحليل بنية الصادرات المغربية سيتضح أن المغرب يصدر حوالي3063 مادة بزيادة 26 مادة عن سنة 2009 مصنفة حسب منظومة دولية لكن 18 مادة تمثل 50 بالمائة من مجموع الصادرات برسم 2010 مقابل 21 مادة سنة 2009. كما أن المغرب صدر خلال نفس السنة إلى 174 سوق(بلد) لكن حجم الصادرات جد ضعيف بحيث 4 دول تستوعب 50 بالمائة من حجم هذه الصادرات وهي فرنسا، اسبانيا، الهند وإيطاليا. أيضا لا بد للقيام بمجهودات سواء على مستوى الترويج والاستشراف لكي نستفيد من الاتفاقيات للتبادل الحر مع الدول التي وقع معها المغرب للرفع من حجم الصادرات لأن الميزان التجاري مع جل هذه الدول ليس في صالح المغرب بحيث هناك عجز تجاري على حساب المغرب. العمل على تطوير قدرات المغرب من أجل تنافسية قوية وذلك بتسهيل الولوج إلى الأسواق و ربط المغرب مع دول أخرى بوسائل النقل البحري والجوي. أيضا الحرص على الإستفادة من الكميات الجزافية المعفية من الرسوم على المواد الفلاحية مع الشريك الأوروبي. كما أن المغرب مطالب بتشجيع التصدير للسوق الإفريقية والسوق الأمريكية خاصة المواد البحرية لأن أمريكا من أكبر المستوردين لمادة الأسماك. أيضا المغرب مطالب بتوقيع اتفاقيات التبادل الحر مع كندا والبرازيل ولما لا روسيا. 2 – عقلنة الإستيراد : ضرورة القيام بدراسة القطاعات التي تستنزف أموال كبيرة والعمل على بدائل وإذا أخذنا قيمة الواردات المغربية للسلع لسنة 2010 مثلا فهي تساوي 297 مليار درهم أي بزيادة 12.5 بالمائة وهذه الواردات تأثرت بارتفاع مهول في الأسواق الدولية للمواد الأساسية والمواد الطاقية. لقد استورد المغرب 4753 مادة خلال 2010 مقابل 4775 سنة 2009 أي بنقص 22 مادة. يستنتج من هذا أن المغرب مطالب بالرفع من إنتاج القمح و الذرة والشعير والسكر(وقد تستورد كوزيمار حوالي 950000 طن من السكر خلال سنة 2012؟ خاصة إذا علمنا أن الإنتاج المحلي لا يلبي الحاجيات سوى في حدود 45 بالمائة) وذلك بسن سياسة فعالة في هذا المجال قصد خفض فاتورة هذه المواد، وقد مثلت واردات القمح والذرة 60,7 بالمائة من قيمة واردات القطاع الفلاحي سنة 2010 . أيضا المغرب مطالب بالعمل على تقوية السلاسل الإنتاجية في جميع القطاعات لخلق قيمة مضافة والحد من شراء مواد ضرورية لقطاع النسيج و الألبسة كالخيوط مثلا والتي وصلت سنة 2010 إلى حوالي 3,2 مليار درهم وهو ما يمثل 15,6 بالمائة من مجموع واردات قطاع النسيج والألبسة والتي تمثل 7,1 بالمائة من مجموع الواردات الخاصة بالسلع، و الحد من استيراد المواد المكملة في القطاع الصيدلي والتي تمثل رقما لا بأس به. كذلك يجب خلق شراكة إستراتجية مع البلدان التي نستورد منها المواد الصناعية بكثرة لكي تستثمر بالمغرب عبر خلق وحدات بالمغرب مثل مشروع رونو وهو مشروع مثالي يحتدى به ويجب الأخذ به في قطاعات أخرى، والمشروع الأخير بالدار البيضاء للصلب والحديد الذي دشنه ملك البلاد ، كون الحد من استيراد الحديد والصلب سنة 2009 ساهم بشكل كبير في خفض الواردات. أيضا تشجيع المشاريع الطاقية وعقلنة استهلاك البترول بشكل ناجع كون سلوك أسعار النفط يفسر 20٪ من تطور الواردات. 3 - العمل على الرفع من الإنتاج في جميع القطاعات سواء تعلق الأمر بالفلاحة، الغابة والصيد البحري، بالطاقة، بالصناعة الكهربائية ولإليكترونيك، بالصناعة الميكانيكية وذلك بتشجيع الإستثمارات وجلب التكنولوجية المتطورة للرفع من الإنتاجية. 4 - نهج سياسة ناجعة لمراقبة العمليات التجارية مع الخارج وعدم السماح لترك أي جزء من الأموال المحصلة عليها كعملة صعبة بالخارج لتحسين احتياط المغرب من العملة الصعبة الذي عرف تراجعا مؤخرا، يجب تشجيع استثمارات المغاربة المقيمين بالخارج لخلق مورد جديد من العملة الصعبة. *خريج السلك العالي للتدبيرمن المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات