لم أجد أحسن من هذه الجملة للتعليق على تحميل البرلمان الإيراني مسؤولية مجزرة الحولة الدموية لمن أسماهم "العصابات المسلحة" وتبرئة النظام السوري منها،لو صدرت التبرئة من الحكومة أو من مرشد الثورة الذي يمثل إرادة فوقية متعالية على المجتمع تكاد تطاول منصب "الإمامة المعصومة" بتبرمه من الانتقاد لشخصه لقلنا حسابات سياسية تتعلق بحسابات داخلية بين الإصلاحيين والمحافظين،ولكن أن تصدر التبرئة من البرلمان الذي يمثل كل فئات وطوائف وقوميات المجتمع الإيراني هو ما يصعب فهمه،ويشكل انقلابا على الإرث الحسيني المقاوم للظالمين والمنتصر للمستضعفين،ويخالف نهج أهل البيت الذين تسكن الرحمة قلوبهم،أي شيء يمكن أن يبرر اقتحام الأحياء بالدبابات وتوجيه قذائفها إلى المنازل،وما لم يطله تخريب الدبابات تتكفل الشبيحة به مجهزة بالمناشير الكهربائية التي تحز الأعناق والرقاب،وتفصل اللحم عن العظم،لم يسلم الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ،في مشاهد مأساوية تذكر بعبد الله الرضيع الذي وجه إليه أشقاها سهمه فأرداه قتيلا بين يدي والده الحسين في معركة كربلاء،والذي يقتل الأطفال اليوم في الحولة ويبرؤه نظام يدعي نصرة أطفال كربلاء فإنما يصدر في مواقفه عن طائفية بغيضة لا صله لها برحمة الإسلام ورفقه، إن إيران تخاطر بمستقبل علاقتها بالعالم الإسلام كله ذي الأغلبية السنية،وتخاطر بمستقبل الأقليات الشيعية،ومن الغباء أن تعزل نفسها في وقت تشتد ضغوط الغرب عليها،وإن فعلت فلن تجد من يحرك ولو مظاهرة واحدة تندد بأي هجوم ظالم عليها،لأن مصداقيتها خدشت نتيجة المواقف المتسرعة التي تغيب عنها الحكمة ويعوزها التعقل وبعد النظر،ولذلك فهي مدعوة إلى بلورة رؤية استراتيجية جديدة بعيدا عن النظام السوري الذي يعد بقاؤه: - خطرا على حياة المدنيين السوريين - خطرا على التعايش والتركيبة المذهبية المعقدة للمنطقة - خطرا على المقاومة الفلسطينية لأنه باسمها يرتكب جرائمة،وهو بذلك يجاري الاستغلال الصهيوني لما يسمى المحرقة للتنكيل بالفلسطينيين وتذبيحهم،والتراث النضالي الفلسطيني لا يصلح لتبرير الجرائم وإنما يصلح للتأسي والاقتداء والدعم،ولا معنى لتحجج النظام الإيراني لمساندة النظام السوري بالقول أن هذا الأخير يمثل الواجهة الأمامية أمام إسرائيل،ومن يصدق هذه الخرافة يحتاج إلى تصحيح النظر. نعلم أن الغرب يعادي النظام السوري لاعتبارات جيوسياسية ومصلحية لا علاقة لها بالاعتبارات الأخلاقية والإنسانية،لأنه هو نفسه الذي تمطر طائراته بدون طيار الأبرياء في أفغانستان بالقنابل،الشعب السوري يريد الانعتاق من نظام القتل والخوف والقمع وكفى وعلى كل عقلاء وأحرار العالم أن يدعموه.