أعادت الفاجعة الأخيرة التي شهدتها المدينة القديمة بالدارالبيضاء، عقب انهيار ثلاثة منازل بدرب سيدي فاتح، والذي خلف مصرع خمسة أشخاص إلى الأذهان الأوضاع الكارثية التي أصبحت تعيشها المدينة مع الدور الآيلة للسقوط، وما تشكله هذه القنابل الموقوتة من خطورة على حياة الألف من المغاربة هناك. وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله، قال في أخر عرض له بالبرلمان، أن مدينة الدارالبيضاء يوجد بها 4000 مسكن مهدد بالانهيار بدرجات متفاوتة، مشيرا إلى أن هذا الرقم قابل للارتفاع. إلا أن ما أورده علال السكروحي العامل السابق ومدير الوكالة الحضرية للدار البيضاء في عرض بمجلس المدينة في الولاية السابقة يفوق بكثير الرقم الذي أورده بن عبد الله حيث أكد السكروحي أن هذه القنابل الموقوتة التي تهدد حياة المواطنين، وصلت 7000 منزل. تضارب الأرقام حول ظاهرة هذه الدور يكشف أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حولها حيث كشفت دراسة تم إنجازها من طرف لجن مختصة بدار الخدمات بالدارالبيضاء، حول "إشكالية الدور المتداعية والآيلة للسقوط في مدينة الدارالبيضاء" بناء على معاينات اللجن وشكايات الملاكين وشكايات القاطنين، أن عدد الدور الآيلة للسقوط بتراب مدينة الدارالبيضاء يبلغ حوالي 2870 بناية، ويبلغ عدد الأسر القاطنة بها، حوالي 72 ألف أسرة،90 % منها تقطن في عمالات مقاطعات الدارالبيضاء -آنفا، والفداء -مرس السلطان وعين السبع -الحي المحمدي. أكثر من سؤال يطرح حول الظاهرة وفي هذا الاتجاه سجلت اللجنة التي تشرف على هذا الملف بالدارالبيضاء، صعوبة تنفيذ القرارات الخاصة بهدم الدور الآيلة للسقوط، إما بسبب رفض صاحب الملك أو رفض السكان المكترين أو عدم توفر الإمكانيات المالية والتقنية اللازمة لتنفيذ تلك العمليات. ومن بين الملاحظات المسجلة حول إشكالية المنازل المهدَّدة بالسقوط، وجود كثافة سكانية كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى 2000 نسمة في كل هكتار، حيث يتم استعمال منزل مخصص لأسرة أو أسرتين من طرف أكثر من 5 أسر، إضافة إلى مشكل الوعاء العقاري (بقع أرضية جد صغيرة، ملك خاص أو ملك جماعي، إضافة إلى تآكل دعامات تلك البنايات وتسرب المياه العادمة ومياه الشرب والمياه الشتوية داخل الجدران وتأثير العوامل المناخية وضعف مواد البناء المستعمَلة سابقا، إضافة إلى تغييرات عشوائية، دون مراعاة ضوابط البناء وانعدام تصاميم الخرسانة المسلَّحة والصيانة. هذا، وقد كشفت دراسة تشخيصية للوكالة الحضرية بمدينة الدارالبيضاء، لوضعية المدينة القديمة (تأوي 55.852 من الساكنة)، وأن 79 بالمائة من الساكنة، يقطنون بمنازلهم لأكثر من 50 سنة، و19 في المائة منهم ما بين 20 إلى 49 سنة، و1 في المائة ما بين 10 إلى 19 سنة. مشيرة إلى أن وضعية المنازل التي أنشأت ما قبل القرن 19 في حالة مزرية جدا.