تناثرت الأوراق وتبعثرت يمنة ويسارا. تقطعت أوصال الفكر الرصين وقرصنت خلايا الحواسيب ما تبقى من أحلام الأجيال. وتطاولت أعناق وقصرت أخرى وما عادت الأسماء دلالة لمسمياتها. ما الذي دهاك يا مغرب الشمس؟ إلتهمت غابات الإسمنت والصلب أجمل روابيك واصفرت خضرة مروجك وتاه أولادك يبحثون عن ملاذ في صحف الغابرين. بالأمس كنت تزورني في المنام متخفيا في صورة والدتي رحمها الله . فكنت أقرأ في مقلتيها روعتك واستشف من نبرات صوتها الحنون عظمة أن يعيش الفرد منا مغربيا ويموت على مغربيته. ما الذي ألم بك يا مغرب الشمس؟ استأسد عليك الوعاظ وتجار الفتوى وتمنطقوا ببعض الحق لخدمة الباطل وأنت لهم على عهدك لم تتململ. تحتضن حماقاتهم وقطارك يسير ويرتفع صفيره في كل المحطات. رغما عنا كنا نتطلع لغد نستفسره عن شكلك وتفننا في تخيل ذلك الغد المشرق الذي لا يجلد فيه أولادك بمخافر الشرطة ولا تُقتحم فيه البيوت عند الفجر أو بعده بقليل. وكنا ننام على أمل أن تدور عجلتك بثبات وتمضي بنا نحو مستقبل لا يسال فيه أولادك عن أفكارهم ولا تتجسس عليهم فوانيس الشوارع و حيطان البنايات. وكنا نحلم بك خاليا من سلطة مزيفة أو عصابة تحكم باسم المال أو الجاه أو الدين. كنا نتودد لك أن تهبنا الحق في قليل من الكرامة .. أو بعض الكرامة .. فإذا بك تمنحنا وزراء بلا حقائب وحقائب بلا وزراء ووزارات بلا مهام. ما الذي دهاك يا مغرب الشمس؟ ما الذي غيرك حتى باتت التقوى والورع شعارا إنتخابيا واللحية شهادة حسن السلوك والمسبحة جواز مرور نحو الحكم؟ من مسخ فيك الجوهر وقوض عودك الصلب وحول فطرة أهلك وطيبوبتهم وخوفهم من الله إلى ورقة في صندوق والصندوق بين يدي محتال والمحتال فوق منصة عالية لا يطاله الخطأ لأنه يضع القرآن في مقدمة كلامه وفي وسطه وفي آخره. فأنسانا للحظة أن هذا القرآن ليس ملكه وحده. ما الذي دهاك يا مغرب الشمس؟