"أيادينا ممدودة إلى حزب الحركة الشعبية ...لقد أخطأنا في حق هذا الحزب لمدة طويلة." أنغير بوبكر في لقاء نظمه حزب الحركة الشعبية بمكناس، يوم 16 فبراير2007 إذا كانت الانتهازية سيل يفيض ويسل في جميع الحركات السياسية و التحررية في العالم، إلى درجة يصعب فيها إيجاد تجربة نضالية كيفما كان نوعها في بقاع العالم، لا تعاني من هذا الفيروس الخطير الذي يساهم بشكل كبير في قتل الدينامية النضالية و قنبلة التنظيمات و إعاقة فعاليتها، فبالحجم الذي تجد فيه مناضلين شرفاء دوي مبادئ راسخة، تجد أناس متطفلون ينتهزون الفرص لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة سواء كانت مادية أو نفسية أو معنوية ولو كان ذلك على حساب أرواح و جماجم رفاقهم. فإن الجسم السياسي المغربي لم ينج من هذه الآفات المزمنة، فتاريخ المغرب السياسي المعاصر و الراهن يعج بأمثلة عديدة وكثيرة معبرة عن حدة وعمق هذا المرض السياسي الذي ينتعش في ذهنيات و يسكن قلوب البعض، المهووسين بفوبيا السلطة والمال، ويكفي قراءة مذكرات و مسارات بعض المناضلين الذين كتبوا عن تجاربهم و مأساتهم في زنازين وسجون النظام المغربي في العقود السابقة للوقوف على خطورة هذه الممارسات. وما دامت الحركة الامازيغية تشكل جزءا مهما من المشهد السياسي المغربي، فإنها ولا شك تتأثر به و تؤثر فيه، لا سيما وأن جميع الحركات و منظمات المجتمع المدني و السياسي التي يحتضنها المجتمع المغربي تحكمها خطاطة ثقافية و سياسية مستقرة ثابتة، بحكم البنيات الاجتماعية و السياسية التي تؤطر هذه الخطاطة. وبالتالي تبقى الحركة الامازيغية وجها من وجوه هذا الجسم السياسي المريض العفن، الذي تنتعش فيه جراثيم و باكتيرا التي تتغذى من الانتهازية و المصلحية، ولا يهمها إلا الربح المادي، عوض العمل على ترسيخ المبادئ التي عادة ما يدعي الانتهازيون الدفاع عليها، وتجديرها من أجل دفع عجلة التغيير إلى الأمام، والتي يستحيل أن تأخذ سكتها الصحيحة دون الحسم مع مجموعة من السلوكات و الممارسات التي تعيق و تشوه العمل السياسي و الفعل المدني النبيلين. إن ما دفعنا وحمسنا لتحرير هذه المقالة المتواضعة، ليس ما يقوم به حفنة من الانتهازيين الامازيغيين، الذين يناضلون بالأمازيغية و ليس من أجلها كقضية إنسانية ومصير شعب، وإنما الغيرة على هذه القضية أولا، و التضحيات الجسام والنضالات الجبارة بالإمكانيات الذاتية والمحدودة، التي يقوم بها آلاف من المناضلين اليوم في المغرب و خارجه، من أجل الشعب الامازيغي ثانيا. صحيح، أن الانتهازيين و قناصي الفرص و الذين يستغلون الامازيغية في المغرب كثيرون، ومعلومون، خاصة بعد سنة 2001، ولا تهمني هذه الكتل البشرية التي تتدافع من أجل مصالحها العائلية و الشخصية، و تتقاتل لكسب المناصب من أجل ملء أرصدتها البنكية، فهذه المجموعة معروفة جيدا داخل الحركة الامازيغية وهي اليوم معزولة تتصارع الموت السياسي بعدما أشرفت بنفسها على حرق" تاريخها النضالي " ورميه في الماء، واقتحمت اليوم مجال المال و المقاولات نتيجة الأموال الطائلة التي تجنيها في العمل الموكول إليها الذي يتمثل في الترويج للخطاب المخزني و لأكذوبة العهد الجديد، وإنصافه للامازيغية. فعلا، من حقهم فعل ذلك و بكل جرأة مادام أن ذلك قد قادهم إلى التجول اليوم في ضواحي مدينة الرباط مع حريمهم لاختيار أجود الهكتارات التي تكتمل فيها كل شروط الراحة، لبناء اقامات على شكل "فيلات"، تريحهم من ضوضاء وضجيج وسط المدينة، إلى حد جعل نقاشات موظفي و باحثي المعهد الامازيغي لا تتمحور إلا على من أنهى وأتم الأشغال في بناء فيلاته لتنظيم عشاء ساهر بمناسبة ذلك، "العراضة" أو من اقتنى سيارة جديدة من آخر ما أنتجته الشركات العالمية المشهورة بالجودة في إنتاج السيارات، خاصة وان المعهد يتميز بميزة فريدة من نوعها، هي أنه يتشكل من عشيرة ملتحمة فيما بينها ليس فقط بالانتماء المهني وإنما الانتماء الأسري، حيث أن أغلب المسئولين وظفوا زوجاتهم و أقرانهم و إخوانهم، ومن أراد أن يغني معارفه في هذا الصدد فليتمعن في التشكيلة البشرية للمعهد حيث سيجد أسماء الألقاب تتكرر بشكل ملفت الانتباه. كما لا تهمني طبعا بعض الجمعيات التي تحولت إلى وكالات لسمسرة و عقد الصفقات المالية المشبوهة على حساب القضية الامازيغية، حيث أن هذه الجمعيات لا تنتظر منها الحركة الامازيغية أي شئ سوى أن تبتعد عنها و وتستبدل وصلها القانوني برقم ضريبة المهنة- Numéro de Patent.، حتى يتلاءم ذلك مع ما يجري داخل مقرات هذه الجمعيات وما تقوم به خارجها، خاصة أن رئيس أحد هذه الجمعيات قام"بهيللة" في إحدى اجتماعات المجلس الإداري للمعهد الامازيغي مطالبا بالرفع من أجور أعضاءه ، بدعوى أن 7000 درهم شهريا كتعويض لكل عضو تعتبر هزيلة جدا بالمقارنة مع ما يبذله هؤلاء من جهد، في حضورهم لاجتماعين اثنين فقط في السنة. كما نستغل الفرصة لنشير إلى أن نفس الرئيس ساق أعضاء مكتب جمعيته إلى ديوان الوزير الأول عباس الفاسي مؤخرا، بعد تقديمه رسالة تحمل في طياتها تهنئات و عبارات التبرك له برئاسة حكومة قاطعها الشعب المغربي والحركة الامازيغية بشكل خاص، قيل أن الوزير الأول اعترف لهم بأخطاء حزبه تجاه الامازيغية لمدة تزيد عن 50سنة، وطالب من زواره عدم الضغط على الحكومة على اعتبار أن الحكومة لها أولويات لا تندرج ضمنها الامازيغية طبعا، كما التمس منهم الوزير أن لا يحدثوه حول المطالب الجوهرية للحركة الامازيغية، قيل كذلك انه تم الاتفاق على تنظيم مناضرات وطنية حول الامازيغية. لقد أخطأ أيضا الوزير و حزبه عندما اعتقد أن الذين اجتمعوا معه ضمن الحركة الامازيغية أولا، وثانيا عندما وافق على تنظيم مناظرات النقاش، لأن الحركة الامازيغية قد تجاوزت مرحلة النقاشات و حسمت مع الجلسات الكلامية، وتنتظر اليم الفعل والأجرأة وتحقيق مطالبها بعيدا عن الديماغوجية. إن ما يهمني في الواقع، ويحز في قلبي هو المسار الذي اتخذه بعض من أعضاء العصبة الامازيغية للحقوق الإنسان، هذا التنظيم الحقوقي الفتي الذي توسمنا منه خيرا و كنا على كامل الاستعداد العمل معه ومساعدته حتى يفرض وجوده على الخريطة السياسية و الحقوقية في بلادنا، وما زلنا مستعدين لذلك، واريد التأكيد على أن هدفي ليس هو الضرب من مصداقية هذا التنظيم و لا أستهدف النيل من مصداقية ونضالية بعض من أعضائه الشرفاء، وإنما التحذير من خطورة تحوير مسار هذه الجمعية الحقوقية من النضال الحقوقي المستقل إلى آلة من آليات التدجين المخزني، وإلى دمية لطيفة يتداعب بها أعيان المخزن، وهو ما شرع بعض أعضائها في تحقيقه. ففي الوقت الذي نزل به المخزن بكامل قوته و غطرسته، بعصاه على رقبة التنظيمات الامازيغية المستقلة، وزج بمناضلين امازيغيين في سجونه بمختلف مناطق المغرب. سارع رئيس العصبة الامازيغية بمعية بعض من أعضاء المكتب إلى تنظيم لقاء مع فؤاد عالي الهمة بحضور بعض النواب المنتمين إلى فريقه البرلماني يوم 16 يناير الماضي. المشكل لا يكمن في اللقاء لكن في طبيعته، لأنه : أولا، لم يأت ضمن برنامج مسبق من طرف مكتب العصبة و الدليل على ذلك المشاكل الحادة بين الرئيس و بعض أعضاء المكتب الذين عارضوا بشدة هذا الاجتماع. ثانيا : مرتبط بطبيعة الفريق النيابي الذي تم الاجتماع معه، فإذا استثنينا عالي الهمة، فيبقى الفريق عادي جدا وليس هناك أي علاقة تستدعي الاجتماع معه من قبل تنظيم أمازيغي حقوقي، بمعنى إن كان ذلك يعبر عن الهم الحقوقي فكان بهم الأجدر اللقاء مع الوزير الأول مثلا أو وزير العدل، أو وزير الداخلية بحكم ما تتعرض له الأسماء الامازيغية من منع في مراكز الحالة المدنية، هذا على سبيل المثال فقط، وبمعنى أدق فاللقاء كان مع عالي الهمة الذي يستعد على قدم وساق لتأسيس جمعية ، حزب ،....؟؟؟ ثالثا : طبيعة الأشخاص الذين يمثلون العصبة وخاصة الرئيس، فهو معروف بعشقه للمال إلى النخاع وبارع في التزلف و يتقن التملق، فجميع الجمعيات التي يشرف عليها في منطقة" بيزاكارن" ، كلها تأسست لهدف جمع المال الذي يحصل عليه من المعهد الملكي خاصة و بعض الجهات الأخرى المحلية و الإقليمية، وآخر ملفات التي تحرك فيه رئيس العصبة في الجنوب وتورط فيه مع مافيات العقار هو ملف الأرض وبالضبط في منطقة ايفني حيث نسق مع المافيات التي تسطو على أراضي القبائل وبيعها لتنظيم ندوة في ايفني. وبعد ما لم يجد المناضل الأستاذ بالتعليم الابتدائي أي ملف يجني منه المال، وبعدما حاصروه المناضلون الشرفاء بالمنطقة، راح المناضل الغيور علة الحقوق الامازيغية، إلى الرباط ليدخل حلبة اللعب مع الكبار، مبتدءا بسياسة التقرب التي مع فؤاد عالي الهمة، لينتهي به الأمر في مكناس خاضعا ومنحنيا، لحزب يميني عتيق يجمع أكبر تجمع للأعيان في المغرب، ويستغل لعقود القضية الامازيغية، وهو الحركة الشعبية، في لقاء مفتوح نظمه الحزب المذكور مع أطر الحركة الامازيغية، وبالمناسبة فقد تم استدعاء بعض النشطاء ذوي الزن الكبير في الحركة الامازيغية، ولكنهم قاطعوا النشاط لأسباب لا يسع المقام لذكرها. لقد استغرب بعض ممن حضر اللقاء عن الكلام الذي صدر من الناشط الحقوقي من العصبة الامازيغية، وهو يتحدث عن الإنجازات الكبرى للحركة الشعبية، قائلا : أيادينا ممدودة إلى حزب الحركة الشعبية ، لقد أخطأنا لمدة طويلة في حق هذا الحزب......." ونتساءل مع الحقوقي الغيور هل لديك أيادي تمدها إلى الآخرين، فالذي نعرفه عنك ويعرفه كل الناس و المناضلين المحيطين بك هو أن يداك متسخة بأموال العمل الجمعوي والأموال التي تجنيها على حساب القضايا الإنسانية التي تدعي الدفاع عليها. إذا كان هذا الخطاب الجديد الذي اقتنع به هذا الحقوقي المتميز البارع، ناتج عن لقاءه مع عالي الهمة، فإن الأمر خطير يجب على بقية المناضلين الشرفاء داخل العصبة أن يضعوا حدا لهذه التصرفات الطائشة التي ستقضي على تنظيم حقوقي لأن الحركة الامازيغية في حاجة ماسة إليه. أما إذا كان ناتج قناعات الأستاذ الحقوقي تجاه الحركة الشعبية، فالأمر كذلك أخطر، لأن هذا الحزب أضحى اليوم أكثر من أي وقت مضى يمتلك شراهة قوية لاحتواء و استغلال القضية الامازيغية، بعد تأسيس الحزب الامازيغي، وتنامي الحركة الامازيغية في المغرب. ومن استطاع أن يفك رموز التحضير لهذا اللقاء في مدينة مكناس وفي هذه الظرفية سيقف على نوايا الحركة الشعبية. فاسمحوا لي عن العنوان أعلاه، فمثل هؤلاء انتهازيون قدماء، ولكنهم استجلبوا ليلعبوا أدوارا جديدة. فيا مناضلي العصبة الامازيغية للحقوق الإنسان....اعصوصبوا على الهم الحقوقي الامازيغي.