ـ في نظركم لماذا هذا التضارب في مواقف الفاعلين الأمازيغ في التعامل مع القضية الفلسطينية؟ أظن أن موقف الفاعلين الأمازيغ مواقف مختلفة باختلاف مشاربهم وتوجهاتهم واختلاف رؤى نظرهم في الموضوع. بالنسبة للقضية الفلسطينة أرى شخصيا أن الشعب الفلسطيني شعب محتل ومن حقه الدفاع المشروع عن نفسه وأرضه، وهي قضية احتلال معترف بها في المواثيق الدولية؛ على اعتبار حق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن نفسها. وهي قضية لا تحتمل الاختلاف، أما اختلاف وجهات نظر الفاعلين الأمازيغيين اتجاه هذه القضية فهو اختلاف طبيعي؛ على اعتبار أنه ليست هناك وحدة تنظيمية تجمع بينهم كي يكون موقفهم موحدا وواضحا، فكل الفاعلين الأمازيغ ما يزالون يعتمدون على تجاربهم الشخصية؛ كل من منطلق تفكيره وتجربته وتراكماته وزاوية مقارباته للموضوع. الحركة الأمازيغية هي حركة حقوقية تتبنى المواثيق الدولية وتراعي حق الاختلاف والتنوع، وبالتالي فهي حركة تحررية نابعة من رغبتها في التحرر من العقل المغربي الأحادي، وباعتبار أن المقاومة الفلسطينية هي حركة تحررية من أجل تحرير أفرادها وتحرير أرضها، فأعتقد أن الحركة الأمازيغية لا يمكنها إلا أن تساند القضية الفلسطينية، وهذا الموقف الذي رأيناها في الحرب الأخيرة على غزة من بعض أفراد الحركة الأمازيغية لا ينسجم بتاتا مع النضال الحقوقي للحركة الأمازيغية ولا مع المواقف الحقوقية التي يتبناها هؤلاء الفاعلون، والمنبعثة أساسا من قيمهم الإنسانية ومن دفاعهم عن جميع الشعوب المضطهدة في العالم. ـ دعا بعض نشطاء الحركة الأمازيغية إلى التضامن مع ساكنة المناطق الجبلية وشبه موت ومعاناة أطفالها بما يعانيه أطفال غزة، ما قولكم في ذلك؟ أظن بأنه هناك فرقا واضحا بين ما يجري في أنفكو وما تمارسه إسرائيل باعتباره إرهاب دولة من قتل متعمد وممنهج ضد الشعب الفلسطيني في إطار اجتماعاتها العسكرية والحكومية، أما ما يقع مثلا في آنفكو من وفيات الأطفال أو بعض المناطق الأخرى المتضررة، فإن هذا يدخل ضمن إهمال الدولة وليس إرهابها للأمازيغ، لأن الدولة أهملت هذه المناطق وقصرت في حق مجموعة من مواطنيها بهذه المناطق، ولكن ليس إلى درجة أن نربط موت الأطفال الفلسطينيين بموت الأطفال المغاربة من الإهمال، فهذا ربط تعسفي لا يلتقي مع المنطق ولا مع التحليل العلمي؛ على اعتبار أن ما تقوم به إسرائيل ممنهج ومقصود بخلفية إفراغ المنطقة من ساكنيها، أما الدولة المغربية فهي لا تمارس ذلك بشكل ممنهج ومقصود، وليس هدفه إبادة الأمازيغ، وإنما تلك المناطق تعيش في ظروف طبيعية صعبة، ولذلك فالدولة تتحمل مسؤولية الجزء المتعلق بالتجهيزات الأساسية، وليست مسؤولة عن أرواح هؤلاء المواطنين؛ لأنها لا تقصفهم بشكل مباشر، والذين يقومون بالربط بين الحالتين ليس ذلك منهم سوى مزايدات سياسية تخل بالشرط العلمي الموجب للمقارنة، لأن فلسطين ليست هي آنفكو. هل تعتقدون أن سلبية مواقف بعض نشطاء الحركة الأمازيغية خلال الحرب الأخيرة على غزة وإبقاءهم على صداقتهم بإسرائيل يخدم القضية الأمازيغية؟ إسرائيل لديها علاقات سياسية مع الدولة المغربية وهي تسعى دائما لحماية تحالفاتها في المنطقة، وإذا كان بعض الأمازيغ بأن دولة إسرائيل يمكنها أن تساعد الأمازيغ في تحقيق مطالبهم في المغرب فهم واهمون، من منطلق الوقائع التاريخية ومنطلق التجربة الموضوعية. بالنسبة للتاريخ فإسرائيل نفسها مازالت تبحث عن الشرعية لنفسها في الشرق الأوسط، وهي إلى يومنا هذا، ما زالت تقاوم من أجل حماية وجودها، وكيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه، أما المعطيات الموضوعية فإن الدولة المغربية إلى حدود التسعينات تقيم علاقات مباشرة مع إسرائيل، وبالتالي لا يمكن لإسرائيل أن تفرط في علاقتها مع الدولة المغربية من أجل عيون بعض الحركات لتحقيق مطالبها، لأن مصلحة إسرائيل مع الدول، وليس مع حركات ما زالت في بدايتها، كما أن المنطق أصلا يرفض مسألة الاستعانة بإسرائيل كيفما كان نوع التغيير المطالب به في بلادنا، لأن هذا رهان خاطئ وغير استراتيجي، كما أنه مضر بصورة الأمازيغ لذا الشعوب الأخرى، وكتجربة فإسرائيل تخلت اليوم عن كل حلفاء الأمس في العراق، وإسرائيل أثبتت تاريخيا أنه لا يمكن الرهان عليها، والحركة الأمازيغية عليها أن تراهن على الشعب المغربي، وتدافع عن مطالبها بطرق سلمية وديمقراطية ومشروعة من أجل تحقيق التغيير المنشود، بدون الاستعانة بأي تدخل أجنبي كيفما كان نوعه لأن هذا يتنافى مع المنطق، وهو غير مقبول تماما. ناشط أمازيغي وعضو جمعية السلام العالمي