قد لا يعرف كثير من المغاربة بمرض "الثلاسيميا" أو مرض فقر الدم المنجلي؛ غير أن هذين المرضيْن يصيبان آلاف المغاربة، ويكابد المصابون بهما معاناة مريرة في سبيل نيل العلاج المكلّف، ماديا ومعنويا. "الثلاسيميا" وفقر الدم المنجلي هما من أمراض "هيموغلوبين"، وهي على شكل خضاب الدم الموجود في الكريات الحمراء نتيجة وقوع طفرة في قلبها، حسب إفادة الدكتور محمد الخطاب، رئيس الجمعية المغربية للثلاسيميا وأمراض الهيموغلوبين وأستاذ في كلية الطب والصيدلة بالرباط. وأوضح الخطاب، في تصريح لهسبريس، على هامش تأسيس فيدرالية الجمعيات المغربية لمحاربة أمراض "الثلاسيميا" وفقر الدم المنجلي، أن هذين المرضين وراثيان، يصيبان أبناء الزوجين اللذين يحملان معا طفرة هذين المرضين، حتى وإن كانت لا تظهر عليهما أعراض المرض. وحسب إفادة الدكتور الخطاب، فإن مرض "الثلاسيميا" ينجم عن عدم قدرة الجسم على إنتاج الكريات الحمراء؛ وهو ما يجعل المريض يعاني من فقر الدم طيلة حياته، ولا يوجد علاج آخر لهذا المرض سوى الخضوع لتحاقن الدم كل شهر. ويطرح مرض "الثلاسيميا" إشكالا كبيرا بالنسبة للمصابين به؛ ذلك أن بقاءهم على قيْد الحياة رهين بخضوعهم لحقن الدم بشكل دائم طيلة حياتهم. كما أن هذا المرض مكلّف ماديا، خاصة في ظل غياب هذا التخصص الطبي إلا في المستشفيات الجامعية؛ ما يحتم على المرضى قطع مسافات طوال للانتقال إلى المدن الكبرى للخضوع لتحاقن الدم. وبخصوص مرض فقر الدم المنجلي، أوضح الدكتور الخطاب أنه يجعل شكل الكريات الحمراء تصير على شكل منجل، عوض أن تكون دائرية الشكل؛ وهو ما يعيق حركيتها، ومن ثمّ تسبب للمصابين آلاما في المناطق التي يتوقف فيها سريان حركتها. اللافت للانتباه هو أن أغلب دول العالم انقرض فيها مرض "الثلاسيميا" ومرض فقر الدم المنجلي، بما في ذلك الدول النامية مثل فلسطين، بينما لا يزال ثمانية وعشرون ألف شخص في المغرب مصابين بالمرضيْن المذكورين. ثلاثة آلاف مصاب ب"الثلاسيميا"، وخمسة وعشرون ألفا من المرضى يعانون من فقر الدم المنجلي. ولا يتطلب القضاء على "الثلاسيميا" وفقر الدم المنجلي سوى تحليل طبي بسيط قبل الزواج لا يكلف سوى من 150 درهما إلى 200 درهم، من أجل التأكد من خلوّ الشخصين المقبلين على الزواج من المرضين. وأكد الخطاب أن هذا التحليل ينبغي أن يجري العمل به قبل الزواج من أجل القضاء على المرضيْن المذكورين. وانعقد الملتقى الوطني التأسيسي لفيدرالية الجمعيات المغربية للثلاسيميا وفقر الدم المنجلي، السبت بالرباط، من أجل الترافع لدى القطاعات الحكومية المعنية من أجل وضع برنامج للقضاء على المرضيْن، وكذلك تحسيس المواطنات والمواطنين بهما. وحسب ما جاء في أرضية اللقاء، فإن آلاف المغاربة الذين يعانون من "الثلاسيميا" وفقر الدم المنجلي لا يستفيدون من علاج تام وشامل، "على الرغم من بعض المحاولات من طرف المسؤولين في قطاع الصحة خلال السنوات الأخيرة". ووفق المصدر نفسه، فإن "الثلاسيميا" مرض مكلف ماديا ونفسيا؛ فعلاوة على كونه يتطلب تحاقنا للدم كل ثلاثة أسابيع، فإن المصابين به مجبرون على تناول دواء تشطيب الحديد كل يوم، وتتراوح تكلفته المادية السنوية ما بين 10 ملايين و20 مليون سنتيم حسب السن والمضاعفات. وبالنسبة لفقر الدم المنجلي، فهو غير مكلف ماديا؛ ولكن المصابين به يواجهون معاناة تتمثل في النقص في النقص في الأطر الصحية المختصة في مختلف مناطق المغرب. الجمعية المغربية للثلاسيميا وأمراض الهيموغلوبين قالت إن هذين المرضين اللذين ينتقلان عبر الوراثة يمكن تفاديهما والقضاء عليهما، على غرار عدد من الدول، مشددة على أنه "بات من الواجب على الدولة أن تضع برنامجا ناجحا وشاملا لمحاربة هذه الأمراض بصفة نهائية".