"الصحافة القْبايْلية" تختنق في صمت بالجمهورية الجزائرية بسبب الضغط الكبير الذي تشهده وسائل الإعلام من قبل "قصر المرادية" منذ اندلاع الحَراك الشعبي، إذ وصل الأمر إلى إيقاف السلطات مجموعة من الصحف عن الصدور، فيما تواصل الأخرى نشاطها في ظل مراقبة منشوراتها بصفة يومية. وترفضُ الجزائر العاصمة أن تكون لمنطقة "القبايل" أي صحف مستقلة خاصة بها، من شأنها نشر المواقف المحلية للسكان الأمازيغ، الذين يطالبون بالاستقلال عن المركز منذ سنين عدة، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى منع العديد من الصحف الإلكترونية من الصدور، وخنق الصحف الورقية، بما فيها تلك المساندة للنظام المركزي. وأوقف النظام الجزائري الصحيفة الإلكترونية "تامورت أنفو" عن الصدور، وفقاً لما نشرته هذه الأخيرة، التي انضافت إلى منابر إعلامية "قبائلية" توقفت قسْرا عن الصدور، بينها جريدة "تِيغْرمت" و"Siwel.info"، وغيرها من الجرائد التي تدافع عن الحقوق اللغوية والثقافية والسياسية لأمازيغ الجزائر. ولكن منع صحيفة "لاديبيش دي كابيلي" كان مفاجئاً لأنها كانت مساندة للحكومة المركزية. وتبعاً لقصاصة توضيحية، منشورة في الموقع المحظور "تامورت أنفو"، فإن جريدة "la Dépêche de Kabylie" لم تنشر أي خبر يسيء إلى صانع القرار الجزائري، وهو ما أثار استغراب الجميع في المنطقة، مشيرة إلى أن كثيراً من الجرائد المجانية مُنعت خلال نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، ضمنها "Le pays" و"L'hebdo n Tmurt" و"Racines-Izuran" و"Le quotidien de Kabylie" و"Soummam". وفي مقابل ذلك، تحرص السلطات الجزائرية على تدعيم صحف محلية تنشط في مناطق أخرى من البلاد، بينما تمنع الجرائد المحلية ب"القبايْل"، بسبب المواقف الشخصية لمُلاكها الذين يدعمون مطلب الاستقلال عن الحكومة المركزية، إذ نبّهت الصحيفة المحظورة "تامورت أنفو" إلى أن الدولة تسعى إلى خنق جميع المنشورات الإعلامية المحلية، لأنها تتوجس من "أمازيغ القبائل" على الدوام. وتأتي حملة التضييق التي تستهدف وسائل الإعلام المحلية بعد أيام من الاستدعاءات المتواصلة التي يشنّها "قصر المرادية" ضد رؤساء المجالس الترابية في منطقة "القبَايْل"، خصوصا في "بجاية" و"تيزي وزو"، بسبب المواقف الشخصية التي أبداها المنتخبون المحليون بشأن الانتخابات الرئاسية في دجنبر 2019، والاستفتاء الدستوري في فاتح نونبر الجاري. ومازالت العلاقة بين النظام الجزائري وسكان منطقة "القبايْل" متوترة للغاية، بسبب مطالبة أمازيغ الجزائر بالاستقلال عن المركز، ما أدى إلى اعتقال عشرات القيادات "القبائلية" التي تصدح بأصوات التحرر من قبضة الجنرالات، خاصة في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة بالمنطقة.