بعد تكبّد جبهة البّوليساريو الهزيمة على أرض الصّحراء، خرجَ عدد من المسؤولين الجزائريين المقرّبين من السّلطة الحاكمة لمهاجمة مصالح المغرب، متّهمين إيّاه بتبنّي فكر "توسّعي"، ومعتبرين أنّ "الصّحراء ليست قضيّة الجزائر"، وفق تعبيرهم. ورغم أنّ الخارجية الجزائرية أخذت مسافة من التّطورات الأخيرة التي شهدها معبر "الكركرات"، مكتفيةً بدعوتها الأطراف المتنازعة إلى الهدوء، والأمم المتّحدة إلى إصدار موقفٍ في الموضوع، هاجمت بعض الأطراف المحسوبة على النّظام مصالح المغرب، في خطوة تعكس توجّس الأوساط الرّسمية الجزائرية من تحركات المملكة. واعتبر عبد العزيز مجاهد، المستشار الأمني السّابق للرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والجنرال المتقاعد، أنّ "الصّحراء ليست قضية الجزائر"، مشيرا إلى أن الأخيرة "منذ استرجاع السيادة تقف مع القضايا العادلة وتدافع عنها"، وداعيا كل النخب إلى "الالتفاف حول توحيد الرؤى للحفاظ على الأمن القومي". وأورد الجنرال السّابق قائد القوات البرّية في الجيش الوطني الشّعبي، في حديث مع إذاعة جزائرية، أنّ "قضية الصحراء كشفت الحليف والشريك والعدو"، مبرزا أن "مواقف الجزائر كانت دائما مع الحق"، وزاد: "هذه الأزمة كشفت كلّ شيء، وهي فرصة للجزائر حتى تتمكن من تحديد الحليف والشريك والعدو". واتّهم المسؤول المقرّب من الرّئاسة الجزائريةفرنسا بالوقوف مع المصالح المغربية، مؤكدا في حديثه عن الدور الفرنسي أن "باريس التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان مازالت تعترض على عمل بعثة 'المينورسو' في الصحراء"، ومطالبا وسائل الإعلام الجزائرية بلعب الدور المنوط بها في توجيه الرأي العام. نوفل البعمري، الخبير في قضية الصحراء، أكد أن "تصريحات جل المسؤولين الجزائريين كشفت أنهم لم يتوقعوا أن يقوم المغرب بعمليته الأمنية السريعة بالكركرات، وأن تتم بنجاح دون أي إراقة للدماء، وأن تحظى بكل هذا الإجماع الدولي الذي حظيت به". وتوقّف المحلل ذاته عند المكالمة الملكية مع الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، التي وضع فيها الملك محمد السادس العملية في سياقها السياسي والأمني، وقدم رؤية المغرب للنزاع ومسلسل التسوية. وشدّد الخبير ذاته على أن جل ردود الفعل التي تم التعبير عنها تنم عن "صدمة نفسية وعن حالة إحباط سياسي تعيشه مختلف القيادات العسكرية والسياسية الجزائرية، التي وجدت نفسها عاجزة عن التحرك أمام قوة العملية الأمنية المغربية وأمام نجاحها في حشد الدعم الدولي لها". لذلك، يسترسل البعمري، "هذا التصريح يدخل في هذا السياق، وضمن محاولة الجزائر التهرّب من النزاع المفتعل من طرفها حول الصحراء، ومن أي تبعات سياسية للأعمال 'البلطجية' التي قامت بها عناصر الجبهة بالكركرات". ويختم المحلل تصريحه بالقول إن "النظام الجزائري يعي أن العالم اليوم وضعه تحت المجهر، وأن المنتظم الدولي سيسائله، لأنه المسؤول عن أي تحرك من المخيمات، ومسؤول عن المليشيات التي تتواجد بترابه في مخيمات تندوف".