ليلة طويلة قضاها الأمريكيون وهم يتابعون نتائج انتخاباتهم الرئاسية، بعد الإقبال غير المسبوق على صناديق الاقتراع طوال الأسابيع الأخيرة. وعلى عكس ما تعود عليه الأمريكيون من معرفة هوية حامل مفاتيح البيت الأبيض قبل خلودهم إلى النوم، كان سيناريو هذه انتخابات 2020 مختلفا عن سابقاتها. استبق الرئيس دونالد ترامب النتائج بإبداء تفاؤله بحسمها لصالحه، سواء على الصعيد الوطني أو على مستوى الولايات المتأرجحة، في حين التزم المرشح الديمقراطي جو بايدن الصمت في بداية هذه الأمسية الانتخابية، قبل أن يخرج ويلقي خطابا من مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير. بداية محسومة البداية كانت مع إغلاق مكاتب الاقتراع في عدد من الولايات شبه المحسومة، سواء للحزب الديمقراطي أو الجمهوري، قبل الساعة الثامنة بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة. أولى النتائج أظهرت فوز ترامب بولايات كنتاكي وكارولينا الجنوبية وويست فيرجينيا وانديانا وتينيسي وميسيسيبي وأوكلاهوما واركنساس، مقابل فوز بايدن بولايات نيوجيرسي وديلاوير وكونكتكيت وإلينوي وفيرمونت وفرجينيا، وغيرها من الولايات. ولا تعرف هذه الولايات منافسة كبيرة بين المرشحين؛ إذ ظلت الأنظار موجهة نحو ولايات أوهايو وميشيغن وبنسلفانيا، بالإضافة إلى ولاية فلوريدا، التي تعد أبرز الولايات المتأرجحة. واختارت وسائل الإعلام الأمريكية التريث قبل الإعلان عن الفائز في ولايات فلوريداوجورجيا ونورث كارولينا، بسبب التقارب بين المرشحين في هذه الولايات. بحلول الساعة الحادية عشرة، أعلنت شبكة "فوكس نيوز" فوز ترامب بولاية فلوريدا، كما أعلنت فوز بايدن بولاية أريزونا، ما جعل الأنظار تتجه نحو ولايات أخرى، خصوصا ولايات الغرب الأوسط، كبنسلفانيا وميشغن وويسكونسن، بالإضافة إلى أوهايو. وبالموازاة مع الإعلان المضطرد عن النتائج، تجمع مئات المتظاهرين في محيط البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن، حيث رددوا شعارات منددة بالرئيس ترامب، فيما كان هذا الأخير يقيم حفلا لمتابعة نتائج الانتخابات بحضور عدد من مناصريه وقادة الحزب الجمهوري. بين النصر والسرقة بعد ساعات من الانتظار، خرج المرشح الديمقراطي جو بايدن في خطاب قصير، أبدى فيه تفاؤله بالفوز بالانتخابات، رغم خسارته لعدد من الولايات المتأرجحة الحاسمة. وشدد بايدن على أنه سيفوز بولايات بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن، بالإضافة إلى ولاية جورجيا، التي ما يزال فيها فرز الأصوات مستمرا. ودعا المرشح الديمقراطي إلى انتظار نتائج الانتخابات في هذه الولايات، وقال إن إعلان الفوز يعود إلى الشعب الأمريكي، وليس إليه ولا إلى ترامب. في المقابل، غرد ترامب عبر "تويتر" مباشرة بعد انتهاء كلمة بايدن قائلا إنه فاز في الانتخابات، وإن الديمقراطيين يحاولون سرقتها، و"لن ندعهم يفعلوا ذلك أبدا"، حسب تعبيره. وبعد هذه التغريدة، ألقى ترامب كلمة من البيت الأبيض أمام حشد من مؤيديه، احتفى من خلالها بما وصفه "فوزا ساحقا" في عدد من الولايات كتكساس وفلوريدا وأوهايو. وأدعى ترامب فوزه في ولايات بنسلفانيا وجورجيا ونورث كارولينا وأريزونا، رغم عدم صدور النتائج النهائية في هذه الولايات، وقال: "لقد فزنا بهذه الانتخابات". "هم يريدون الذهاب إلى القضاء، وسنتوجه إلى المحكمة العليا، هذه لحظة حزينة"، بحسب تعبير ترامب، متهما الديمقراطيين بالاحتيال على أصوات الناخبين الأمريكيين. وتفتح هذه النتائج الباب أمام معركة حامية بين الطرفين، قد يحسمها القضاء الأمريكي، خصوصا في ظل الانقسام الشديد الذي تعيشه الولاياتالمتحدة خلال السنوات الأخيرة.