مؤسسة وسيط المملكة: تحسين العلاقة بين الإدارات ومغاربة العالم    وزير الفلاحة يؤكد من قمة كمبالا التزام المغرب بتطوير فلاحة مستدامة و قادرة على الصمود    عصبة الأبطال.. صن داونز يهزم مانييما بهدف "قاتل" ويشعل الصراع في المجموعة الثانية على بطاقة العبور للدور القادم    إيقاعات الأطلس تحتفي برأس السنة الأمازيغية في مسرح محمد الخامس    الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية في ظل ارتفاع درجة الحرارة العالمية    جدل دعم الأرامل .. أخنوش يهاجم بن كيران    أخنوش: من حق التجمعيين الافتخار بالانتماء لحزب "الأحرار" ولأغلبية حكومية منسجمة    آيك أثينا ينهي مشواره مع أمرابط    تواصل التوتر.. وزير الخارجية الفرنسي: على باريس أن "تردّ" إذا واصلت الجزائر 'التصعيد"    زياش يمنح موافقة أولية للانتقال إلى الفتح السعودي    الملك محمد السادس يهنئ سلطان عمان بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم    ذكرى 11 يناير تذكر بصمود المغاربة    استعدادا للشان .. السكتيوي يوجه الدعوة إلى 30 لاعبا    حادثة سير مميتة بطنجة: وفاة لاعب وداد طنجة محمد البقالي في يوم يسبق عيد ميلاده ال16    مطالب متجدّدة لأمازيغ المغرب وأماني وانتظارات تنتظر مع حلول "إض يناير" 2975    اعتداء عنيف على الفنان الشهير عبد المنعم عمايري في دمشق    نفسانية التواكل    انخفاض طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا خلال 2024    أخنوش يؤكد أن الحكومة "تفي بالتزاماتها بأرقام دقيقة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    افتتاح مدرسة لتكوين حراس الأمن بمراكش.. بنية جديدة لدعم منظومة التكوين الشرطي    الصناعة التقليدية تعرف تطورا إيجابيا بتحقيق نسبة نمو 3% خلال سنة 2024    ارتفاع درجة الحرارة العالمية.. الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية    الصين تعرب عن رغبتها في نهج سياسة الانفتاح تجاه المملكة المتحدة    واشنطن "تتساهل" مع مليون مهاجر    الشرطة المغربية تتدخل ضد أم عنفت طفلها بعد تبليغ من مدرسته    توقيف مهربين في سواحل الريف أثناء محاولة هجرة غير شرعية    إسرائيل تواصل التوغل في سوريا    الإقبال على ركوب الدراجات الهوائية يتباطأ بين الفرنسيين    الاتحاد الأوروبي يرصد زيادة الأسعار في معاملات العقار    مكناس.. الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة على نغمات فني أحواش وأحيدوس    لقطة تلفزيونية تفضح طفلا هرب من المدرسة لحضور مباراة نيوكاسل    طنجة... الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة وتكريم إعلاميين ومثقفين رواد (فيديو)    وفاة وفقدان 56 مهاجرا سريا ابحرو من سواحل الريف خلال 2024    بطولة ألمانيا.. بايرن ميونيخ يستعيد خدمات نوير    خابا يعزز غلة الأهداف في الكويت    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    كيوسك السبت | المغرب يستحوذ على خمس واردات إسبانيا من الخضر والفواكه    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"روتيني اليومي".. نموذج من مجتمع الاستعراض
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2020

تعج مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة منها "يوتيوب"، بالصور والفيديوهات التي يضعها أصحابها موثقين مجموعة من الأحداث يشاركونها جمهورهم، ويستعرضون تجاربهم الشخصية. إلا أن ما يهمنا بالملاحظة في هذا المقال هو ما اصطلح عليه ب"روتيني اليومي" الذي تقوم فيه نساء بعرض تفاصيل أشغالهن المنزلية على قنواتهن على "يوتيوب"، فهل الأمر يتعلق فقط بالشهرة والمال، أو بظاهرة تعكس التغيرات التي تعرفها المجتمعات بصفة عامة والمغربي بصفة خاصة نتيجة غزو تكنولوجيا المعلوميات؟
أدت دمقرطة وسائل التواصل من كاميرات وهواتف ذكية، وبروز عدة منصات للتواصل الاجتماعي ك"يوتيوب" إلى تمكين العديد من إيصال صوتهم وإبراز مواهبهم وعرض تجاربهم على جمهور واسع، بل وأضحت مصدرا مهما للمال؛ حيث عمد كثيرون إلى إنشاء قنوات "يوتيوبية" يعرضون فيها محتويات مختلفة ومنهم من اتخذها لعرض تفاصيل حياته اليومية والشخصية كبرامج "روتيني اليومي".
إن ظاهرة استعراض تفاصيل الحياة الشخصية للأشخاص بدأت مع برامج "تلفزة الواقع" "téléréalité"، التي يستدعى فيها شخص أو مجموعة من الأشخاص للحديث عن تجاربهم أو قصصهم أو حتى خصوصياتهم أمام الجمهور. لقد اختلط الخصوصي بالعمومي في المجتمعات الحديثة أو ما يمكن نعته بالمجتمعات "الشفافة" أو "المسامية"؛ حيث أضحت مشاعرنا وتحركاتنا مكشوفة للآخرين، وحيث أضحت الحياة الشخصية أو الحميمية "كتابا مفتوحا للجميع" حسب تعبير المفكر الإنجليزي "انتوني جيدنز"، ولم تعد "محرمة" أو مستورة. فبعدما كان المغاربة يسترون مقتنياتهم في أكياس البلاستيك الأسود "ميكا كحلة" خشية أن يعرف الآخرون ما بداخلها، وبعدما كنا نلغي الشرفات "les balcons" من المنازل لكي لا تنفذ عين الغريب إليها وتهتك حرمتها، وبعدما كنا حريصين على حفظ وكتم أسرار منازلنا ونعاقب أطفالنا إذا نطقوا أمام الغريب بشيء خاص بالأسرة. ها هي الكاميرات تدخل هذه المنازل من أبوابها ومن طرف أصحابها، وتصور أدق تفاصيلها، بل وتفاصيل جسد صاحبته ليشاهدها جمهور عريض من المتتبعين، وهذا ما توضحه نسبة المشاهدة المرتفعة جدا وعدد المشاركين في هذه القنوات.
تتجاوز في بعض الأحيان نسبة مشاهدة هذه الفيديوهات 700 ألف مشاهدة في مدة وجيزة، كما يتجاوز عدد المشاركين في بعض القنوات 100 ألف مشارك. تقوم صاحبة القناة بتصوير سير أشغالها المنزلية الخاصة بالتنظيف وغسل الملابس، أو الطبخ أو ترتيب غرف المنزل بما فيها غرفة النوم مرتدية ملابس تمكنها من عرض تفاصيل جسدها كذلك، لتشارك "أحبابها" و"حبيباتها" كل ما لديها "هادشي لي كاين ماخبيت عليكم والو" كما قالت صاحبة إحدى القنوات موضحة أنها لن تبخل عليهم بأي شيء لترضيهم وتزيد من نسب المشاهدة التي تعتبر معيارا مهما لنجاح القناة.
لقد غيرت تكنولوجيا المعلوميات من حياة الأشخاص وأضحت المجتمعات بتعبير المفكر الفرنسي "جي ديبور" مجتمعات "استعراضية"، أو مجتمعات "الفرجة"؛ تلك المجتمعات التي أضحت العلاقات الاجتماعية فيها بين الأشخاص تتوسط فيها الصورة. هذه الصورة التي غدت أهم من الشيء نفسه والنسخة أفضل من الأصل والتمثيل أهم من الحقيقة كما عبر عن ذلك الفيلسوف الأماني "فيوباخ"، مجتمعات أصبح فيها استعراض الصور من ثوابت وجودها وشعارها "أنا أصور إذن أنا موجود"؛ يسافر أحدهم فينشر صوره، يأكل فينشر صوره، يمارس رياضة فينشر صوره، ينظف منزله فينشر صوره... أصبح الفرد يعيش بحسب صورته لدى الآخرين لا وفق ما يكون عليه في الواقع. لقد احتلت الصورة بشكل كامل الحياة الاجتماعية حيث بات الكثيرون يقيسون وجودهم في الحياة ونجاحهم بعدد المعجبين و"الليكات" على قنوات التواصل الاجتماعي، ولو على حساب حياتهم الشخصية التي أضحت سلعة تباع في معارض المواقع الافتراضية، تلك المعارض المفتوحة للجميع لعرض سلعهم على الزبائن، هؤلاء الزبائن الذين باتوا هم كذلك سلعة في يد "ملوك الانترنيت" أو ما يطلق عليه ب (GAFAM) نسبة إلى (غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون وميكروسوفت)؛ هذه الشركات العملاقة جعلتنا "نستهلك" وقتنا "الثمين" أمام شاشات الهواتف الذكية لتتبع "الماجريات" وقشور الأحداث والمهاترات الشبكية والهاشتاغات ومختلف عروض الفضاء الأزرق التي لا تنتهي (انظر كتاب "الماجريات" للكاتب إبراهيم بن عمر السكران) .
إن برامج "روتيني اليومي" على "يوتيوب" ليست سوى نموذج، أو مشهد من مشاهد مجتمع الاستعراض أو الفرجة؛ فالمشاهد كثيرة جدا والعروض متنوعة ولكل جمهوره الخاص الذي يشجعه ويدعمه ب"اللايكات" والمشاركات والمشاهدات التي تعتبر معيارا لنجاح العرض، فمن هم جمهور روتيني اليومي الذين ساهموا في رفع نسبة المشاهدة لهذا النوع من العروض؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.