مرة أخرى، يعود إدريس الأزمي الإدريسي إلى "نادي النّازلين" في "بورصة هسبريس"؛ فبعدما رفع الرجل شعار محاربة الفساد والاستبداد الذي قاده هو وإخوانه إلى قبة البرلمان والحكومة لولايتين متتاليتين، ها هو يخرج اليوم مدافعاً عن تعدد المناصب السياسية وازدواجية التعويضات، وهو الموقف الذي صدم حتى المتعاطفين مع حزبه. النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية وعمدة مدينة فاس لا يرى أي حرج سياسي في أن يحصل على "تعويضين سمينين" من البرلمان وجماعة فاس في وقت تمر فيه البلاد من تداعيات أزمة اقتصادية خانقة أثرت على الحياة المعيشية لملايين الأسر المغربية. وسقط ابن مدينة فاس، الذي كان يُوصف بكاتم أسرار كبيره الذي علمه السحر عبد الإله بنكيران، في تتناقض مُثير؛ فقد بدا الرجل خلال حديثه عن المعاشات والتعويضات لا يُفرق بين المهمة الانتدابية في هيئات منتخبة وبين منصب في الوظيفة العمومية أو تعيين إداري، أو لربما تعمد خلط الأوراق حتى يُقال إن الجميع يتقاضى رواتب سمينة وليس فقط "نحن نواب الأمة الفقراء". وتبدو المفارقة فعلاً غريبة؛ إذ في وقت تعاني فيه البلاد من فقراء بالملايين وتدني مستويات الخدمات الاجتماعية، يدافعُ سياسيون، ومنهم الأزمي، عن الاستمرار في التمتع بالرواتب والامتيازات، ويبدون مقاومة عنيفة في وجه منتقديهم. في حين تجد كبار المسؤولين والسياسيين في الدول المتقدمة يتقاضون رواتب أقل بكثير من نظرائهم المغاربة، علما أن اقتصاداتهم أكثر قوة من المغرب، بل إن رواتب البرلمانيين المغاربة تعد من أعلى الرواتب في القارة الإفريقية، حسب احصائيات سابقة. وبدا الأزمي الذي أدخل كلمة مثيرة إلى البرلمان "الديبشخي"، غاضبا ومنفعلا من الفيسبوكيين المغاربة الذين يريدون أن يحرموه من "كعكة تعدد التعويضات"، إلى درجة أنه خاطبهم بالقول: "واش بغيتو نخدمو بيليكي"، قبل أن يضيف: "واش سحبلهم غادي يخلعونا". بقدرة قادر إذن، تحول قادة حزب العدالة والتنمية الذين كانوا يأكلون الطعام مع عامة الناس ويمشون في الأسواق، إلى مدافعين عن الإثراء من المناصب السياسية، بعدما جاؤوا من عامة الشعب.