لم يعد "الإرهاب الخارجي" التهديد الأول الذي تواجهه الولاياتالمتحدة، وإنما إرهاب الجماعات العنصرية المتطرفة في الداخل التي تؤمن "بتفوق العنصر الأبيض"؛ خلاصة توصلت إليها تقارير حكومية أمريكية، وأخرى لمراكز أبحاث أمريكية. وتقدم محاكمة ميليشيا تتكون من 13 عنصرا في ولاية ميشيغن، انطلقت هذا الأسبوع، أبرز دليل على ذلك. وقد وجهت السلطات الأمريكية إلى أفراد الميليشيا تهمتي التآمر لاختطاف حاكمة الولاية غريتشن ويتمر، والهجوم على مبنى الكونغرس الخاص بميشيغن. مخطط هذه المجموعة لم يكن يتوقف فقط على اختطاف حاكمة ميشيغن، بحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، الذي كشف خلال الجلسة الأولى من المحاكمة، الثلاثاء، عن تفاصيل جديدة في القضية. اختطاف واستهداف هسبريس حضرت أولى الجلسات في المحكمة الفيدرالية للمقاطعة الغربية بمشيغن، إلى جانب وسائل إعلام عديدة وعائلات المتابعين. هذه الجلسة خصصت لخمسة من أصل 13 متابعا في هذه القضية، الذين تقدموا بطلب المتابعة في حالة سراح، لكن القاضية سالي بيرينز رفضت الطلب لثلاثة متهمين، وينتظر أن تصدر قرارها بشأن الآخرين خلال جلسة يوم الجمعة المقبل. أبرز شهادة قدمت في هذه الجلسة كانت للعميل الخاص لمكتب التحقيقات الفيدرالي ريتشارد تراسك، الذي قال إن هذه المجموعة لم تكن فقط تخطط لاختطاف حاكمة ولاية ميشيغن، وإنما كانت تناقش اختطاف حاكم ولاية فيرجينيا، رالف نورثم، أيضا. وكشف تراسك أن هذه المجموعة كانت تخطط أيضا لاستهداف مبنى الكابتول الولائي لمشيغن، كما خططت لاستهداف البيت الخاص لغريتشن ويتمر، ورميها في بحيرة، لكنه قال إن الهدف لم يكن اغتيالها. القاسم المشترك بين ويتمر ونورثم هو أنهما ينتميان للحزب الديمقراطي، كما أنهما فرضا الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، وهذا ما رفضه ناشطون من اليمين المتطرف، الذين خرجوا للاحتجاج بأسلحتهم في ميشيغن وفيرجينيا. اللافت في شهادة عميل المخابرات الأمريكية، هو حديثه عن تحديد هذه الميليشيا لأهداف في خمس ولايات، وتوفرها على أسلحة متنوعة، بالإضافة إلى استعمال عناصرها لتطبيقات خاصة بتشفير الرسائل، في محاولة لإخفاء المحادثات التي تجري بينهم، واقتداء بمجموعات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية الخارجية. التهديد الأكثر فتكا في السادس من أكتوبر الجاري، صدر تقرير لوزارة الأمن الوطني يعتبر أن المجموعات التي تحركها الأيديولوجيا المتطرفة تمثل أبرز تهديد إرهابي على الولاياتالمتحدة، والأكثر فتكا بالأمن الداخلي. وذكر التقرير أن الجماعات العنيفة قد تستهدف الفعاليات المرتبطة بالحملات الانتخابية لهذه السنة، أو الانتخابات نفسها، كما قد تقوم بهجمات بعد هذه الاستحقاقات. ولعل ذلك هو ما دفع مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، إلى القول في جلسة استماع بالكونغرس، الشهر الماضي، إنه يخشى حدوث مواجهات بين ميليشيات اليمين المتطرف والناشطين المناهضين لهم قبل الانتخابات المقبلة. واعتبرت وزارة الأمن الوطني ضمن تقريرها الحديث أن المتطرفين العنيفين الذين تحركهم دوافع عنصرية وعرقية يمثلون أكثر "التهديدات الفتاكة" التي تواجهها الولاياتالمتحدة، خصوصا المتطرفين البيض الذين يوجهون تهديدات إلى النساء والأقليات العرقية والدينية والمثليين، ويناهضون التعددية والعولمة. وعبر التقرير عن القلق المتزايد بشأن الآثار المترتبة على جائحة كورونا، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يشكل دافعا للمناهضين للحكومة لشن هجمات ردا على الإجراءات التي قامت بها السلطات للحد من انتشار الفيروس. ترامب واليمين المتطرف برزت عدد من المجموعات اليمينية المتطرفة في الولاياتالمتحدة بعد انتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب، خصوصا حينما خرج متطرفون في تجمع بمدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا سنة 2017، وشهدت المدينة مواجهات عنيفة. رفض ترامب إدانة هذه الجماعات المتطرفة، وقال إن "هناك أناسا جيدين في كلا الجانبين"، وكان يقصد حينها المتطرفين اليمينيين، وكذا النشطاء الذين كانوا ينددون بالشعارات العنصرية. وعاد هذا الجدل إلى الواجهة من جديد بعد المناظرة الرئاسية الأخيرة، حيث وجه الصحافي كريس والاس سؤالا إلى المرشح الجمهوري عما إن كان يدين الجماعات التي تؤمن ب"التفوق الأبيض". لكن ترامب تهرب من الإجابة عن هذا السؤال، ودعا جماعة "براود بويز"، وهي جماعة يمينية متشددة تؤمن بتفوق العرق الأبيض، إلى "التراجع إلى الوراء والاستعداد". تعبير احتفت به الجماعة مباشرة بعد نهاية المناظرة في مختلف منصات التواصل الاجتماعي وحولته إلى شعار لها، قبل أن يعود الرئيس من جديد ويصرح بأنه ضد جميع أشكال العنف. هذه المواقف دفعت معارضين كثرا لترامب إلى وصفه ب"العنصري"، وبأنه يدعم الجماعات المتطرفة، في حين يعلن هو أنه يحظى بدعم الأقليات العرقية، خصوصا من السود الأمريكيين، وأنه قام بتوفير فرص عمل أكثر لهذه الفئة طوال سنواته الأربع في البيت الأبيض.