المغاربة لديهم مشكلة كبيرة مع اللغة العربية الفصحى . على صفحات الجرائد وعلى شاشة التلفزيون وأمواج الإذاعة ترتكب أخطاء فظيعة في حق لغة الضاد كل يوم . لحسن الحظ أن الذين يكتبون اليوم على الوورد يقوم الحاسوب بتصحيح أخطائهم الفظيعة ، ولولا ذلك لرأينا فظاعة أكبر بكثير مما نراه الآن ! وعندما تستمع إلى أحد المغاربة الذين تستضيفهم قناة الجزيرة في أستوديو أخبارها بالرباط لا يمكنك إلا أن تشعر بالخجل . ضيوف بربطات عنق وبذل أنيقة يظهرون مثل تلاميذ المستوى الابتدائي ، يبحثون كثيرا عن الكلمات ، وعندما ينطقون تسمع لغة عربية ركيكة رغم أن أغلبهم يتوفرون على مستوى تعليمي عالي .
لكن يبدو أن المستوى التعليمي العالي في المغرب لا يعني بالضرورة أن صاحبه يملك ما يكفي من مهارات اللغة والثقافة ، والدليل على ذلك هو تلك الرتبة المخجلة التي صنفنا فيها تقرير البنك العالمي حول التعليم ، حيث جاء المغرب في الرتبة الحادية عشر من بين أربع عشرة دولة ، ولا يفصل بينه وبين مؤخرة الترتيب سوى العراق الذي يعاني من الاحتلال ، وجيبوتي واليمن اللتان تعيشان أوضاع اقتصادية غير مريحة . يا للعار. "" وبما أن الدولة لا توفر للمواطنين تعليما في المستوى ، فما على التلاميذ والطلاب الذين يدرسون في المؤسسات التعليمية العمومية إلا أن يعتمدوا على أنفسهم حتى لا يتخرجوا بشهادات تشهد على أنهم متعلمون ، لكن بمستوى ثقافي ولغوي غير مشرف على الإطلاق .
في الأحياء الجامعية مثلا ، وداخل الشقق التي يستأجرها الطلبة في المدن التي تتواجد فها الجامعات يمكن أن تجد في غرفة واحدة طلبة يدرسون جميعهم في كلية الآداب ، في شعبة الأدب العربي .
هؤلاء مثلا يمكنهم أن يتمكنوا من التحدث باللغة العربية بطلاقة تامة ، يكفي فقط أن يتركوا الدارجة جانبا ويستعملوا العربية الفصحى في ما بينهم . عوض أن تقول لصديقك مثلا : "كيداير" ، قل له : "كيف حالك"... وهكذا مع مرور الوقت ستصير ألسنتهم فصيحة وطليقة بلا تلعثم وبدون أخطاء . فحتى الذين يكتبون بشكل سليم ، عندما يفتحون أفواههم كي يتحدثوا يجدون مشاكل كبيرة ، لأن الكتابة تعطي هامشا من الوقت من أجل التفكير ، بينما الحديث بشكل مباشر لا يمنحك أي هامش . إضافة إلى أن تعليم النطق شيء مهم للغاية ، وربما من يتابع المسلسلات التلفزيونية السورية سيكتشف بلا شك أن الممثلين المغاربة الذين يشاركون في هذه المسلسلات يعانون من مشكل لا يخفى على أحد مع النطق بكلمات اللغة العربية ، وهكذا يمكنك أن تكتشف الممثلين المغاربة من خلال صوتهم فقط دون مشاهدة صورهم ، حيث تتدحرج الكلمات على ألسنتهم بصعوبة ، بينما الممثلون المشارقة يتحدثون بلغة عربية راقية ينطقون كلماتها بسلاسة وبصوت جميل . وهذا طبعا لا يخص طلاب اللغة العربية لوحدها ، بل يشمل طلاب جميع اللغات الحية . الدارجة راه ما عندها فين تهرب .
أحد أصدقائي حضر في الحملة الانتخابية الماضية لتجمع خطابي أقامه أحد المترشحين ، هذا الأخير أراد أن يظهر على أنه إنسان يحترم المرأة ، فبدأ خطابه أمام الناس قائلا : أيها العرب ... أيتها العربات ... !
زعما بغا يدير داكشي ديال أيها السادة أيتها السيدات ، ساعة هو رجع العيالات بحال التراكتورات والكاميونات .
ومساء يوم الأربعاء الماضي ضحكت كثيرا لوحدي عندما سمعت الممثل المغربي عبد القادر مطاع يتحدث عن الاحترام الواجب للمرأة في برنامج "إليك" على شاشة القناة الأولى . ولكي يعبر بدوره عن احترامه للمرأة قال إن الاحترام يجب أن يكون متبادلا بين الطرفين ، يعني بين المرأة والرجل ، واستدل بالحديث الشريف الذي يقول : " رفقا بالقوارير" . السي مطاع لم ينطق الحديث كما هو ، وإنما قال بعظمة لسانه : رفقا بالقارورات !
يا له من خطأ فظيع في حق المرأة وفي حق اللغة العربية يا سيد مطاع ! almassae.maktoobblog.com