دعا محمد بن عبد القادر، وزير العدل، مهنيي المهن القانونية والقضائية، والمهن المالية، من محامين وموثقين وعدول، إلى الانخراط بفعالية أكبر في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف محاصرة هذه الجريمة التي ما فتئت تتطور في مختلف دول العالم. وقال المسؤول الحكومي، خلال لقاء تواصلي منظم بشراكة بين وزارة العدل والهيئة الوطنية للعدول تحت عنوان "دور العدل في منظومة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، احتضنه المعهد العالي للقضاء اليوم الخميس، إن ثمة ضرورة ملحة إلى تضافر جهود مختلف المهن المالية وغير المالية لمحاصرة جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال تفعيل الالتزامات المفروضة قانونا على المهن القانونية والقضائية. وتتمثل أهم الالتزامات المفروضة على هذا الصعيد، والمضمّنة في القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال، في الالتزام باليقظة والتصريح بالاشتباه والمراقبة الداخلية، غير أن هناك نوعا من القصور في الالتزام بهذه الإجراءات وفق ما بيّنه التقييم المتبادل الثاني لمنظومة مكافحة غسل الأموال الذي خضع له المغرب سنة 2017. وأشار وزير العدل في هذا الإطار إلى أن التقييم المذكور أبرز التطور الملحوظ الذي عرفته منظومة مكافحة غسل الأموال في المغرب، مقارنة مع نتائج التقييم المماثل الذي جرى سنة 2007، لكنه نبّه إلى أن التقييم الثاني أبرز بعض الملاحظات السلبية، التي خصت القطاع غير المالي ومدى انخراط المهن القانونية والقضائية في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضح أن جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رغم خطورتها المرتفعة، فإن عدد التصاريح بالاشتباه المُحالة على وحدة معالجة المعلومات المالية، من طرف المحامين، لم تتعد 8 تصاريح، مقابل 5 تصاريح أدلى بها الموثقون، في حين لم يسجَّل أي تصريح بالاشتباه صادر عن العدول منذ إحداث الوحدة المذكورة سنة 2009. وتُوجب التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على أصحاب المهن القضائية، من محامين وموثقين وعدول، أن يقدموا تصريحات بالاشتباه إلى وحدة معالجة المعلومات المالية كلما شكّوا في وجود شُبهة غسل الأموال في العقود التي يشرفون على إبرامها. وتتولى وحدة معالجة المعلومات المالية البحث في المعطيات المتعلقة بالعمليات المالية المشتبه فيها، وتقدم بشأنها تقريرا عاما يتمّ حفْظه في حال تأكد لها انتفاء شبهة غسل الأموال، وفي حال تبيّن لها وجود شُبهة، تتم إحالته على النيابة العامة المختصة. ويتم رفع التقارير إلى النيابة العامة المختصة في سرية تامة، حيث لا يتم إطلاعها على أي معلومة تخص مهنيي المهن القانونية والقضائية الذين يقدمون تصريحات الاشتباه، وفق ما أكده المسؤولون القضائيون ومسؤولو وحدة معالجة المعلومات المالية، الذين شاركوا في اللقاء التواصل الذي نظمته وزارة العدل صباح الخميس. ومن بين الملاحظات السلبية التي سجلها التقييم الثاني الذي خضع له المغرب، كما أوضح وزير العدل، عدم التقيد بمتطلبات اليقظة وتفعيل آلية المراقبة الداخلية وإطلاع وحدة معالجة المعلومات المالية وجهة الإشراف على المعلومات الضرورية، مبرزا أن هذا الأمر انعكس سلبا على الجهود الرامية إلى مكافحة جميع أشكال الجريمة المالية المنظمة. وشدد وزير العدل على كون المغرب يخضع حاليا للملاحظة والمتابعة من قبَل مجموعة العمل المالي الدولية، "فقد أصبح من الضرورة والملحّ تضافر جهود مختلف المهن غير المالية، وذلك من خلال تفعيل الالتزامات المفروضة قانونا على المهن القانونية والقضائية، كواجب الالتزام باليقظة والتصريح بالاشتباه والمراقبة الداخلية، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال".