أكد محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، أن المغرب قد تمكن "بفضل حكمة وبعد نظر الملك محمد السادس من الانخراط في التحولات التي عرفتها بعض بلدان شمال إفريقيا والعالم العربي عبر إصلاحات عميقة سياسية ودستورية واقتصادية واجتماعية توجها دستور يوليوز الماضي وحكومة منبثقة من صناديق الاقتراع في انتخابات سابقة لأوانها". واعتبر بيد الله، الذي كان يتحدث في اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالعاصمة السعودية الرياض، أن النموذج المغربي "يكون نقطة تحول عميقة في المنطقة وسينعكس ايجابيا على الأمن والاستقرار في جنوب البحر الأبيض المتوسط وشمال افريقيا مساهماً بذلك في استتباب الأمن والسلم العالميين". وقال بيد الله "إذا نظرنا إلى التحولات العميقة والمتسارعة التي تعيشها بلداننا، فإننا نفهم قوة تأثيرها على التماسك الاجتماعي وبالتالي على الاستقرار والأمن والطمأنينة". وتوقف رئيس مجلس المستشارين عند أهم المتغيرات التي تعرفها المنطقة، كالتحولات الديمغرافية والتحولات المعرفية التي وصلت إلى مستوى مؤثر يشير إلى انتشار التعليم وانخفاض نسب الأمية ولو أن هذه النسبة لا زالت مرتفعة 40 في المائة، كما أشار بيد الله إلى ظهور أنماط جديدة للعيش وتبني النموذج الاستهلاكي والغربي بصفة خاصة وما يحدثه من متغيرات، مثل الثورة الرقمية ودمقرطة الخبر وسهولة سيلان المعلومة واستعمال اليوتيوب والفيس بوك وحتى الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة ناهيك عن الغزو التلفزيوني المستمر الذي ينقل الحدث بالصوت والصورة في آنه، ناهيك عن التغيير المستمر للعلاقات التراتبية داخل الأسر، وعي جديد بأهمية الشغل كوسيلة لتحقيق استقلال الفرد مادياً عن أهله وعشيرته وظهور نوع من الفردانية الذي أدى إلى ظهور أزمة هوياتية تتجلى تارة في الرجوع القوي إلى الدين وتارة إلى التطرف. واعتبر نفس المتحدث، أن هذه التحولات هي المحرك الأساسي للاضطرابات الاجتماعية التي تعرفها عدة دول منها دول منطقتنا وقد وصلت عدواها إلى دول في قارات أخرى. وأشار بيد الله إن هذه التحولات التي وصفها ب "العنيدة لا بد أن تفضي إلى بناء نماذج جديدة للتعايش تؤسس على احترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، وعلى مساواة الجميع أمام القانون وعلى الحرية والديمقراطية وتعزيز كرامة المواطنين وضمانها قانونية". وتساءل رئيس مجلس المستشارين "كيف يمكن احتواء هذه التحولات وامتصاصها بأقل تكلفة والاستفادة من ديناميكية التغيير النافع الايجابي في جو يسوده الاستقرار وضمان التنمية المستدامة". وأردف بيد الله "من منا كممثلين لشعوبنا لا يعمل جاد لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق الإنسان والكرامة والمساواة"، مضيفا في نفس السياق "إذا كانت الشروط الاقتصادية غير متوفرة إلى حد الآن لتحقيق هذه الأهداف النبيلة فإن الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد والارتشاء والإقصاء والتهميش وضمان استقلال القضاء هي الأعمدة الأساسية التي يجب أن تنبنى عليها مجتمعات الغد".