لم يتلقَ عدد من الأجراء في القطاع الخاص ذوي الدخل المحدود أي زيادة خلال شهري يوليوز وغشت، كما كان متوقعاً بُموجب الاتفاق الاجتماعي الموقع بين الحكومة والقطاع الخاص والنقابات في 25 أبريل من السنة الماضية. وكان هذا الاتفاق قد تضمن التزاماً من طرف القطاع الخاص بالرفع من الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 في المائة على سنتين؛ 5 في المائة ابتداء من يوليوز 2019، و5 في المائة في يوليوز 2020. وبسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد الوطني، طلب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يُمثل القطاع الخاص، تأجيل هذه الزيادة للتركيز على الحفاظ على مناصب الشغل؛ لكنه لم يتلق أي جواب من طرف الحكومة، وقرر ترك حرية الاختيار في تطبيق الزيادة بين يدي المقاولات. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة كانت مُقررةً في شهر يوليوز المنصرم، فإن الحكومة لم تخرج إلى حد الساعة عن صمتها إزاء ما اعتبره عدد من النقابيين بمثابة "خرق" لاتفاق اجتماعي موقع بين الدولة والقطاع الخاص والنقابات بسبب عدم تطبيق هذه الزيادة. ولا ينص الاتفاق الاجتماعي على بنود خاصة في حالة ما لم يتم الوفاء بالتزامات أي طرف؛ فصفحاته الست تتحدث عن التزامات كل طرف فقط، لكن رغم ذلك يبقى التزاماً سياسياً وأخلاقياً يتوجب على كل طرف احترامه. وليست الزيادة في الحد الأدنى للأجر البند الوحيد الذي لم يتم احترامه ضمن هذا الاتفاق الاجتماعي، بل هناك عدة بنود أخرى تهم التشريع والحريات النقابية، حيث تم الالتزام بالتشاور حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب وتعديل مدونة الشغل وقانون النقابات والمنظمات المهنية، لكن ذلك لم يحدث إلى حد الساعة. وبالإضافة إلى ما سبق، تضمن الاتفاق أيضاً إدراج ملف التقاعد ضمن الحوار الاجتماعي وإطلاق مسلسل الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد والتشاور بشأن إرساء نظام للقطبين العام والخاص؛ لكن هذا الورش لا يزال هو الآخر متأخراً، رغم الأزمة التي تتهدد احتياطات التقاعد. ويؤكد الميلودي مخارق، الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، أن الاتفاق الاجتماعي لسنة 2019 هو "اتفاق مؤسساتي لأنه موقع بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل، وتطبيقه أخلاقي يجب على الأطراف الثلاثة الالتزام به". وأشار مخارق، في حديث لهسبريس، إلى أن "الاتحاد المغربي للشغل يَعتبر أنه لا يمكن تأجيل الشطر الثاني من الزيادة في الحد الأدنى للأجر؛ لأن الأمر يتعلق باتفاق مؤسساتي وصدر مرسوم في هذا الشأن بمثابة قانون في الجريدة الرسمية". وأكد المتحدث أن "تطبيق مقتضيات هذا الاتفاق، وخصوصاً في الزيادة في الحد الأدنى للأجر، هو التزام أخلاقي أيضاً؛ لأن الظرفية الحالية المرتبطة بالجائحة تتطلب التضامن بين فئات المجتمع، أي بين أرباب العمل ورؤوس الأموال والطبقة العاملة والبسيطة". وسجل الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل بإيجابية موقف الحكومة بهذا الخصوص، حيث قال: "رغم ضغط أرباب العمل لكي تتراجع الحكومة على هذا الاتفاق لم يتم ذلك، وقد أكد رئيس الحكومة في لقاء سابق أنه مُلزَم بتطبيق الزيادة في ظل غياب اتفاق مع النقابات بشأنه، وهذا موقف إيجابي". وأورد مخارق أن عدداً من المقاولات التزمت بتطبيق الزيادة في الحد الأدنى للأجر بخمسة في المائة، فيما فضّلت أخرى عدم تطبيق ذلك، داعياً في هذا الصدد الدولة إلى تحمل المسؤولية من خلال جهاز التفتيش. وبخصوص إصلاح منظومة التقاعد والالتزامات الأخرى، أكد مخارق أنها بمثابة "نقطة ميتة"، داعياً الحكومة إلى عدم اتخاذ الجائحة كذريعة لتوقيف تطبيق مختلف مقتضيات الاتفاق الاجتماعي. كما أشار المتحدث إلى الحكومة لم تفتح بعدُ باب المشاورات مع الفرقاء الاجتماعيين حول منظومة التغطية الاجتماعية، رغم مرور أسابيع على خطاب الملك الذي تطرق لهذا الملف ذي الأولوية الكبيرة.