على نحو غير متوقع، خرج المئات من المواطنين، مساء أمس السبت، وتجمعوا في أحياء بمدينة إنزكان والدشيرة وأكادير، لمتابعة الاحتفال بتظاهرة "بيلماون"، رغم أن السلطات العمومية قررت منع جميع التظاهرات الثقافية والفنية المستقطبة لجمهور عريض، بسبب استمرار جائحة كورونا. وغصّت أزقة في بعض الأحياء الشعبية بالمدن المذكورة عن آخرها بمئات الناس، كما وثقت ذلك مقاطع "فيديو"، بينما ظهرت سيارات شرطة تخترق الحشود المتجمعة، دون أن تفلح في تفريقها، إذ سارت بشكل بطيء وسط الأهازيج ودقات الطبول. وسبق للجمعية الإقليمية لمهرجان "بيلماون بودماون"، وهو "كرنفال" ضخم يُنظم كل سنة بمناسبة عيد الأضحى، احتفاء بعادة "بيلماون" أو "بوجلود"، أن أصدرت بلاغا قبل أيام أعلنت فيه إلغاء تنظيم دورة سنة 2020 من "الكرنفال" المذكور، وإلغاء جميع الاحتفالات المرتبطة به، في إطار تدابير السلامة الصحية للوقاية من فيروس كورونا. ورغم أن الجمعية التي دأبت على تنظيم "كرنفال بيلماون بودماون"، منذ سنوات، أعلنت إلغاء دورة هذه السنة، فإن بعض الشباب خرقوا حالة المنع، وارتدوا جلود الأضاحي وخرجوا إلى الشارع. غير أن سعيد عادل، عضو الجمعية المذكورة، قال إن الأمر يتعلق بحالات فردية معزولة. وأكد عادل، في تصريح لهسبريس، أن البلاغ الذي أصدرته الجمعية الإقليمية ل"كرنفال بيلماون بودماون" كان واضحا، وجاء تماشيا مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا، والتي مُنع بموجبها تنظيم التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى التي تستقطب جمهورا عريضا. واعتبر المتحدث ذاته أنّ الجمعية المنظمة ل"الكرنفال" لم يكن بمقدورها أن تمنع الحالات المعزولة التي أخلّت بقرار المنع، "لأنّ عقليات الشباب تغيرت وتجاوزت الإطارات الجمعوية"، مجددا التأكيد أن الأمر يتعلق بسلوكيات فردية، بينما التزم أغلب الشباب الذين كانوا يشاركون في التظاهرة بقرار المنع. وشددت الجمعية الإقليمية ل"مهرجان بيلماون بودماون"، في البلاغ الذي أصدرته، على أنها "تنخرط بجدية ومسؤولية ووعي كبير حفاظا منها على السلامة الصحية للمغاربة قاطبة"، داعية المواطنات والمواطنين إلى الانخراط الفعلي في الجهود المبذولة لمحاصرة جائحة كورونا واحترام الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية. من جهة ثانية، انبثقت بعض الأصوات التي عبّرت عن أمنيتها بأن يتمّ إلغاء مهرجان "بيلماون بودماون" بصفة نهائية، بعدما ألغيت دورته هذه السنة بصفة استثنائية جراء انتشار فيروس كورونا، بداعي أن المهرجان يخالف الدين الإسلامي. وتعليقا على دعاة إلغاء المهرجان، الذي يتابعه عشرات الآلاف من الجمهور كل سنة، قلل سعيد عادل من تأثيرهم، قائلا: "كلما اقترب المهرجان يظهر هؤلاء، وهم من أعداء كل ما هو أمازيغي، ويرفضون تقاليدنا العريقة وكل ما ليس علاقة بالشرق". ورغم تقليله من تأثير دعاة إلغاء مهرجان "بيلماون بودماون" فإن عضو الجمعية الإقليمية المنظمة للمهرجان بعمالة إنزكان آيت ملول قال إن المشكل يكمن في أن مثل هذه الدعوات تصدر من "الأصوليين الجدد"، ويقصد بهم الشباب المعتنقين للفكر الشرقي. وتابع المتحدث قائلا: "هؤلاء يعانون من استلاب فكري، ولا يفهمون عاداتنا وتقاليدنا العريقة"، لافتا إلى أن مهرجان "بيلماون بودماون" سيكون رافعة للتنمية الثقافية، "وسيساهم في الصناعة الثقافية والسياحية إذا أعطيت له الأهمية".