نقاش قديم تجدد على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب حول ظاهرة الاعتداءات الجنسية التي توثق، والتي تثير الكثير من الجدل، خصوصا أن المرأة غالبا ما تكون ضحية، وهو ما يدفع الحقوقيين إلى المطالبة بحماية أكبر للنساء في الفضاء الافتراضي. وخلال الأيام القليلة الماضية، أثار فيديو إباحي مرفوق بالعنف بين شاب وصديقته الجدل والاستياء على صفحات "فيسبوك"، وذلك بعدما أقدم شاب على ربط "صديقته" إلى السرير والقيام بضربها بالتزامن مع ممارسة الجنس عليها، في ممارسة وصفت بالسادية. وفي الوقت الذي أكد فيه الشاب أن هذه الممارسة متفق عليها مع صديقته وبرر ذلك بأنه "عاجبها الحال"، انهالت التعليقات الغاضبة على حسابه، حيث استكر عديدون هذه الممارسة "الشاذة"، وطالبوا بمتابعة مرتكبها على نشر مثل هذا السلوك. فدوى رجواني، فاعلة مدنية وحقوقية، قالت في تصريح لهسبريس إن "وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت فرصة للتعبير عن الآراء والحوار وتبادل المعلومات"، مضيفة أن "النساء رغم ظاهر الحرية التي تمنحها مواقع التواصل الاجتماعي، يشتكين على نحو متزايد من تهديد حقهن في حرية التعبير عبر منصات التواصل". وأوضحت رجواني أن هذا التهديد يتجلى بالخصوص في انتشار العنف والإساءة للمرأة عبر تنظيم حملات منظمة أحيانا ضد المواضيع التي تهم النساء، موردة: "رأينا مؤخرا كيف شنت حملات هوجاء ضد النساء العاملات ذهبت حد وصف كل امرأة عاملة بالعاهرة". وأبرزت رجواني أن أشخاصاً من جميع فئات النوع الاجتماعي يمكن أن يتعرضوا للعنف والإساءة على الإنترنت، وأن "الإساءة التي تتعرض لها النساء غالباً ما تكون ذات طبيعة جنسية أو متحيزة ضد المرأة، والتهديدات بالعنف ضد النساء على الإنترنت غالباً ما تكون جنسية وتتضمن إشارات محددة إلى أجساد النساء". "العديد من النساء كذلك يمارسن رقابة ذاتية على أفكارهن لأنهن متأكدات أن حجم الأذى الذي قد يتعرضن له جراء التعبير عن رأي أو موقف قد يصل حد العنف المادي"، تقول الناشطة الحقوقية ذاتها، منبهة إلى "أنه لم يسبق أن تم إخضاع مرتكبي هذا العنف ومنظمي هذه الحملات ضد النساء لأي مساءلة"، مبرزة أنه "بدل تعزيز أصوات النساء، تقودهن هذه التهديدات إلى ممارسة الرقابة الذاتية على ما ينشرنه من تدوينات وتعاليق، وتؤدي في بعض الحالات إلى ابتعادهن كلياً عن منصات التواصل الاجتماعي". وأشارت رجواني إلى أن التحرش والمضايقات التي تتعرض لها النساء تتخذ أشكالا متعددة، منها انتهاك الخصوصية والابتزاز والتهديد بنشر صور خاصة أو حميمية للمرأة قصد النيل منها، مما يخلق مناخا عدائيا ينتقل من الافتراضي إلى الواقعي. وأضافت إلى ذلك الحملات العنصرية التي تتعرض لها النساء، خصوصا المشتغلات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، واللجوء إلى انتقاد شكلها أو لونها وتوزيع صورها مرفوقة بعبارات مهينة لثنيها عن مواصلة أي عمل يتعارض مع حاملي هذا الفكر الاستئصالي المعادي للمرأة. ويتخذ العنف والإساءة ضد النساء، وفق رجواني، أشكالاً متعددة، منها التهديدات المباشرة وغير المباشرة باستخدام العنف الجسدي أو الجنسي، مشيرة إلى كون الإساءة التي تستهدف جانباً أو أكثر من جوانب هوية المرأة، من قبيل العنصرية أو رهاب التحوُّل الجنسي، تهدف إلى خلق مناخ عدائي قصد ترهيب أو إهانة أو الحط من شأن النساء، وفي النهاية إسكاتهن.