على الرغم من أن المكاسب المحققة في مجال حقوق المرأة بالمغرب سجلت تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التمكين الاقتصادي للمغربيات ما زال متعثرا، وتؤكد ذلك نسبة حضور النساء الضعيفة في سوق الشغل، ونسبة النساء مالكات المقاولات. وتسعى الحكومة إلى تجاوز هذا التعثر من خلال رفع نسبة النساء في سوق الشغل بحوالي الثلث خلال العقد المقبل، حيث تعتزم رفع هذه النسية إلى ثلاثين في المئة في أفق سنة 2030، كما أعلنت ذلك اللجنة الوزارية المكلفة بالمساواة في اجتماعها الأخير. ويتضمن البرنامج المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء الذي صادقت عليه اللجنة المذكورة ثلاثة أهداف استراتيجية، يتعلق الأول بتحقيق 30 في المئة من معدل الشغل في صفوف النساء، والثاني يتعلق بمضاعفة نسبة خريجات التكوين المهني لتصل إلى 8 في المئة، أما الهدف الثالث فهو تعزيز بيئة ملائمة ومستدامة للتمكين الاقتصادي للنساء. هذا الجانب يُعدّ من بين الجوانب التي تتطلب اشتغالا مكثفا من أجل تذليل العقبات التي تحول دون التمكين الاقتصادي للنساء، ذلك أن من بين العوامل التي تمنع النساء من الولوج إلى سوق الشغل غياب ظروف عمل ملائمة وآمنة، حيث تتعرض النساء في فضاءات العمل للتحرش والإهانة، ومختلف أنواع الاستغلال، إضافة إلى غياب إطار قانوني يحمي حقوقهن الشغلية، حسب خديجة الرباح، عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب. وأكدت الرباح أن الاستراتيجية الحكومية المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للنساء لا يمكن أن تنجح ما لم يُجْر أولا تقييم للاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2015-2030 لتشخيص العوائق التي تحُول دون ولوج المرأة إلى سوق الشغل وتذليلها، واصفة الظروف التي تشتغل فيها النساء حاليا ب"الكارثية". غياب التمكين الاقتصادي للنساء لا يؤثّر فقط على وضعيتهن الاقتصادية والاجتماعية الفردية، بل يؤثر على نسبة كبيرة من الأسر، وتؤكد ذلك المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط التي تفيد بأن نسبة الفقر في صفوف الأسر التي ترأسها نساء تبلغ 12.5 في المئة، في حين تصل نسبة البطالة في صفوف النساء إلى 53 في المئة. وترى خديجة الرباح أن هذه الأرقام تحمل دلالات عميقة وتبيّن عُمق الهشاشة التي تعاني منها المرأة المغربية والأسر التي تعيلها النساء، بسبب عدم التمكين الاقتصادي لها، مبرزة أن تحقيق هذا الهدف "لا يمكن أن يتمّ عن طريق الإصلاح بالجُرعة، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية لضمان الحقوق الأساسية في الشغل للمرأة".