قلّل خبير مغربي من تهديدات جبهة البوليساريو الانفصالية، بشأن الانسحاب من عملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة والعودة إلى "الحرب". وهددت جبهة البوليساريو، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء المنظمة الدولية، بعدم الانخراط في أي عملية سياسية أو مفاوضات مستقبلية. وقال الباحث في الدراسات الإفريقية، خالد الشكراوي، إن جميع تصرفات جبهة البوليساريو في الفترة الأخيرة باتت عبارة عن ردود فعل لا أقل ولا أكثر، مشيرا إلى أن الخرجة الجديدة/القديمة تأتي ردا على القرارات الأممية، التي تعترف بالحل السياسي وبالمبادرة المغربية كحل يُمكن الأخذ به. وأكد المحلل السياسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجبهة فشلت في تغيير طبيعة بعثة المينورسو بالصحراء، رغم مساندتها من قبل بعض الدول، ومنها من كانت عضوا في مجلس الأمن الدولي. التحركات الجديدة لميليشيات البوليساريو، وفق الباحث المغربي، تأتي في سياق تواتر أخبار عن قرب تعيين وسيط أممي جديد بعد شهر غشت المقبل، مبرزا أن "الجبهة تعي أن تأخر وجود خلف لهورست كولر سينعكس سلبا عليها ضمن تقرير مجلس الأمن المرتقب في نهاية أكتوبر، وبالتالي هي تُحاول أن تقوم بعملية استباقية للضغط على الأممالمتحدة". ويربط الشكراوي تحركات جبهة البوليساريو، أيضا، بالتحولات على مستوى هرم نظام الدولة الجزائرية، خصوصا على مستوى تحركات سعيد شنقريجة، رئيس أركان الجيش الجزائري بالنيابة بالقرب من الحدود المغربية، في خطوة لتكريس خيار العداء كورقة رابحة لضمان الوحدة الوطنية الداخلية. لكن الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية وبجامعة محمد الخامس في الرباط، يرى أن عودة ميليشيات البوليساريو إلى التصعيد الميداني، هي عملية جد معقدة ترتبط بالوضع الإقليمي في المنطقة، خصوصا على مستوى منطقة الساحل والصحراء، و"هو أمر ليس في مصلحة الجبهة، لأن العالم اليوم يبحث عن دول قوية تطمئن إليها القوى السياسية والاقتصادية، لاسيما ضد الإرهاب بالخصوص". وأضاف المصدر ذاته، في تصريحه، أن "تحركات الجبهة محكوم عليها، كذلك، بالوضع في ليبيا اليوم، وهو جد حرج ولا يطمئن الدول والفاعلين السياسيين الدوليين، لذلك هناك اليوم نزوع لضمان وجود دول قوية بالمنطقة، ومن بينها المغرب". عامل آخر أثر بشكل كبير على وضعية البوليساريو بالمنطقة، يورد الشكراوي، يتمثل في وصول رئيس جديد منتخب إلى السلطة بالجارة الجنوبية موريتانيا، بالإضافة إلى ضعف الموارد المالية للجزائر في الوقت الحالي، بسبب أزمة "كورونا" وتراجع أسعار المواد الطاقية. ولفت خالد الشكراوي الانتباه إلى المشاكل الداخلية لجبهة البوليساريو الانفصالية، خصوصا على مستوى مطالب الشباب، الذي بات في الفترة الأخيرة ينادي بحقه في الوصول إلى السلطة، تدفع قيادة الجبهة إلى البحث عن متنفس جديد، في حين يبقى الوضع الداخلي بالمخيمات مأساويا وكارثيا وقابلا للانفجار، مقابل تمتع أصحاب الجاه والسلطة بامتيازات كبيرة. وفي جوابه عن سؤال حول إمكانية إقدام الجبهة على خرق اتفاق وقف إطلاق النار، أوضح الشكراوي أنه "ليس من مصلحة البوليساريو أو الجزائر ولا أي طرف بالمنطقة خرق هذا الاتفاق الأممي"، مشددًا على أنه من الصعب على الجزائر أن تدخل في حرب على حدودها الغربية، وهي لها مشاكل بالحدود الشرقية والجنوبية. في مقابل ذلك، أبرز الشكراوي أن قيادة الجبهة تبحث عن مخرج للأزمة التي تعيشها، عبر "التلويح بورقة الحرب التي يمكن أن تشكل متنفسا للزعامات الحالية، وبالتالي ضمان البقاء على رأس السلطة"، لكنه أكد أن "الجبهة لا تملك أي إمكانيات للدخول في نزاع ضد المغرب، إضافة إلى ألا أحد من الفاعلين الدوليين يمكن أن يساندها في هذا الخيار، بما في ذلك روسيا وجنوب إفريقيا أو حتى الجزائر، التي ليس في مصلحتها النزوح نحو التصعيد في الوقت الراهن". وشدد الخبير في الدراسات الإفريقية، في تصريحه، أن المغرب مستعد دائمًا للرد على تحركات الانفصاليين أو أي حماقات طائشة بالحدود الجنوبية.