قبل أسابيع أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون انخراط النزلاء في إنتاج الكمامات الطبية، في إطار مكافحة جائحة كوفيد 19. هسبريس زارت أماكن اشتغال السجناء بالسجن المحلي "عكاشة"، حيث وقفت على انخراط نساء ورجال في إنتاج كمامات بمعدل تجاوز الألف كمامة يوميا، وهو العمل الذي يتم مقابل تحفيز مادي بسيط. والتقت هسبريس عددا من السجينات والسجناء الذين يشتغلون في صنع الكمامات الطبية داخل المؤسسة السجنية، وجلهم عبروا عن فرحتهم بهذا النشاط الذي يمثل بالنسبة لهم "مساهمة في عمل وطني ومحاربة لأزمة دولية"، وأغلبهم أكدوا أن ما يتلقونه من تعويضات مالية مقابل هذا العمل كان حافزا، خاصة مع عدم تمكن أهاليهم من إرسال المال لهم بسبب "الأزمة الخانقة". وتقول نزيلة التقت بها هسبريس: "باقتراح من الإدارة بدأنا العمل، فمع بداية الجائحة كنا قد أوقفنا جميع الأنشطة، وكان العرض بمثابة فرحة كبيرة لأننا كنا فقط نجلس في غرفنا دون القيام بأي شيء"، وتتابع معبرة عن فرحتها بالعمل الذي تؤديه: "ولو أننا سجينات فنحن نشارك بشيء إيجابي خلال هذه الجائحة، مشاركة وطنية وسنستفيد منها ماديا ويمكن أن نعفي عائلاتنا من أن تبعث لنا المال، خاصة في ظل هذه الأزمة... الكمامات واقية وتحمي من الجائحة، وبالتالي فإنتاج شيء مفيد كهذا يجعلنا نحس بشيء من الفخر". نزيل شاب أكد لهسبريس أنه قبل الانخراط في صناعة الكمامات تم إخضاعهم لاختبار للتأكد من أن بإمكانهم الخياطة، ويقول: "نناضل ونساهم من أجل محاربة كوفيد 19، وهو عمل من أجل الوطن وأحس من خلاله بأنني أقوم بإنجاز ما...ولو كنت مريضا آتي للاشتغال لأن لي رغبة في العمل وبأن أحس بأنني أعمل وأساهم في محاربة الجائحة بما استطعت". وتقول فاطمة بوقبيش، مديرة السجن المحلي عين السبع 2 نساء، إنه على غرار عدد من المؤسسات السجنية انخرطت المؤسسة في إنتاج الكمامات الواقية التي تستجيب للمعايير المعتمدة من طرف القطاعات الوصية، مؤكدة أن جميع مراحل الإنتاج تخضع للمراقبة. وتوضح بوقبيش، في حديثها مع هسبريس، أن المبادرة الصادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون، وبالضبط مديرية العمل الاجتماعي والثقافي، لقيت إقبالا من قبل النزيلات، وتقول: "مجموعة من النزيلات انخرطن في المشروع، منهن من تقوم بالخياطة ومن تقوم بالتعقيم والتلفيف"، مؤكدة أن الإنتاج كان بداية يقتصر على خمسمائة كمامة في اليوم، ووصل اليوم ما بين 1200 و1500 كمامة في اليوم؛ فيما خلال مدة شهر تم إنتاج 30 ألف وتسع مائة كمامة. وتردف بوقبيش: "هو تعبير عن حس وطني، وروح التعاون والمسؤولية، وبرهنة عن أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع ويساعدون في المجهودات الوطنية لمحاربة كوفيد 19"، موضحة أن "هناك تحفيزا ماديا يوضع في حساب كل نزيل ليقتني المقتنيات اللازمة، مع الاستغناء ولو عن جزء بسيط من الإعانات التي تبعث بها الأسر، خصوصا أنها تعرف عوزا في ظل هذه الجائحة". نزيلة أخرى قالت لهسبريس: "المندوبية منحتنا فرصة لإظهار قدراتنا، ولو تعلق الأمر بشيء بسيط. من قبل كنا نتعلم فقط لنستفيد بشكل شخصي، لكننا اليوم نقوم بإنتاج سيفيد الآخرين ومن شأنه أن يساعد بالإيجاب في ظل هذه الجائحة"، وتضيف: "ما نجنيه من أرباح سيساعدنا ويساعد عائلاتنا، خاصة أنها في ظل هذه الجائحة لم تتمكن من بعث المال لنا"؛ فيما يقول نزيل ثان: "أنا جد فخور لأنني من بين الذين ينخرطون في هذا العمل الإنساني لمحاربة هذه الجائحة التي ضربت العالم بأسره". وسبق أن أعلنت المندوبية أن مائة من نزيلات ونزلاء 21 مؤسسة سجنية انخرطوا في عملية صناعة الكمامات التي انطلقت بتاريخ 05 ماي الماضي، وذلك بطاقة إنتاجية تبلغ عشرين ألف كمامة واقية يوميا، في انتظار رفعها في المستقبل. وتهدف هذه العملية، حسب المندوبية العامة، إلى تحقيق هدف تأهيلي، إذ يروم هذا المشروع تأهيل السجناء للاندماج في المجتمع، من خلال إذكاء روح المواطنة لديهم وتمكينهم من مجموعة من القيم الإيجابية؛ كتحمل المسؤولية، والتآزر، والتعاون، والمساهمة في المجهودات المبذولة من لدن مختلف مكونات المجتمع المغربي، من قطاعات حكومية وفعاليات مجتمعية للوقاية وللحد من انتشار هذا الوباء. جدير بالذكر أن هذه العملية تتم بتنسيق ودعم من وزارة الداخلية ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، الشريكين الإستراتيجيين للمندوبية العامة في هذا المشروع.