منذ أيام، عادت مجموعة من الشركات، الكبرى منها والصغرى والمتوسطة، إلى مزاولة أنشطتها، بعد توقف بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد. عودة كانت صعبة وشاقة بالنسبة إلى أرباب هذه المؤسسات الصناعية، وكذا بالنسبة إلى العاملين فيها؛ فأمام الخوف الذي يدب في نفوس الأجراء من إصابتهم بالوباء، تزايدت أتعاب أرباب الشركات خصوصا مع إلزامهم باتباع التعليمات الصحية. عودة مكلفة على مستوى بعض التجمعات الصناعية، على غرار حي مولاي رشيد في الدارالبيضاء، بدأت العديد من الشركات في مجالات صناعية مختلفة تستأنف نشاطها، وهي تتأقلم مع هذا الوضع الجديد الذي لم يكن في الحسبان. وجدت هذه الشركات نفسها مضطرة، في ظل أزمة "كوفيد 19"، لاتباع التعليمات الصادرة من طرف السلطات، حماية لأرباب العمل والعاملين في صفوفها من هذا الوباء؛ وهو أمر مكلف، حسب مسؤولين ببعض المقاولات التي تحدثنا إليهم. وكشف مسؤول بإحدى هذه الشركات أن التعقيم المستمر واقتناء الكمامات والملابس الخاصة التي يتم تغييرها بشكل يومي أمر مكلف، خصوصا أن معظم المقاولات لم تستعد بعد عافيتها ونشاطها بالشكل الذي كانت عليه. ويرافق المعدات والتدابير المكلفة ماديا خوف من الإصابة بفيروس كورونا، حيث لا يتنفس العاملون بهذه المصانع الصعداء حتى يمر اليوم دون أن تصلهم أخبار عن إصابة زميل لهم بالشركة أو شركة مجاورة بهذا الوباء؛ ما يجعلهم يتبعون التعليمات الصحية حماية لأنفسهم من الخطر القريب منهم. لكن، في المقابل، تتحدث فاطمة الزهراء خيرات، المديرة المنتدبة لجمعية ازدهار للفاعلين الاقتصاديين، عن أن الشركات الموجودة بالحي الصناعي لعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، الذي يضم أكثر من 500 وحدة صناعية، المنضوية تحت لواء الجمعية، عملت على الاستجابة الفورية للتدابير المتخذة من طرف السلطات المختصة. وأشارت خيرات، ضمن حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الجمعية وجّهت منشورات ودلائل إلى مسؤولي الوحدات الصناعية المعنية بالحي للصناعي المذكور وتواصلت معهم، من أجل حثهم على الالتزام بهذه التدابير الصحية، مؤكدة أن هذه المقاولات الصناعية تلتزم بالتعليمات الصحية وبما يصدر عن السلطات الإقليمية التي تقوم بدوريات مراقبة هذه الأيام للوقوف على ذلك. واعتبرت المديرة المنتدبة للجمعية سالفة الذكر أن الشركات تعمل حاليا، بتنسيق مع السلطات الإقليمية والصحية، على إجراء التحاليل المخبرية للعاملين من أجل الكشف عن فيروس كورونا؛ وهو ما مكن من جعل هذه الوحدات الصناعية بالبرنوصي تعرف عدم تسجيل أية حالة في الآونة الأخيرة، بعدما كانت إحدى الشركات قد سجلت فيها مع بداية الوباء حالات عديدة. الالتزامات الصحية تخفض الإنتاج بالنسبة إلى الشركات الكبرى، كانت عملية التعقيم والإجراءات الاحترازية المسطرة من طرف السلطات حاضرة خلال جولة قمنا بها بالحي الصناعي لسيدي البرنوصي، حيث تفرض المصالح المختصة بالعمالة والجمعية التي ينضوي تحت لوائها أصحاب هذه المقاولات اتباعها حماية لهم وللعاملين لديهم من فيروس كورونا. وفي هذا الصدد، يؤكد عبد الحميد الأشام، مدير الصحة والسلامة بوحدة صناعية بسيدي البرنوصي، أن الشركة، منذ عودتها إلى العمل بعد توقف لأسابيع بسبب الوباء، باشرت مجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية حماية لأطرها ومسؤوليها والعاملين لديها. وأوضح المسؤول المذكور، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الإجراءات تتمثل في قياس درجة الحرارة بشكل يومي للعاملين خلال ولوجهم مقر المؤسسة لعزل أي حالة مشتبه فيها، إلى جانب إلزامية استعمال الكمامات والتباعد الاجتماعي. ويورد المسؤول نفسه أن الشركة عملت على تقليص عدد العاملين فيها وفق ما نصت عليه السلطات، لتفادي الازدحام وغيره، مشيرا إلى أن العدد بدأ يعود إلى ما كان عليه بعد تحسن الوضع الوبائي، ناهيك على اتخاذها قرارا بعقد اجتماعات تباعدية بين العمال. من جهتها، أوردت زينب شراب، مديرة الموارد البشرية والتواصل بوحدة صناعية، بأن اتباع الإجراءات الصحية والالتزام بها بالشكل المنصوص عليه من طرف الجهات المختصة ساهم في تراجع الإنتاج، خصوصا أن الوحدة الصناعية عملت على تقليص عدد العاملين. ولفتت المسؤولة ذاتها إلى أن هذا الوضع راجع إلى إغلاق المحلات التي تتعامل معها الوحدة الصناعية وتوقفها بسبب وباء كورونا؛ غير أن الإنتاج عاد تدريجيا هذه الأيام، بالرغم من الحرص الدائم على تتبع الإجراءات الصحية التي تصدرها السلطات الصحية. وعلى مستوى عمالة النواصر، يؤكد مسؤولو إحدى شركات الأدوية أن هذه الأخيرة لم تسجل فيها أية حالة لوباء كورونا؛ وذلك راجع إلى أن الشركة انخرطت، منذ بداية ظهور الوباء، في اتباع التعليمات المعمول بها والصادرة عن السلطات الحكومية. داخل هذا المصنع، يجد العاملون إجراءات معمول بها من المدخل وحتى داخل المطعم، مع إلزام الجميع بمن فيهم الأطر للخضوع للفحوصات والتعقيم وارتداء بذل خاصة يتم الاستغناء عنها مباشرة مع نهاية وقت العمل. أسامة ماهر، مدير الموارد البشرية بالشركة المتخصصة في الأدوية، أفاد بأن الشركة عملت على تعقيم مقرها كاملا، واتخذت إجراءات عديدة لمواجهة هذا الوباء كما نصت على ذلك السلطات، إلى جانب وضع غرفة للعزل في حالة الاشتباه في أية حالة. وأوضح ماهر أنه، إلى جانب احترام التباعد الاجتماعي واجراء تعديل في التوقيت وتقسيم العاملين، تم وضع مجموعة من الشاشات بمختلف ممرات المؤسسة وبمستودعات الملابس، حيث يتلقى العاملون في المختبر تعليمات صحية يجب اتباعها وإرشادات وقائية من أجل الحماية من هذا الوباء. الوقاية أو كورونا الشركات الصغرى والمتوسطة وجدت نفسها أمام أمرين لا ثالث لهما، إما احترام التعليمات الصحية أو التحول إلى بؤر لوباء كورونا؛ ما دفع الكثير من المقاولات، التي عادت إلى استئناف نشاطها هذه الأيام، إلى القيام بالإجراءات المعمول بها ولو أن ذلك يثقل كاهلها. عبد الرزاق بوهمراش، نائب رئيس جمعية المقاولات المتوسطة والصغرى لصناعة النسيج والألبسة، قال إن العودة إلى الإنتاج بالنسبة إليهم في ظل هذه الظروف العصيبة تقتضي من الجميع حماية نفسه وحماية العاملين معه، عبر اتخاذ الاحتياطات نظرا لأن الفيروس معدٍ وخطير. وعملت الجمعية، وفق المتحدث، على توعية منخرطيها قبل استئناف النشاط، تفاديا لتحويل هذه المقاولات الصغرى التي تنشط في قطاع النسيج المعروف بالازدحام إلى بؤر لفيروس كورونا، مشيرا إلى أن مجموعة من الشركات شرعت في التجاوب والتفاعل مع الحملات التي تم القيام بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحسيسهم بضرورة اتباع التعليمات الصحية. وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث نفسه أنه "قمنا بتوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "الواتساب" للمنخرطين، بما ينبغي أن يكون لحماية الناس وحماية العمال وأسرهم. كما قمنا بمساعدة بعض الوحدات الصناعية، عبر إجراء فيديوهات من داخل بعض الوحدات الملتزمة بالتدابير لشرحها للبقية". ودعا نائب رئيس جمعية المقاولات المتوسطة والصغرى لصناعة النسيج والألبسة جميع المقاولات الراغبة في العودة إلى العمل إلى "اتخاذ هذه الإجراءات لاستئناف العمل، لا نريد أن تتحول هذه المصانع إلى بؤر للوباء"، مشيرا إلى أن بعض المقاولات شرعت في إجراء تحاليل "كوفيد 19" لعمالها، مؤكدا "كاملين خاص يكون عندنا هاد الوعي، لوقاية أنفسنا وكذا لاستئناف أنشطتنا".