دوّار أكْني، كما جماعة بني بوفراح التي ينتمي إليها تدبيريّا بأقصى غرب إقليم الحُسيمة، تزاوجت به وعورة التضاريس وقصور التدبير العاني بالشؤون الاقتصاديّة لساكنة المنطقة.. إلاّ أنّ هذا لم يمنع ثلّة نسوة من التكتّل محلّيا ضمن تعاونية مستثمرة في "الهنديّة". نباتات الصبّار التي يزخر بها ذات الدوّار تعدّ فريدة من نوعها على مستوى المغرب، وتشتهر وسط السّاكنة هناك باسم "الدّلاّحيّة"، ما دفع النسوة المتكتّلات ضمن تعاونية "صبّارِيف" إلى محاولة العمل على تسويقها عوضا عن دورها المألوف في الإحاطة بالأوعية العقاريّة للقرية النّائيّة. رئيسة "صبّاريف"، فاطمة الشيخ عُمر، لم تكن تتوقّع فعلا، حين بلورة المشروع من لدن جمعية بادس وحركة من أجل السلام بتمويل من بلديّة مدريد، أن يتمّ الوصول النتائج الحالية التي تراكمت عن 5 سنوات من العمل.. شأنها في ذلك ما التصق بذاكرتها عن لقاء الملك محمّد السادس، خلال الدورة الأخيرة من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، وثناءه على المنتوج الفريد من نوعه. "نشكّل مجموعة تحدّ من 12 فتاة وسيّدة، ونؤمن بضرورة رفع التحدّي حتّى النهاية رغما عن الصعوبة التي تأتينا من موقعنا الجغرافي وإكراهاته البنيويّة.. لدينا الرغبة في التقدّم ضمن أدائنا متسلّحات بالصبر والاتحاد" تقول فاطمة ضمن تصريح لهسبريس. أمّا زين الدّين حرتان، بصفته ممثلا تجاريا عن جمعية بادس و"حركة من أجل السلم" المبادِرتان لرعاية "صبّارِيف"، فإنّه يرى المشاركة ضمن معرض مكناس، ربيع العام الماضي، مفتاحا لشهرة هذه التعاونية التي ذاع صيتها وطنيا وسط جهل بتواجدها إقليميا وجهويا.. "تعاطي باقي الشركاء مع المشروع متوسّط في الوقت الذي كان ينبغي تحقيق التفاف مجهودات" يضيف حرتان. بابتسامات المثابرات المتحدّيات لإكراهات البيئة الجغرافيّة والمجتمعية تشتغل المنتميات للتعاونية.. يحضنهنّ المقرّ المشيّد لعطائهنّ المتضامن بأموال الشركاء على بقعة وفرتها الجماعة القروية لبني بوفراح.. يتقاطعن ضمن فضائه المشكّل من 4 حجرات وبهو قبل أن يتوزعن على ورشات العمل لإنتاج معلبات عصير ومربّى وشرائح صبّار "الدّلاحيّة".. ثمّ يتقاسمن مهام الإشراف على التعليب والتأشير على مدّة الصلاحيّة فالتعقيم. يرى زين الدين حرتان بأنّ المشروع آخذ في جني ثماره كرها أو طوعا، بدءً باقتناء معدّات الاشتغال وصولا إلى المناداة بضرورة تحمّل كل مدبّر لمسؤوليته تجاه "صبّاريف".. في حين لا تتردّد فاطمة الشيخ عمر ضمن كشفها لتطلعات نسوة التعاونية وقرنها بضرورة التحصّل على معصرة لزيت بذور الصبّار، وقيمتها 160 ألف درهم لإنتاج معصور باستطاعة 16 لترا منه أن تغطّي تكلفة هذا الجهاز، لجعل المتعاونات يتحصّلن على مردود ماليّ ينمّي مداخيلهنّ النقديّة وأسرهنّ. المتنقّل للمقر النّائي الخاص بتعاونية "صبّارِيف" بإمكانه الجزم في كون الاستثمار ضمن "الدلاّحيّة" قد خلخل البنية الذكورة للنسيج المجتمعي المحلّي، حيث أضحت النسوة المنخرطات ضمنه أكثر انفتاحا وأبرع تواصلا وأشدّ إصرارا في تحمّلهنّ المسؤولية التي يجعلن منها جسرا لتوفير قسط من التنمية وسط الرّيف العميق.