بأحد مكاتب التصويت بالجماعة القروية إيمينتليت بإقليم الصويرة، صوتت فاطمة، المرأة القروية العاملة في مجال تعاونيات النباتات العطرية والطبية، لفائدة الوثيقة الدستورية التي تحمل بالنسبة لها أملا في غد أفضل، يمكنها من الاهتمام أكثر بمستقبل أبنائها. فاطمة التي رافقتها ابنتها ذات الست سنوات، أثناء هذا الاستحقاق الشعبي التاريخي, كانت تؤدي «واجبا وطنيا» كما تعتبر ذلك، وتضيف «أدرك أن الدستور الجديد سيساعدني في الحصول على عدد من الحقوق، وسيجعلني مواطنة كاملة الأهلية، أساهم إلى جانب جميع المغاربة، في تحقيق التنمية». وبين الوقت المخصص لأفراد أسرتها وفترة العمل التي تقضيها بحقول التعاونية، وجدت فاطمة فسحة من الزمن للتوجه إلى مكتب التصويت إلى جانب نسوة أخريات، يقينا منها، ومنهن كذلك، أن بناء مستقبل مغرب ديمقراطي يبدأ من كل قرية نائية، ومن كل دوار منعزل، تتطلع ساكنته لبلوغ التنمية المنشودة. ومن جهتها، اعتبرت السعدية الديبي، الفاعلة الجمعوية بالصويرة، رئيسة جمعية الخير النسوية للأعمال الاجتماعية، أن الدستور الجديد سيشكل خطوة كبيرة لترسيخ دولة الحق والقانون، إذ سيحقق تقدما كبيرا في مجال المساواة بين الرجال والنساء، التي تنادي بها مختلف الجمعيات التي تناصر قضايا المرأة. فقد نظمت الجمعية النسوية، وعلى مدى أيام، لقاءات لفائدة نساء العالم القروي، لتمكينهم من الاطلاع على فحوى الوثيقة الدستورية، وتبسيط مفاهيمها لفائدة النساء القرويات، همهن الشاغل في ذلك تمكين فئات واسعة من المجتمع المغربي من الانخراط في ركب التنمية. «نتفاءل خيرا بهذا الدستور، الذي نتمنى أن يتم تطبيقه لفائدة النهوض بالمرأة، فالرفع من مستوى المرأة يمر أساسا عبر إحداث آليات كفيلة بتمكينها من التمدرس والتكوين الملائمين، وكذا من الحق في الولوج إلى المعلومة»، تضيف السيدة السعدية. فالدستور الجديد، سيحقق، دون شك، مساواة بين الرجل والمرأة، في الحقوق والحريات، مدنية وسياسية واقتصادية، اجتماعية، ثقافية وبيئية، وستشكل هيئة المناصفة التي ينص الدستور على إحداثها، آلية هامة ستعمل على محاربة كافة أشكال التمييز، من خلال التنصيص القانوني على إجراءات التمييز. ورغم وعورة المسالك الطرقية في عدد من المناطق النائية، فإن مواطني العالم القروي أدلوا وبكثافة بأصواتهم. النموذج بإقليم الصويرة يعبر عن الانخراط الشعبي الكامل لفائدة دستور ينادي بضرورة ضمان التوازن بين مختلف الجهات. وتعد الجهوية المتقدمة أحد ركائز هذا الأفق، إذ سيمكن التضامن بين الجهات، من ترسيخ أسس مجتمع قوي ودولة تقوم على تنظيم جهوي وترابي أسسه مبادئ التدبير الحر والتضامن، يؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة. المختار رجل تجاوز عقده السابع، غير أنه اختار أن يتكبد عناء التنقل إلى أحد مكاتب التصويت بالجماعة القروية تكاط، للإدلاء بصوته في فاتح يوليوز، فالمسألة تتعلق بالنسبة له، بمصير الوطن، وبالتالي فهو لا يمكن أن يخلف موعده مع التاريخ.»أحلم أن يحظى أحفادي بمستقبل أفضل، ونحن جميعا كمغاربة نساند صاحب الجلالة الملك محمد السادس في كل الخطوات التي يقوم بها ليجعل المغرب دولة متقدمة»، يعلق المختار على مشاركته في الاستفتاء الشعبي الهام. لقد جاء الدستور بتصور متقدم لمغرب قوي بجهاته وبجماعاته الترابية، التي ستضطلع بمهمة إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، لذلك، فالمستقبل سيكون حتما أفضل لفائدة أبنائه الذين سيشمرون عن سواعدهم لتحقيق التنمية البشرية، مسلحين بمقتضيات دستور يأخذ على عاتقه مهمة توفير الآليات الضرورية. تغادر فاطمة مكتب التصويت بإحدى مجموعات المدارس بالعالم القروي، متمسكة بيد ابنتها التي تطمح في توفيرمستقبل أفضل لها، من خلال تصويتها لفائدة دستور المغرب الجديد، الذي ينص على دسترة الحقوق الإنسانية للنساء.