تُواصل وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية الترويج لمغالطات مثيرة عن المغرب، وصلت إلى حد اتهام الرباط ب"التحالف مع إسرائيل لزعزعة استقرار الجزائر"، وذلك رداً على قصاصة نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء بشأن مطالبة البرلمان الأوروبي بالتدخل العاجل لوضع حد للقمع بالجار الشرقي. واستشاطت وكالة الأنباء الجزائرية غضباً بعد قصاصة ل"لاماب" من بروكسيل تتحدث فيها عن رسالة موجهة إلى الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن، جوزيب بوريل، بخصوص وضعية حرية الصحافة في الجزائر، والانتهاكات المرتكبة في حق الصحافيين، مذكرة بحالة خالد درارني، مراسل "مراسلون بلا حدود". وبعد أزمة "تصريحات بلد عدو"، تحولت الحروب الدبلوماسية بين البلدين الجارين إلى مواجهة إعلامية رسمية مفتوحة عبر بوابة وكالتي الأنباء الرسمية "لاماب" و"واج"؛ لكن بدرجة أكثر من قبل وكالة الأنباء الجزائرية التي رفعت منسوب "القصاصات الحاقدة" على المغرب بشكل غير مسبوق في الأيام الأخيرة. واعتبرت وكالة المغرب العربي للأنباء، اليوم الخميس، ادعاءات الوكالة الرسمية في الجارة الشرقية الجزائر بشأن "تحالف المغرب مع اللوبي الصهيوني في البرلمان الأوروبي لإطلاق حملات دنيئة ضد الجزائر"، بمثابة معاداة للسامية. واستغربت "لاماب" تصنيف "واج" نواب أوروبيين على أنهم "صهاينة"، "ليس لشيء إلا لأنهم قاموا بتحرير رسالة تذكير بسيطة موجهة إلى ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية يطالبون من خلالها برد فعل عاجل إزاء مسألة وضعية حقوق الإنسان في الجزائر". وتأتي الحرب الإعلامية الرسمية في وقت كان يعتقدُ أن اتصال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بنظيره الجزائري صبري بوقادوم، بشأن أزمة تصريحات القنصل المغربي بوهران، سيقلل من منسوب التوتر القديم-الجديد. ويرى مراقبون أن الجزائر تُحاول توظيف ورقة المغرب كعادتها، بعد رفض الشارع والعديد من الفعاليات الحزبية والمدنية مشروع الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس عبد المجيد تبون، ويشهد اليوم في الجارة الشرقية نقاشا واسعا حول مضامينه. وقال الباحث والخبير في قضية الصحراء المغربية نوفل البوعمري إن الحملات القوية التي تقودها الآلة الإعلامية الجزائرية ضد المغرب تأتي في "ظل استمرار الضغط الشعبي الجزائري على نظام الجنرالات من أجل الاستجابة لمطالبته بانتقال سلس سلمي ديمقراطي يؤدي إلى بناء دولة جزائرية مدنية بمؤسسات تعبر حقيقة عن طموح الشارع الجزائري، وليس مجرد مؤسسات شكلية في يدهم". ويرى البوعمري، في تصريح لهسبريس، أن "تفسير الحالة التي يعيشها النظام الجزائري التي وصلت به إلى حد اختلاق قصاصات إخبارية، وفبركة فيديو ونسبه إلى القنصل المغربي لتهييج الرأي العام الجزائري ضد المغربي، هي فشل له في حشد الشارع الجزائري وراء مشروع دستور الجنرالات". المصدر ذاته أوضح أن الحراك الشعبي في الجزائر لم يتعاط مع الوثيقة الدستورية، بل أكد على شعاره "يتنحاو كاع"، وهو ما يعكس "الفشل السياسي لهذا النظام الذي قد يقدم على أي مغامرة داخل الجزائر وفي المنطقة للحفاظ على السلطة وعلى استنزاف خيرات الشعب الجزائري". وأشار نوفل البوعمري، في تصريحه، إلى أن "الجزائر تحاول استفزاز المغرب وجره إلى حرب إعلامية، وهو ما ظهر جلياً خلال المناورة العسكرية قرب الجدار العازل تحت شعار "الوفاء للعهد"، التي جاءت كمحاولة صريحة لاستفزاز المملكة واستدراجها لحرب إعلامية تكون السبب في التنفيس عن النظام الذي يعيش عزلة داخلية قاتلة". وخلص المتحدث إلى أن تكثيف وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية لهجومها ضد المغرب يجد مبرره في "الفشل السياسي لكل العروض التي قدمها جنرالات الجزائر للشارع، وقدرة هذا الأخير على الاستمرار رغم فيروس كورونا، نظرا لإيمانه العميق بضرورة التغيير الجذري، وهو ما يخيف العسكر الجزائري".