لم تكن نتائج الدراسات البحثية والتقارير الصحفية هي الوحيدة التي خلصت إلى قناعة عامة لدى الرأي العام الدولي يقضي بضرورة إغلاق مخيمات تندوف للاجئين خوفا من أن يتم تحويله إلى فضاء لتفريخ المزيد من الإرهابيين وتدريبهم، أو تحويله إلى ملجأ للتستر على محترفي الجريمة العابرة للحدود من قبيل تجارة البشر والسلاح والمخدرات. إن القناعة ذاتها ترسخت بعد تطور أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالصحراء الإفريقية، وأسفرت عن ارتفاع عمليات الاختطاف، ولا سيما بعد اختطاف ثلاثة من عمال الإغاثة الإنسانية الغربيين من داخل قلب تندوف، وأعلنت الشرطة الموريتانية عن تمكنها من إلقاء القبض على عضوي جبهة البوليساريو المنفذين لعملية الاختطاف، قبل أن تسكت عن ذلك غداة زيارة مفاجئة قام بها محمد ولد عبد العزيز للجزائر وأجرى خلالها مباحثات ثنائية مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وأمام هذا الواقع فإنه ليس أمام المنتظم الدولي من خيار سوى اتخاذ مواقف حازمة لضمان حقوق اللاجئين بمخيمات تندوف في العيش الكريم، وحماية المنطقة من خطر العمل الإرهابي، وذلك بالعمل على مراجعة الوضعية القانونية لمخيمات تندوف في إطار القانون الدولي واتفاقية جنيف 1951 لحق اللجوء، ولا سيما تنفيذ البنود الثلاث، حق العودة الحرة إلى وطنهم الأم، أو إعادة توطينهم في مكان إقامتهم، أو في بلد ثالث. وحيث إن مخيمات تندوف بات تعيق جهود محاربة الإرهاب، لما توفره من فضاء للتغطية على أنشطة إرهابية وإرهابيين هاربين من العدالة، هذا وقد كانت عدة دول كبرى قد ربط بين حل قضية الصحراء ومحاربة الإرهاب في منطقة الصحراء الإفريقية، ذلك بعد تواتر العديد من التحقيقات حول اتصالات أعضاء من البوليساريو بأنشطة إرهابية في لمنطقة. ولهذه الاعتبارات الموضوعية فضلا عن تجدد العلاقات الجيوسياسية في المنطقة المعاربة ستدفع بحزم في اتجاه إغلاق مخيم تندوف، بعد تنفيذ توصية تقرير مجلس الأمن الأخير حول الصحراء بشأن إحصاء ساكنة المخيمات. إن الفضاء المغاربي ومن الناحية الجيوسياسية يجمع على أن محاربة الإرهاب قدر مشترك يفرض تنسيقا مشتركا لاجتثاثه من كافة المنابع ولا سيما من الصحراء الإفريقية الكبرى، وهو ما يفرض تحييد مشكل الصحراء كذريعة لانعدام التعاون الإقليمي لمحاربة الإرهاب، بل العمل على بدأ التعاون لمحاربة الإرهاب بالعمل على إبقاء ملف الصحراء بيد الأممالمتحدة والسعي في اتجاه دعم مطلب حل مخيمات تندوف طبقا اتفاقية جنيف 1951. *محلل سياسي مختص بقضية الصحراء والشأن المغاربي [email protected]