ينعقد مؤتمر جبهة البوليساريو في أجواء يسودها القلق والاحتقان، وتفاقم حجم فجوة الانفصام بين قيادة البوليساريو التي تعيش من نعيم المساعدات الغذائية والقاعدة الشعبية من الصحراويين التي تعيش جحيم البؤس والحصار، واقع لا بد وأن يفجر الجبهة من الداخل. ويزيد من الشكوك الدولية حول علاقة الجبهة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وذلك على خلفية اختطاف المتعاونيين الأوربيين من داخل المخيمات وإعلان الشرطة الموريتانية عن تمكنها من إلقاء القبض على عضوي جبهة البوليساريو مشتبهين رئيسين في تنفيذ عملية اختطاف المتعاونين الأجانب بمخيمات اللاجئين الصحراويين (اسبانيين وايطالية). وتحاول الجبهة تضليل قناعات الرأي العام الصحراوي ولا سيما المؤتمرين لتأجيل نقاشات تحديد مصير جبهة البوليساريو وفشل سياستها في تدبير ملف النزاع في الصحراء، ربحا لمزيد من الوقت. حيث بادرت قبل يوم واحد على انعقاد مؤتمرها 13 إلى الإعلان عن اعتقالها ثمانية أشخاص ادعت اشتباههم في اختطاف الأوربيين. مزاعم لا تقنع أحدا لتوقيتها ولغموض تفاصيلها، حيث تَدَّعِي الجبهة أنها نفذت عملية الاعتقال فوق التراب الجزائري دون ذكر لأي تنسيق مع السلطات الجزائرية، ويتواصل الغموض برفض البوليساريو الإعلان عن جنسيات المعتقلين ولا كيفية انجاز العملية ولا الجهات التي تعاونت معها. والواقع أن جبهة البوليساريو كانت قد سارعت على لسان ممثلها بالجزائر إبراهيم غالي اتهام القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي باختطاف ثلاثة أجانب (اسبانيان وايطالي) من مخيمات تندوف. إلا أن عدة مصادر موثوقة أكدت ضلوع عناصر من جبهة البوليساريو في عملية اختطاف المساعدين الإنسانيين وتسليمهم لتنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية مقابل مبالغ مالية. وبينما كانت الجبهة ترمي بالمسؤولية على تنظيم القاعدة، وأنها اتخذت "كل الإجراءات" لتحرير المختطفين الأوروبيين الثلاثة "سالمين"، تأكد بأن منتمين إليها كانوا يتفاوضون مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي لتسليمه المختطفين الأوروبيين قبل أن يتوجها إلى مدينة نواذيبو الموريتانية متنكرين حيث اعتقلا هناك. وكانت عدة مصادر قد تحدثت عن تورط عناصر تابعة لجبهة البوليساريو، في عملية اختطاف الرهائن الثلاثة، وهي ذات الشكوك الموضوعية التي تخامر اليوم وبجدية مدريد حول ضلوع البوليساريو في عملية الاختطاف، حيث أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية "ترينيداد خيمينيث" أن بلادها لا تمتلك أدلة دامغة على ضلوع البوليساريو في عملية الاختطاف، وما إن كانت جبهة البوليساريو تتحمل مسؤولية ما في هذه العملية أم لا، حيث لا يمكن اتخاذ أي موقف بناء على فرضيات". غير أن عدة مسؤولين أمريكيين وأوروبيين أبدوا انشغالا متزايدا لتواطئ تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ومجموعات إرهابية أخرى من قبيل جماعة بوكو حرام بنجيريا وحركة الشباب الصومالية، ومؤخرا بين تنظيم القاعدة بشمال افريقيا وأعضاء من البوليساريو. شكوك تعززت بما أكدته عدة وسائل إعلام دولية أشارت إلى وجود صلات قوية بين جبهة (البوليساريو) والجماعة الإرهابية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي مما يشكل تهديدا بالنسبة للمنطقة والمنتظم الدولي. وقد سعت جبهة البوليساريو عشية انعقاد مؤتمرها 13 تمويه الشكوك المثارة حول تعاونها بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، حيث ارتفعت الدول التي باتت تربط بين الجبهة وتنظيم القاعدة، وغدت هذه الشكوك حقيقة بعد إعلان الشرطة الموريتانية عن اعتقال عنصرين من تنظيم البوليساريو نفذا عملية اختطاف الأوربيين الثلاثة من داخل مخيمات تندوف. ومعلوم أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي نفى مسؤوليته عن عملية اختطاف إسبانيين وإيطالية من مخيمات اللاجئين الصحراويين في رد على الاتهامات الرسمية للبوليساريو له بأنه الفاعل في عملية الاختطاف، وأبقى التنظيم على نفيه إلا أن أعلنت مجموعة تطلق على نفسها "جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا" عن ذلك بعد أن تسلمهما من أيادي صحراوية تابعة للبوليساريو. وأمام واقع تدهور الوضع الأمني داخل مخيمات تندوف واختطاف الأوربيين الثلاثة من قلب مخيمات اللاجئين بات المغرب والعديد الدولية مقتنعة بضرورة إخضاع المخيمات لحماية دولية، وقد كان المغرب يطالب في أكثر من مناسبة بضرورة إخضاع سكان مخيمات اللاجئين لحماية الدولية تقيهم من حالة العنف والاحتجاز الذي تلقاه داخل هذه المخيمات قبل أن ينضاف المشكل الأمني إلى المعاناة الإنسانية لسكان مخيمات تندوف. *محلل سياسي مختص بقضية الصحراء والشأن المغاربي [email protected]