توصّلت الحكومة الإسبانية، فيلا نهاية الأسبوع الماضي، بشريط فيديو مُدته أقل من دقيقتين يعرّف فيه الرهائن الثلاثة، الذين تم اختطافهم من داخل مخيمات تندوف، بأنفسهم دون التقدم بمَطالب. وأكدت الحكومة الإسبانية صدقية الشريط، الذي يكشف، لأول مرة، عن وجوه الرهائن الثلاثة، وهم مواطنان إسبانيان ومواطنة إيطالية كانوا قد اختُطِفوا في وقت مبكّر من صباح يوم 23 أكتوبر الماضي من مخيم «الرابوني» في تندوف، جنوب غرب الجزائر. وظهر في الشريط كل من الإسباني إنريكي غونيالون، من منظمة «موندو بات»، الذي كان قد أصيب بجروح خلال تبادل لإطلاق النار مع الخاطفين، وآينوا فيرنانديث دي رينكون، وهي إسبانية الجنسية، عضو ما يسمى «جمعية أصدقاء الشعب الصحراوي» في إكستريمادورا، ووأرسيلا أورو، وهي إيطالية الجنسية، عن منظمة «تيشيسب»، الإيطالية. وأبرز الشريط الذي تم تصويره من طرف «جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا»، صورا لأعضاء الجماعة المنشقة عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهم يحملون أسلحة رشاشة ومَدافعَ «هاون»، فيما برزت راية سوداء يتصدرها اسم الجماعة الإسلامية. وأفادت مصادر إسبانية أن المخابرات الوطنية الإسبانية قد بدأت في تشغيل شبكتها التجسسية المتمركز في المنطقة وفي بعض دول المغرب العربي بهدف التوصل إلى حل مع الخاطفين من أجل الإفراج عنهم، فيما لم تُخْفِ أن يكون الأمر متعلقا بطلب فدية، على غرار ما حدث سابقا في حوادث اختطاف مماثلة وقعت ما بين نونبر من سنة 2009 وغشت من سنة 2010، حين تم اختطاف ثلاثة متعاونين، أو خلال حادثة قرصنة باخرة الصيد الإسبانية «ألاكرانا»، من طرف قراصنة صوماليين، حيث لم يتمَّ الإفراج عنها وعن طاقمها إلا بعد تأدية الحكومة الإسبانية فدية للقراصنة، تُقدَّر بأكثر من 3 ملايين ونصف مليون دولار. وكانت جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا قد أعلنت عن تبنيها عملية اختطاف المواطنين الأوربيين من داخل مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف، في الوقت الذي نفى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في بيان نشره في ال8 من الشهر الجاري، مسؤوليته عن عملية الاختطاف. وأشارت مصادرنا الإسبانية إلى أن ثلاثة عناصر تقود التنظيم الإسلامي، هم الموريتاني حماده ولد محمد الخيري، ويعرف ب»أبو قمقم» وسبق أن كان معتقلا في موريتانيا ومالي، الجزائري أحمد التلمسي، المتحدر من مدينة تلمسة، وسلطان ولد بادي، وهو عربي من مالي سبق له أن قاد عملية اختطاف السويسريين. ولم تلعن المجموعة المنشقة أسباب انفصالها عن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، غير أن مصادر محلية تُرجّح أن تكون لذلك علاقة بأزمة قيادة يشهدها التنظيم منذ مدة، خاصة بين الجزائريين الذين يشكلون «النواة الصلبة» لها. من جهتها، كشفت مصادر أخرى أن الحكومة الإسبانية شرعت في إجراء مباحثات مع حكومات كل من موريتانيا والجزائر ومالى حول حيثيات وقوع الاختطاف من داخل مخيمات تندوف، وأن الحكومة الإسبانية بدأت تتفاوض على إرسال قوات برية إلى داخل الأراضي الموريتانية لتتولى البحث السري، متتبعة خطوات فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بنشر قوات خاصة في المنطقة، حتى تصل إلى المختطفين. وقد اعترف بعض قادة جبهة البوليساريو، في تصريحاتهم لوسائل الإعلام الإسبانية، أن «الاختطاف يبدو أنه من صنع جماعة إرهابية»، وهو ما يؤكد ما نشرته سابقا عدة تقارير دولية التي لم تستبعد تغلغل عناصر إرهابية تنتمي إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مخيمات جبهة البوليساريو.