إجماع حقوقي على نقيض تثمين اشتغالات السلطات على محاصرة فيروس كورونا هو ذلك الحاصل، على امتداد بداية الأسبوع الجاري، مع مشروع قانون 22.20؛ فقد رفضت فعاليات متفرقة ما أسمته محاولة "تكميم أفواه المغاربة مستقبلا، عبر استغلال سياق انشغال الناس بالوضع الصحي". وتعتبر العديد من الأوجه الحقوقية مضامين نص مشروع قانون رقم 22.20 ضربا في الصميم لمبدأ حرية التعبير الذي يكفله دستور المملكة؛ فيما ذهب معلقون آخرون إلى القول إن الحكومة لجأت إليه من أجل "تكميم أفواه المغاربة"، كوسيلة للدفاع عن الشركات الكبرى. وتتدارس فعاليات حقوقية وسياسية ونقابية تشكيل جبهة لمحاصرة القانون الحالي، وتتقدمها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تنسق مع نقابات وجبهة اجتماعية وأحزاب سياسية يسارية (فيدرالية اليسار والنهج الديمقراطي). تراجعات خطيرة عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، قال إن هذا القانون حاولت الحكومة تمريره في وقت سابق؛ لكن جرى سحبه بسبب كثرة الانتقادات، مسجلا أنها تحاول الآن استغلال الجائحة لتمرير القانون بصيغة أخرى. ويضيف غالي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن المشروع لم يمر عبر المسلكيات العادية؛ فقد أدرج في آخر لحظة بجدول المجلس الحكومي، كما يغيب عن موقع الأمانة العامة للحكومة، فضلا عن كونه محط صراع حكومي لم يتوقف منذ لحظة التسريب. ويوضح المتحدث أن الوضع الحالي يكرس مزيدا من التراجعات، حيث عادت العقوبات الحبسية وارتفعت الغرامات المالية، مؤكدا أن رهان الحقوقيين كان هو تطوير حرية الصحافة؛ لكن توجه الدولة بات واضحا، بسعيها إلى تضييق الفضاء الرقمي. ويشير غالي إلى أن المجال الافتراضي عالمي ولا يمكن أن تحصره حكومة المغرب بهذا الشكل، مشددا على أن الهدف الرئيسي من القانون هو تدمير حملات المقاطعة، خصوصا بعد نجاح السابقة، مؤكدا استعداد الجمعية للجوء إلى المقررين الأمميين من أجل إسقاط القانون. مجزرة حقوقية خديجة الرياضي، فاعلة حقوقية مغربية، تقول إن هذا التضيق مبرمج منذ شتنبر الماضي، بعد تواتر أخبار الاعتقالات، مسجلة أن الحكومة تريد تغطية قانونية وشرعنة قمع يحارب هذا الفضاء الذي أصبح مكانا للتعبئة. وأشارت الرياضي إلى أن المشروع استهدف المقاطعة بالدرجة الأساس، مؤكدة أن تعامل الحكومة كان خبيثا باستثمارها مرحلة الحجر الصحي، لتمرير أمور مرفوضة دون احتجاجات أو إمكانية تدارس التصدي، بحكم الوضع الاستثنائي. وتورد الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن كل فضاءات النقاش مغلقة، من تبقى هو المجال الرقمي، معتبرة تمرير المشروع بمثابة مجزرة حقوقية ستحرم الناس من حرية التعبير عن آرائهم.