عمقت جائحة فيروس كورونا معاناة العديد من المواطنين في رمضان، وخصوصا عابرو السبيل، بعدما صارت "موائد الرحمان" التي ظلت تنظم بمختلف الأحياء والشوارع بالمدن المغربية في هذا الشهر الفضيل منعدمة في ظل الإجراءات الاحترازية المتخذة من طرف السلطات الحكومية. وبينما كانت مناطق عديدة على مستوى الدارالبيضاء، وغيرها من المدن المغربية، تعرف تنظيم فعاليات جمعوية موائد الرحمان، لاستقبال عابري السبيل وكذا المتشردين والفقراء من اللذين لا يستطيعون توفير قوتهم اليومي وتحضير فطورهم طوال هذا الشهر، فإن حالة الطوارئ الصحية جعلت هذه الموائد تختفي، ما زاد معاناة هذه الشريحة. ووجدت جمعيات المجتمع المدني على مستوى عمالة عين السبع الحي المحمدي نفسها غير قادرة على تنظيم مائدة الرحمان التي دأبت على تنظيمها سنويا، ويستفيد منها العشرات من عابري السبيل والفقراء، وذلك بالنظر إلى الظروف الحالية التي تمر منها البلاد. وأكد في هذا الصدد، رئيس جمعية دار لمان للأعمال الاجتماعية والتنموية بعين السبع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "جائحة كورونا غيرت من أنشطة الجمعية في رمضان، بعدما كانت تسهر على تنظيم مائدة الرحمان لمدة 12 سنة، التي يستفيد منها ما يفوق 600 فرد بشكل يومي في جو عائلي". وشدد رئيس الجمعية، كريم الكلايبي، على أن "موائد الرحمان لها طابع خاص، إذ تجعل الكل ينخرط في إعداد الفطور لهؤلاء الفقراء والمتشردين وعابري السبيل، ناهيك عن الاستعدادات القبيلة التي تسبق شهر رمضان، لكن هذه الجائحة حالت دون تنظيمها هذه السنة"، وتابع: "لقد حرمنا من هذه الأجواء العائلية التي كانت تجمعنا بهؤلاء المواطنين، وهو ما زاد من معاناتنا النفسية مع الحجر الصحي هذه السنة". بدوره أكد عزيز الأندلسي، أحد الفاعلين على مستوى مقاطعة سيدي مومن، أن مجموعة من الأحياء والأزقة بالمقاطعة المذكورة كانت تعرف تنظيم موائد الرحمان من قبل الجمعيات والمحسنين، عبر نصب خيم خاصة بذلك لاستقبال المارة وإعداد وجبة الإفطار لهم، بيد أن حالة الطوارئ الصحية حالت دون ذلك هذه السنة. ولفت المتحدث نفسه إلى أن "الوضع الراهن يتطلب من الجميع احترام التعليمات الصحية، وكذا عدم خرق حالة الطوارئ الصحية، خصوصا أن السلطات تدخلت لجمع المتشردين في مراكز خاصة لحمايتهم من فيروس كورونا، وتوفير الأكل لهم". وحولت عدة فعاليات جمعوية أنشطتها الخيرية في هذه الظرفية الحرجة التي تمر منها البلاد، وخصوصا موائد الرحمان، إلى مبادرات أخرى من أجل دعم الفئات المتضررة والهشة، التي تجد صعوبة في الحصول على قوتها اليومي بسبب الطوارئ الصحية. ولفت في هذا الصدد رئيس جمعية دار لمان إلى كون أعضاء الجمعية عملوا بتنسيق مع السلطات الإقليمية على توزيع مجموعة من القفف على المواطنين الفقراء في الأيام التي سبقت رمضان، إلى جانب إيواء بعض المشردين وتوفير الأكل وغيره لهم طوال هذه المدة.