تتعرض بيوت مواطنين في عدد من دواوير قبائل باشتوكة آيت باها لهجومات متتالية من طرف الرعاة الرحّل الذين يستعينون بالمقاليع لترهيبهم بغية فرض سيطرتهم على المناطق التي يرعون فيها قطعان إبلهم وأغنامهم، مستغلّين حالة الطوارئ الصحية التي يشهدها المغرب. ووثق السكان المتضررون بالصوت والصورة عمليات تعرض بيوتهم للرشق بالحجارة باستعمال المقاليع من طرف الرعاة الرحل في دواوير بجماعة تنالت، وهو ما أدى إلى نشر الهلع في صفوف السكان الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، بسبب حالة الطوارئ الصحية، فيما تتعرض حقولهم ومواردهم المائية للاستنزاف. ولم يعد الرعاة الرحل يكتفون برعي قطعان إبلهم وأغنامهم في الحقول المحيطة بالدواوير فحسب، بل استغلوا التزام السكان المتضررين ببيوتهم امتثالا لتدابير حالة الطوارئ الصحية لينفذوا إلى داخل الدواوير ويطلقون العنان لمواشيهم لتأتي على مزروعات الناس من خُضر وأشجار وسط المروج الملاصقة لبيوتهم. وسبق لآلاف المواطنين من سوس المتضررين من الرعي الجائر أن وفدوا على مدينة الدارالبيضاء وخاضوا مسيرات احتجاجية حاشدة ضدّ عدم تدخّل السلطات لحمايتهم وحماية ممتلكاتهم، والتقى ممثلون منهم مع رئيس الحكومة ووعدهم بالنظر في قضيتهم، لكن معاناتهم ما زالت متواصلة إلى حد الآن. ويتساءل السكان المتضررون من الرعي الجائر عن السبب الكامن وراء عدم تدخل السلطات لحمايتهم، وإبعاد الرعاة الرحل عن مناطقهم، فيما يقول البعض إن هناك جهات نافذة تقف خلف هؤلاء الرعاة يستمدون منها مصدر قوتهم وهي التي تعود إليها ملكية قطعان الإبل والأغنام التي تأتي على الأخضر واليابس. ولم يعد سكان الدواوير التي يحط بها الرعاة الرحل رحالهم يتخوفون فقط على مزروعاتهم، بل أصبحوا يتخوفون على سلامتهم الجسدية وعلى أرواحهم في ظرفية حالة الطوارئ الصحية؛ إذ يقتحم الرعاة الدواوير ويشرعون في رشق البيوت بالحجارة بواسطة المقاليع، كما توضح مقاطع فيديو صورها المتضررون. استمرار هجومات الرعاة الرحل على عدد من الدواوير في قبائل باشتوكة آيت بها، دفع بهيئات وجمعيات إلى إصدار بيانات تندد فيها بما يتعرض له ضحايا الرعي الجائر، وتطالب السلطات بالتدخل لحمايتهم، كما حذرت من عواقب استمرار الوضع على ما هو عليه، بعد أن أصبح السكان ينادون بالخروج للدفاع عن أنفسهم. "تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة" أصدرت بيانا استغربت فيه استثناء ما سمته "مافيات الرعي الجائر" من الامتثال للتدابير القانونية الوقائية التي اتخذتها السلطات العمومية للوقاية والحد من انتشار فيروس "كورونا"، في الوقت الذي فُرض على كل المغاربة، بمن فيهم سكان القرى والبوادي، التزام بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى. وقالت التنسيقية إن الرعاة الرحل ينتهكون أراضي وممتلكات ساكنة أقاليم سيدي إفني وتيزنيت وتارودانت واشتوكة آيت باها، واستغلوا حالة الطوارئ الصحية لانتهاك منازل الساكنة وممارسة التعنيف في حق أهلها، وتهديدهم وترهيبهم، كما حصل في دوار آيت مبارك أوعلي بجماعة سيدي بوسحاب في اشتوكة آيت باها. وحملت تنسيقية أكال مسؤولية ما يتعرض له سكان القبائل التي يبسط عليها الرعاة الرحل سيطرتهم للسلطات الإقليمية والمحلية، فيما تتزايد بوادر نشوب مواجهات بين السكان والرعاة، حيث تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات من أهالي المنطقة المقيمين في المدن إلى الانضمام إلى ذويهم من ضحايا الرعي الجائر لمواجهة الرعاة. تنسيقية أكال قالت إنها مستعدة "للدعوة لإعادة تأسيس لجان تسمى "إنضافن"، العرفية لحماية الدواوير، "في حال استمرار السلطات في تجاهل أداء واجبها لحماية أمن وممتلكات الساكنة". من جهته، ناشد اتحاد جمعيات إداوكنضيف الجهات المسؤولة التدخل العاجل لوضع حد لما سمّاه "الأزمة المستفحلة سنة بعد أخرى"، مطالبا ب"تطبيق القانون دون تمييز والخروج من حالة الحياد السلبي الذي قد يتحول أحيانا إلى انحياز للطرف المعتدي".