في قراءة له لمرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية بين شرعية المبادرة ومشروعية سريانه، يرى الدكتور كمال الهشومي، أستاذ باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن العديد من المواثيق الدولية أطرت حالة إعلان حالة الطوارئ كالتي تعيشها بلادنا في الوقت الراهن، المتخذة لمكافحة فيروس كورونا والوقاية منه، وللحفاظ على سلامة المواطنين وصحتهم وأمنهم، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وسجل الهشومي أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حدَد الشرط الأساس لفرض حالة الطوارئ في وجود خطر عام واستثنائي يتهدد وجود الأمة، مؤكدا أن حالة الطوارئ تُعلن في ضوءِ تقدير دقيق وموضوعي للأحداث، بحيث تُناسب التدابير المتخذة الوضعية القائمة دون مبالغة. الباحث في القانون الدستوري نبه إلى أنه بالرجوع إلى شرعية الجهة المخولة دستوريا لهذه المبادرة التشريعية من طرف السلطات المعنية، كقانون استثنائي ومؤقت واجب التطبيق طيلة امتداد فترة هذه الجائحة، وهو ما يشكل استثناء من القاعدة والأصل في ما يتعلق بالحقوق والحريات المكفولة قانونا للأفراد، مبرزا أن هذا التقييد الذي تبناه القانون المتعلق بإعلان حالة الطوارئ جاء معززا بطابع المشروعية الدستورية، التي تشكل المرجعية الوطنية لهذا القانون. في ما يلي نص مقال الباحث كمال الهشومي: نتيجة لانتشار جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، اتخذت الحكومة المغربية قرارا بإعلان حالة الطوارئ الصحية تحسبا لانتشار الفيروس الخطير، بعدما أبان هذا الأخير عن جبروته في العدوى والفتك بالبشرية عبر مجموعة من الدول والتي تصنف بالعظمى. فاستباقا لكوارث صحية أقدمت الحكومة المغربية على طرح مشروع مرسوم بقانون، عرض على لجنتي الداخلية بمجلسي البرلمان من أجل المصادقة عليه وإخراجه حيز التنفيذ. وبعيدا عن التأويلات التي يمكن أن تواكب حيثيات ومساطر إخراج واعتماد هذا القانون، يمكن أن نطرح السؤال طالما أن العمل ينطلق من مرجعية دولة قائمة ولها مؤسسات دستورية شرعية، وبناء على السياق وتراكم الأحداث، يمكن التساؤل عن المرجعيات المعتمدة لاتخاذ هذا القرار، سواء المرجعية الدولية المتمثلة في الاتفاقية والمعاهدات ذات الطابع الحقوقي الأممي، أو المرجعية الوطنية المتمثلة في الدستور والقوانين التي يمكن أن نعتمد عليها في رجحان صواب إصدار هذا المرسوم من عدمه. 1- السياق والأسباب الموضوعية: يبدو أنه وللوهلة الأول منذ اكتشاف فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 بالجمهورية الشعبية الصينية، دخلت المنظمة العالمية للصحة على الخط نتيجة لتصاعد وتيرة انتشار هذا الفيروس بمدينة ووهان وبعض المدن الأخرى الصينية، بإصدار بلاغات وعقد لقاءات صحفية تمد من خلالها الرأي العام الدولي بكل المستجدات، داعية في الوقت نفسه إلى التحذير من إمكانية الانتشار إلى عامة المدن الصينية والدول المجاورة، ونظرا لعولمة النظام العالمي الذي أصبح قرية واحدة مصغرة، أصبحت الأمور تتطور بشكل سريع عبر الدول، من خلال الاستهانة بهذا الفيروس بعدم اخذ الاحتياطات اللازمة، ونتيجة للرحلات الرابطة بين مختلف بقاع المعمور سواء من أجل السياحة أو العمل أو الدراسة أو التبادل الاقتصادي أو غيرها من دوافع التنقل والسفر. ومع تزايد اكتشاف الإصابات عبر مجموعة من الدول في مختلف القارات، وتزايد اكتشاف قدرة هذا الفيروس الخبيث على العدوى وسرعة الانتشار. إذ ذاك أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس أصبح جائحة عالمية وجب اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للحد من انتشاره، وهو ما أمست عليه مجموعة من الدول التي استفاقت على هول عدد الإصابات الذي تحول بسرعة إلى وفيات عجزت أعتى الدول الأوربية وغيرها، بنظامها الصحي الجد متقدم على استيعاب أعدادا متزايدة من المصابين، إذ توفي في أيام معدودة عدد كبير تجاوز حتى إصابات ووفيات الصين الشعبية مصدر اكتشاف هذا الفيروس. عشية إعلان المنظمة العالمية للصحة عن تحول الفيروس إلى جائحة، سارعت السلطات العمومية المغربية باتخاذ مجموعة من الإجراءات بدءا بمبادرات ملك البلاد ودعوته إلى الحرص على اتخاذ كافة الإجراءات والحيلولة دون انتشار هذه الجائحة بالمغرب، والعمل على التقليل ومعالجة آثارها السلبية اجتماعيا واقتصاديا من خلال إنشاء صندوق خاص بذلك. وهكذا تم الاستباق باتخاذ إجراءات جد متقدمة منها ما هو سيادي مرتبط بالعلاقات الخارجية كتعليق السفر وغلق الأجواء والحدود البرية والبحرية في إطار من التشاور مع بعض الدول المجاورة للمغرب، أو تلك الإجراءات الداخلية التي دعت المواطنين إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية، من خلال المعيش اليومي ووفق متطلبات مضبوطة هي من صلاحيات السلطات العمومية، كالدعوة إلى إلغاء بعض التجمعات، وطلب تأجيل مجموعة من التظاهرات، ومنع الجمهور من حضور مباريات كرة القدم... وغيرها، لترتفع الوتيرة بإلغاء الدراسة في مختلف المؤسسات التعليم ولكل الأسلاك والدرجات، وإلغاء المواسم الدينية وإغلاق المساجد بناء على قرار للمجلس الأعلى العلمي المخول لاتخاذ هكذا قرارات مع إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تنفيذه، ثم إغلاق المقاهي والمطاعم وكل أماكن الترفيه والاجتماع، مع الترخيص للمؤسسات الإنتاجية والصناعية المرتبطة بالمعيش اليومي للمغاربة لمواصلة العمل وفق إجراءات صارمة ومقننة. الملاحظ في هذه المحطات أنها توخت التدرج والمرونة والتخصص من الجهة ذات الصلاحيات المحددة لذلك. لكن بعد بضعة أيام، ونظرا لصعوبة الوضع وعدم أخذ الأمر على محمل الجد من طرف بعض المواطنين. ونتيجة لتسارع وتيرة العدوى واكتشاف الحالات الأولية، ثم النظر على سبيل المقارنة لبلدان أوروبية محترمة وكيفية الانتشار المخيف لهذا الوباء كإجراء استباقي، سارعت الحكومة من خلال وزير الداخلية إلى إصدار بلاغ يعلن حالة الطوارئ الصحية التي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من الساعة السادسة مساء يوم الجمعة 20 مارس 2020، هذا البلاغ أكد على تقييد الحركة في البلاد، كوسيلة لا "محيد عنها لإبقاء هذا الفيروس تحت السّيطرة"، واشترطت وزارة الداخلية مغادرة المواطنين مقرات سكنهم ب"استصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السّلطة المحلية" في حالات التنقل للعمل للأشخاص الذين من الضروري حضورهم بمقرات عملهم شريطة تسليمهم شهادة بذلك موقّعة من رؤسائهم في العمل، والتنقل من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط مقرّ السكنى، واقتناء الأدوية من الصيدليات. وللتأطير القانوني لهذا القرار المهم في تاريخ المغرب المعاصر، تقدمت الحكومة بمشروع مرسوم بقانون رقم 2.2.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، إلى لجنتي الاختصاص بمجلسي البرلمان؛ لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، ولجنة الداخلية والجهات والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس النواب، وتمت المصادقة عليه بإجماع أعضاء اللجنتين. 2- الضوابط والمرجعية الدولية لإعلان حالة الطوارئ: بالرجوع إلى العديد من المواثيق الدولية نجدها أطرت حالة الإعلان عن حالة الطوارئ كالتي تعيشها بلادنا في الوقت الراهن المتخذة لمكافحة والوقاية من فيروس كورونا، وللحفاظ على سلامة المواطنين وصحتهم وأمنهم. كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث نصت المادة 29 منه على مشروعية إقرار حالة الطوارئ التي يفرضها القانون وما يترتب عنها من تقييد الأفراد في جزء من حرياتهم الأساسية متى ارتبط ذلك بضرورة حفظ النظام العام وأساسا المصلحة العامة في حالتنا هاته، وهو ما يمكن تفسيره مباشرة من الفقرة الثانية من نفس المادة التي تقول "لا يخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها، حصرا، ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي". وباستقراء العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، نجده حدَد الشرط الأساس لفرض حالة الطوارئ في وجود خطر عام واستثنائي يتهدد وجود الأمة، حيث أكد على أن حالة الطوارئ هاته تُعلن في ضوءِ تقدير دقيق وموضوعي للأحداث بحيث تُناسب التدابير المتخذة الوضعية القائمة دون مبالغة. على أن يتم إعلان حالة الطوارئ بشكلٍ رسمي وذلك منعا لشيوعِ الممارسات الضارة بالحريات في أوقات ليس لها طابع الطوارئ، وهو السند القانوني الدولي الذي يدعو إلى إصدار القانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها حسب المادة الرابعة التي تنص على: "في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد…". أما الفقرة الثانية من مادته 12 فتدعو إلى تقييد الحرية لضرورة حماية مجموعة من الحقوق والحريات ضد أخطار تتهددها كحماية الصحة العامة: "... لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد". وفي الاتجاه نفسه نص العهد الدولي للحقوق المدنية والحريات على ألا تكون التدابير المتخذة متعارضة مع التزامات الدولة المعنية بموجب القانون الدولي، كما حذَّر من أن تأخذ إجراءات الطوارئ نزعة تميزية قائمة على العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين. وهو الأمر الذي لا نجد له أي واقع في مشروع بمرسوم. إن رجحان اللجوء إلى مشروعية هذه المرجعية الدولية تتجلى في أنه بالعودة إلى مقتضيات الوثيقة الدستورية لسنة 2011 والتي تشكل أسمى قانون بالبلاد، نجدها تجعل من الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية تسمو على التشريعات الوطنية، وعليه فإن الاعتماد على هذه الاتفاقيات في إعلان حالة الطوارئ الصحية خلال الظرفية الراهنة، جاءت منسجمة مع مضامينهم كما اشرنا، كسند مرجعي في إعلانها باعتبار المغرب طرف فيهما، وهكذا جاء في الفقرة الأخيرة من ديباجة الدستور ما يلي: "... جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة". 3- المرجعية الدستورية والقانونية لمشروعية مرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية جاء في الجريدة الرسمية في تقديم مرسوم بقانون رقم 2.2.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، أنه بناء على الفصول 21 و24 (الفقرة 4) والفصل 81 من الدستور 2011، وبناء على اللوائح التنظيمية لمنظمة الصحية العالمية، وباتفاق مع اللجنتين المعنيتين بالأمر بمجلس النواب وبمجلس المستشارين رسم ما يلي..... بالرجوع إلى شرعية الجهة المخولة دستوريا لهذه المبادرة التشريعية من طرف السلطات المعنية كقانون استثنائي ومؤقت واجب التطبيق طيلة امتداد فترة هذه الجائحة، وهو ما يشكل استثناء من القاعدة والأصل في ما يتعلق بالحقوق والحريات المكفولة قانونا للأفراد. فإن هذا التقييد الذي تبناه القانون المتعلق بإعلان حالة الطوارئ جاء معززا بطابع المشروعية الدستورية والتي تشكل المرجعية الوطنية لهذا القانون. من حيث تقديم هذا المشروع مرسوم بقانون، فتطبيقا للفصل 21 من الدستور تم منح المبادرة الحصرية للسلطات الحكومية في الحفاظ على سلامة السكان والتراب لكل فرد بالدولة حيث جاء واضحا في هذا الفصل: "لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته. تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع". أما الفقرة الرابعة من الفصل 24 المشار إليها في هذا المرسوم بقانون فإنها ترتبط بحرية التنقل عبر التراب الوطني وفق القانون، ومفادها أنه لا يمكن الحد منها إلا بقانون وهو ما جاء في هذا المرسوم بقانون، في هذا الفصل ".... حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون". وعليه فإن اتخاذ الإجراءات التي من شأنها حفظ السلامة والأمن الصحي وغيره هو من اختصاص السلطة التنظيمية أي الحكومة، وهو المتجسد في اتخاذ قرار حالة الطوارئ الصحية، لكن على مستوى تدبير هذه الحالة من حيث التفاصيل والشروط والنتائج المترتبة عنها كمعاقبة المخلين بها، فلا بد من قانون في هذا الشأن لأننا دخلنا في صلاحية القانون. وفي ما يخص مسطرة اتخاذ هذا القانون فباستحضار مقتضيات الفصل 81 من الدستور الجديد لسنة 2011، نجده منح للحكومة في الفترة الفاصلة بين الدورات الدستورية للبرلمان المغربي، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في مجلسي البرلمان، إمكانية إصدار مراسيم قوانين والتي تتحول إلى قوانين بمجرد استئناف البرلمان لدورته التشريعية وعرض القانون مجددا عليه في صيغة مشروع القانون للمصادقة عليه خلال نفس الدورة التشريعية، والغرض من ذلك هو حرص المشرع الدستوري على استمرار المرفق العمومي ومواصلة عمل الدولة بغض النظر عن الدورات الدستورية للبرلمان. حيث جاء في هذا الفصل: "يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية. يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب". هذه النازلة ليست هي الأولى أو الأخيرة في مسار عمل البرلمان، إذ يتم اللجوء إلى هذا الفصل من طرف الحكومة وتجاوب اللجنتين المعنيتين كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك وهو سلوك دستوري سليم. كما كان ممكن انعقاد دور استثنائية وفق للدستور بناء على الفصل 66 الذي يجيز عقد دورات استثنائية في الفترة البينية لضرورة ما، إما بمبادرة من الحكومة بمرسوم، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين. كما فصلها كذلك في نفس الاتجاه النظام الداخلي لمجلس النواب من خلال المادتين 18 و19 و142، ونفس الأمر بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس المستشارين من خلال المادة 20. وهكذا فلقد فضلت الحكومة للضرورة الاستعجالية ووفق ما تم ذكره في جانب السياق المرتبط بتطور هذه الجائحة، إلى سلك الطريق الذي لا يتطلب وقتا أكثر لاعتماد هذا المشروع. بحيث أنه إذا طالبت وفق ما وضحنا بعقد جلسة استثنائية وتقديم مشروع قانون عوض مشروع مرسوم بقانون، فالأمر يتطلب عرض المشروع بدرجة أولى على لجنة الداخلية بمجلس النواب للمناقشة والمصادقة، ثم عرضه على الجلسة العامة للمصادقة وإحالته بعد ذلك على مكتب مجلس المستشارين الذي يحيله على لجنته المختصة من أجل المناقشة والمصادق ثم عرضه بالجلسة العامة للمجلس، وإذا كان هناك أي تغيير أو أية إضافة سواء من حيث الشكل أو المضمون مهما قلت قيمته وطبيعته، كان لزاما رجوعه إلى مجلس النواب وإعادة التصويت عليه، الشيء الذي قد يتطلب وقتا ليس في مصلحة الظروف الراهنة للبلد. وعليه فقد اعتمدت الحكومة على الصلاحيات المخولة لها من طرف الدستور وأساسا الفصل 81 في هذه الحالة وعلى المواد 230-231-232 و233 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمواد 252-253 و254 للنظام الداخلي لمجلس المستشارين. إن الفصل المذكور أعلاه يشكل السند القانوني الذي بمقتضاه قامت السلطة التنفيذية بإصدار المرسوم بقانون المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية في البلاد، فهذا الأخير كان نتيجة تفاعل الدولة مع سرعة انتشار وباء كوفيد 19، حيث وجدت نفسها أمام ضرورة مأسسة تدخلاتها عن طريق وضع مجموعة من الآليات القانونية لتجعل من تلك التدخلات مطبوعة بالشرعية والمشروعية، وحتى يتمتع بخاصية الإلزام التي بموجبها يمتثل الأفراد لمقتضياته وأحكامه والتقيد بالتدابير الوقائية التي نص عليها في ظل الانتشار المهول للفيروس السالف الذكر داخل المغرب، بل في العالم أجمع. وعليه يمكننا القول إن المرسوم بقانون المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية تأسس بناء على مجموعة من المرجعيات. *أستاذ باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري