كشفت دراسة أجرتها "الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جداً" أن المقاولات الصغيرة جداً (TPE) والمقاولين الذاتيين هم أكبر المتضررين من الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد وحالة الطوارئ الصحية المفروضة في المملكة. واعتمدت الدراسة، التي أجريت ما بين 18 مارس المنصرم و4 أبريل الجاري، على عينة عشوائية تضم 1080 مقاولة ومقاولا ذاتيا وتعاونية. وشملت الدراسة عدداً من قطاعات الإنتاج؛ مثل الصناعة والأشغال العمومية والسياحة والصناعة التقليدية والتعليم والخدمات والتواصل وتنظيم التظاهرات والنقل واللوجستيك. ومعروف أن المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جداً تمثل حوالي 95 في المائة من النسيج المقاولاتي المغربي، بحوالي 5 ملايين مقاولة. وتكشف الدراسة أن 90 في مائة من المقاولات الصغيرة جداً وتضم المقاولين الذاتيين تأثرت بالأزمة، و8 في المائة من المقاولات الصغرى والمتوسطة، و2 في المائة من التعاونيات. وذكرت الدراسة أن القدرة المالية المحدودة لفئة المقاولات الصغيرة جداً والمقاولين الذاتيين هي السبب الرئيسي لمواجهتها أثراً بالغاً أمام أزمة كورونا. وتُعاني الفئة سالفة الذكر من رأسمال محدود للغاية، وتواجه آجالا طويلة للأداء سواء من طرف القطاع العام والقطاع الخاص، كما تجد تعقيدات في اللجوء إلى التمويل البنكي؛ وهو ما يجعلها تواجه صعوبات في مواجهة الأزمة. وتقول الدراسة: "بما أن هذه المقاولات كلها تمثل 95 في المائة من النسيج الاقتصادي فإن الاقتصاد الوطني يواجه خطر الوقوع في الركود، لأن هذه المقاولات سيصعب عليها تجاوز هذه العقبة؛ وهو ما سيؤدي إلى إفلاس عدد كبير منها". وحسب القطاعات، فإن الدراسة تشير إلى أن قطاعي الخدمات والتجارة هما الأكبر تضرراً بنسبة 21.9 في المائة و20.6 في المائة على التوالي، متبوعين بقطاعات الصناعة والأشغال العمومية والتواصل وتنظيم التظاهرات والفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية. وتشير خلاصات الدراسات إلى أن أزمة فيروس كورونا مست جميع قطاعات الأنشطة بدون استثناء؛ لكن تبقى المقاولات الصغيرة جداً الأكثر تضرراً والأقل قدرة على مواجهة الأزمة لمدة طويلة. وجاء في الدراسة أيضاً أن 83 في المائة من المقاولات التي شملها الاستطلاع توقفت بشكل كامل، وهمّ ذلك بشكل أساسي التجارة والخدمات، أما الباقي فتوقف بشكل جزئي. وداخل قطاع السياحة، نجد أن 85,5 في المائة من المقاولات المشتغلة في الميدان صرحت بتوقف كامل؛ فيما بقي 14,5 في المائة مشتغلة بشكل جزئي. وأخذاً بعين الاعتبار أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة توفر في المتوسط 12,9 مناصب شغل والمقاولات الصغيرة جداً حوالي 3,6 مناصب شغل وكون 90 في المائة المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جداً متوقف بشكل كامل، فإن حوالي 15 مليونا من مناصب الشغل ستضيع بسبب الأزمة، حسب الدراسة. وأكدت الكونفدرالية أن جزءا كبيرا من المقاولات يوجد اليوم في توقف كامل، ويهم ذلك جميع القطاعات؛ وهو ما سيكون له أثر على النمو الاقتصادي للبلاد ومعدل البطالة والناتج الداخلي الخام. وتخلص الكونفدرالية إلى أن "هذا الوضع يتطلب تدخلاً سريعاً من طرف الحكومة ولجنة اليقظة الاقتصادية، من أجل إنقاذ الملايين من الأسر التي تعاني في صمت ودون أن تحتج كما فعلت مصحات ومدارس خاصة". ولمواجهة تداعيات هذه الأزمة، قدمت الهيئة توصيات عديدة؛ منها تسهيل الوصول إلى التمويل من أجل إعادة إحياء نشاط المقاولات، وتعليق أداء الضرائب، وتمديد آجال التصريحات الجبائية، وتأجيل أداء الاشتراكات الخاصة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما طلبت الكونفدرالية إعداد مخطط إنقاذ لتفادي إفلاس عدد من المقاولات وتقديم دعم مباشر لها ومواكبتها للعودة إلى العمل من جديد، واعتبار فيروس كورونا قوة قاهرة وبالتالي إلغاء جميع ذعائر التأخير وأداء ما يتعلق بالصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جداً.