رفعت وزارة الصحة من عدد الكشف المخبري على المخالطين للمصابين بفيروس كورونا، في الأيام القليلة الماضية، وهو ما يفسر ارتفاع عدد الحالات المؤكدة؛ لكن التحاليل الطبية لا تشمل جميع المخالطين الذين يصل عددهم إلى 8 آلاف مخالط. ويرتفع هذا الرقم يومياً؛ وهو ما يثير قلقاً من إمكانية نشر هؤلاء للعدوى، خصوصا أن هناك أشخاصا لا تظهر عليهم أي أعراض كما كشف عن ذلك مدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض. ومعلوم أن عملية تحديد مخالطي الحالات سريعاً ومراقبتهم عن كثب واجراء التحاليل عليهم تعدّ فعالة لاحتواء انتشار كوفيد-19 وسط الأسر والمجتمع؛ وهو ما انتبهت إليه، مؤخراً، وزارة الصحة لتقوم بالكشف المخبري على أكبر عدد ممكن من المخالطين. مختبرات جديدة وقبل أسبوع، كانت سياسة وزارة الصحة تتجلى في إجراء الكشف المخبري فقط على المخالطين الذين تظهر عليهم أعراض كورونا، حيث تقوم الأطر الطبية بتقييم حالة المخالط المباشر للمريض، وإذا كانت لا تظهر عليه أي أعراض لا تجرى له اختبار الكشف، بل يتم الاكتفاء بتوجيه تعليمات إلى الشخص المخالط بضرورة اتباع العزل الصحي المنزلي، وفي حالة ظهور عليه أي أعراض مستقبلا عليه أن يتصل بالوحدات الطبية المخصصة لذلك. ويبدو أن هذه الطريقة لم تجد نفعاً في احتواء رقعة انتشار الفيروس، لا سيما مع الحالات التي لا تظهر عليها أي أعراض، وبالتالي يمكن أن تنقل العدوى خصوصا في المحيط الأسري؛ وهو ما دفع الوزارة إلى رفع مستوى الكشف المخبري لدى المخالطين ومحيطهم دون انتظار ظهور أعراض مرضية. وأكد مصدر من وزارة الصحة أنه تم الشروع في إجراء التحاليل الطبية على مستوى بعض المستشفيات الجامعية بعد وصول معدات وأجهزة طبية، مضيفاً أن التوجه اليوم هو الكشف عن جميع المخالطين وتوسيع شبكة المختبرات المعتمدة. وأضاف المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، أن المستشفى الجامعي بالدار البيضاء شرع في إجراء التحاليل الطبية، ثم غداً المستشفيين الجامعيين في كل من الرباط وفاس، وفي الأسبوع المقبل المستشفيات الجامعية في مراكش وأكادير ووجدة. تحديات البؤر وأوضح البروفيسور مصطفى الناجي، وهو أخصائي في علوم الفيروسات ومدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن التغيير في إستراتيجية وزارة الصحة ناتج عن تقييم المخطط الذي وضعته الوزارة، خصوصا بعد ظهور بؤر وبائية داخل المنازل، أي شخص ينقل العدوى إلى جميع الأشخاص الموجودين بالبيت. ويؤكد البروفيسور الناجي أن احتمال إصابة أفراد البيت بعد دخول الفيروس إلى المنزل يبقى مرتفعا جداً، بالإضافة إلى أن خروج أي فرد من هؤلاء إلى الشارع يساهم في تفشي الوباء، وهذا ما دفع الوزارة إلى تغيير إستراتيجية تعاملها مع المخالطين، لا سيما بعد وصول نسبة الحالات المحلية إلى 75 في المائة. وللحد من انتشار "كوفيد 19"، يُورد الأخصائي في علم الفيروسات، في تصريح لهسبريس، ضرورة إجراء تشخيص طبي لجميع الحالات المحتملة أو المخالطة للمصابين، علماً أن التحدي الأكبر يبقى هو الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض بالنظر إلى مناعتهم القوية التي تقاوم الوباء. وعلى الرغم من أن التزام الكثير من المغاربة بإجراءات الحجر الصحي، فإن الدكتور الناجي يؤكد أن عدم التزام 10 أفراد مثلاً يمكن أن يؤدي إلى تفشي الوباء إلى آلاف المصابين، مشيرا إلى تجربة ظهور الوباء في بؤرة ووهان الصينية قبل أن تنتقل العدوى إلى 200 دولة في العالم اليوم. وخلص البروفيسور، في تصريحه، إلى أن الحالة الوحيدة الناجعة إلى حدود اليوم في ظل غياب اللقاح هو الوقاية من الفيروس، داعيا الجميع إلى ارتداء الكمامات الواقية من كورونا. وزاد المتحدث أن "قلة الكمامات في المرحلة السابقة كانت من بين أسباب توجيهها فقط إلى الأشخاص المحتكين بالمرضى، من أطباء وممرضين ورجال وقاية مدنية وأمن؛ لكن اليوم تم تعميمها على الجميع بعد وجود وفرة في الإنتاج، ما يعني أنها كانت صالحة دائماً للوقاية من الفيروس".