تحولت قضية السطو والاعتداء على كاتب العمود الشهير "رشيد نيني" إلى قضية رأي عام ..و تضامنت معه عدة هيآت حقوقية و عدد من المنظمات الحكومية و الغير الحكومية و شريحة واسعة من المهتمين و الفنانين..طبعا القضية اكتسبت طابعا نضاليا حينما أصبحت تحمل شعار: "من أجل حرية التعبير" رغم أن التحقيق لم يثبت بعد النية الحقيقية للعصابة التي استهدفت "نيني"..ولا داعي للقول بأن الإعتماد على "التخمين" وحده لا يفيد أبدا في مثل هذه القضايا الحساسة..بل يمكن أن يجعل الأمر أكثر صعوبة إذا حدث وتبث العكس عند استكمال التحقيق في المستقبل.. و لتفادي سوء الفهم لدى البعض..فأنا لا أتشفى في "نيني"..و لكني فوجئت حقا ب"الهالة" الكبيرة التي نسجت حول قضية الإعتداء الذي ربما يعتبر طفيفا إذا ما قورن بما يحصل للمواطنين في غياب كلي للأمن..و في زمن أصبح الإجرام فيه يتبختر بيننا كالقضاء و القدر...الإعتداء الذي لا يقارن بتاتا بما حصل لبعض المناضلين الحقيقيين.. الذين ذاقوا الويلات و الخزي و العار على يد "الحجاج" في المعتقلات السرية.. منهم من تم اخصاِؤه..و منهم من توفي.. و منهم من ينتظر دريهمات هيئة الإنصاف القليلة..و منهم من فوض فيها أمره لله..ولكن أيا منهم لم يحض بما حضي به السيد "نيني" من تغطية إعلامية.. نتضامن مع الصحفيين نعم.. لكن أن نساهم في اغناء "الكاريزما" النينية و ابعاد نظر الرأي العام عن المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها هذا الشعب..فلا و ألف لا ..النقل..التعليم...الصحة..الأمن..التشغيل..هذه هي المشاكل التي تستدعي وقفة حقيقية من منظمات حقوقية حقيقية...وليست منظمات "مناسباتية" تقيم الدنيا و تقعدها من أجل "نيني" و تقمع صوت بعض مناضليها من أجل قضايا حقوقية داخلية..فأين حرية التعبير؟ هذه المنظمات لم تنبس ببنت شفة ..حين يتعرض الطلبة أمام البرلمان بشكل أسبوعي لحصص من التعذيب على يد القوات المساعدة؟ هذه المنظمات لم تحرك ساكنا حين "تسخر" الحكومة من الدكاترة المعطلين .. و تضرب عرض الحائط بوعودها دائما.. وآخرها أنها رفضت إعلان نتائج الذين خاضوا منهم مباريات الولوج لسوق الشغل !!..ألا يعد هذا انتهاكا صارخا للشفافية و المصداقية التي تعد من شعارات هذه الجمعيات الحقوقية..؟الزيادات الرهيبة في سعر الوقود و المواد الغذائية و الضرائب التي فرضت على العجزة من المتقاعدين..ألا يعد هذا انتهاكا كليا لحق من حقوق الإنسان؟ألا هو حق الحياة؟ خلاصة القول..أكرر أني لا أتشفى في نيني..ولا أحسده أيضا..رغم أني لا أستسيغه...ولم أهضم بعد قضية الاعتداء التي تهدف إلى إسكاته... ولو كان هذا من عمل المخابرات...لكانت "شوهتنا" مضاعفة.. بعد شوهة التعليم و الصحة هاهي "مخابراتنا" تصفي حساباتها بسكين مسنن !!فضيحة حقيقية أمام الموساد و الكاجيبي و تاريخ الغستابو.. !! ولكن العصابة رغم ذلك نجحت نسبيا-عن قصد أو عن دون قصد- في إثارة أعصاب كاتب العمود المشهور.....فقد تحولت مِؤخرة صحيفته في الآونة الأخيرة إلى معلقات بليغة في اللغة.. يناشد فيها أشخاص معينين من أجل الكف عن متابعة المساء في قضايا السب و القذف..و ربما تجدر الإشارة إلى أن كلمة "مناشدة" في اللغة العربية هي المرادف المثالي الذي يحفظ بعض ماء الوجه لكلمة "توسل"..... و أخيرا ..بعض النصائح للعامة الذين لا يتوفرون على سيارات و حراس شخصيين لتفادي بعض الاعتداءات مادام هناك انفلات أمني في هذا البلد السعيد: -لا ترتد سترة جلدية تبلغ 2000 درهم. -لا تصدق كل ما يصلك عبر البريد الإلكتروني. -حاول ألا تبدو ثريا و تجنب حلاقة ذقنك كل صباح. و أخيرا تبقى سياسة "الجري نصف الجدعنة" هي الحل السحري الوحيد في حالة الطوارئ.. ""