سي الفيزازي، طالعت نص جوابكم على ما تفضلت به شخصيا من نقد لرؤوس أقلامكم بخصوص طلبكم للأستاذ حاجي بالتوبة بعد إصابته بالفيروس اللعين "كورونا". وإليكم عناصر التعقيب: 1 أن تلتمس من ذ. حاجي إعلان توبته بتزامن مع المرض لا يعني غير الحقد والتشفي؛ لأن من شروط النصيحة أن تكون في توب السرية وألا تكون في مرحلة ضعف أو مرض مما يخل بحمولتها المعنوية. 2 إنك عديم الصفة والمصلحة والأهلية لمثل هذا الطلب، فمن فوضكم في ذلك، فلستم في مستوى هذا الطلب لا أخلاقيا ولا قانونيا وشرعيا. 3 إنك عديم الاختصاص في ذلك، لغياب أي مرجع تعتمدون عليه، فالتوبة شأن خاص بين الخالق وعبده، والله سبحانه وتعالى لم يفوض أي أحد من خلقه بقياس درجة الإيمان أو التقوى؛ فلسنا زمن سلطة الكنيسة حيث نشتري منك صكوك العفران أو شهادة الإيمان والتقوى، فلست وصيا على الخلق، رقيبا عليهم، محاسبا لهم، وكأن الله وكله بذلك وجعلك عليهم محتسبا. 4 غياب التواضع في الطلب، فهل تدري أخي أنه ربما أن الأستاذ حاجي أكثر منك إيمانا وتقوى وخوفا وخشية من الله، إلا أنه لا يتحدث عن ذلك لأن الله أبعد عنه الرياء، فهو يحب أن يرى أفعاله تمثل ذلك وليس لحيته أو سترته مثلك. 5 شخصيا، لم أصنفك في صنف تجار الدين؛ لأنه لا أصل سياسي لك وإنما أصنفك ضمن الدعاة غير الفقهاء المتخلفين عن ركب مسايرة العصر ممن لم ينفتحوا على الدراسات الجامعية المقارنة وعن جوهر سماحة الدين، فظلوا منشغلين بالحيض والنفاس ومحاكمة لباس المرأة وحث الشباب على اللحية والسترة والقندريسة البيضاء. 6 لن أدعوك، أخي الفيزازي، إلى التوبة كما دعوت أخي حاجي، وإنما أطلب منك أن تربط أقوالك بأفعالك؛ لأنه "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون". فأنت تطالب بالتقوى، والتقوى هي ما وقر في القلب وصدقه العمل.. ونحن لن نحاكم إيمانك، لأن الله وحده سيتولى ذلك.. ولن نقول لك إن مصيرك النار على غرار طلب التوبة، وإنما سنحاكم أفعالك: فهل نسيتم كمن شاب في زهرة شبابه قدتموه إلى التهلكة، بسبب جرائمك الإرهابية أيام الأحداث الآثمة ل16 ماي؟ وهل نسيتم كم فوّتم من فرصة لتحقيق البلد نجاحات كبرى في باب المساواة بين الجنسين قبل إقرار مدونة الأسرة التي لا تشكل إلا حقلا بسيطا من فشلكم الذريع؟ وهل نسيتم، أخي، فضائحكم بالجملة بخصوص أنكحة المتعة والفساد؛ فبعد فضيحة حنان، التي تزوجت بها عن طريق "الفاتحة"، وكأننا ما زلنا في الجاهلية، توصلت مؤخرا إلى طريقة أخرى للمعاشرة الجنسية بدون تحمل مسؤولية، بعد "عقد قرانك"، مقابل 5000 درهم، على فتاة من القصر الكبير تدعى سناء، من مواليد 2005 من خلال توقيع التزام مصادق عليه في المقاطعة، وليس بموجب عقد قانوني مثلما يفعل جميع المغاربة (إلا من رحم ربك)، تترتب عنه حقوق وواجبات؟ وهل ترضى هذا لابنتك أو أختك أو عمتك أو خالتك أو... أيها المهاجم "الشرس" للمدافعين عن الحريات الفردية، الذي تصف دعاة الحداثة والعلمانية بأبشع وأقبح النعوت، ولا تتوانى، عبر تدويناتك وتصريحاتك، عن التحريض ضدهم، عبر الاستشهاد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، لا تجد أي مشكل في الخروج عن قوانين الدولة، وتوثيق زواج مدني ب"الكونطرا" وهو الزنا بعينه في مقاطعة، وبعد وقوع الحمل بحوالي شهرين. وكفى المؤمنين شر القتال؛ لأنك لم تؤمن بعد بدولة الحق والقانون وما زلت تؤمن بدولة الشيوخ، شيوخ نكاح المتعة واغتصاب القصّر، وهل يليق برجل عاقل أن يقول بعد الخصام إن زوجته راقصة أو تسير شبكة للدعارة؟ ولا أحتاج إلى أن أذكرك بما قاله صديق قديم لك من وجود علاقات كثيرة لك مع البنات وتتلفظ بألفاظ نابية وبقاموس سوقي بذيء وحاولت التحرش بزوجته أكثر من مرة قائلا: "راه تبسل لي على مرتي شحال من مرة"، موضحا أن الفيزازي كان ينام مع حنان على سريره في بيته بالدار البيضاء. فأين أنت اليوم أمام كل هذه الموبقات والفضائح من خطابات الطهرانية الزائفة وإظهار الورع الكاذب والتقوى المصطنعة؟ وهذا درس بليغ لكل متعال عن الخلق. ما عسانا إلا أن نقول: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 7 إنني وزميلي حاجي نفتخر الدفاع عن حقوق الإنسان في منظورها الحقوقي الكوني، كما جاء في دستور المملكة وفي إطار قواعد الإسلام السمح وليس إسلام "الشيوخ".. ولا نجد غضاضة في ذلك، وندافع عما نؤمن به جهرا وليس سرا مثلك، ويشاركنا في هذه المطالب ثلة من الفقهاء المتنورين؛ لأن الشرع والقانون لا يجب أن يعاقبا على الحرية الفردية المضمونة دستوريا، مثلما تمارسها أنت وثلة ممن هم حولك. 8 أخي الفيزازي، أدعوك إلى أن تنهل من قواعد دستور دولتنا وقوانينه والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وأحكام شريعتنا الغراء والسمحة، وأن تعقد صلحا بين ما تؤمن به وبين ممارساتك بالمصالحة مع الذات أولا قبل أن تدعو الناس؛ لأن غيرتي عليك كبيرة وأشفق من حالك.. ولا بأس أن تطور مستواك الثقافي لحيازة شهادة جامعية معتبرة بولوج مدرجات الجامعة، وسأكون مسرورا بذلك - ولم لا الإشراف على تدريسك بعض المواد - لأن تنقذ نفسك من براثن الجهل، لأن من جهل شيء عاداه؛ فجل خطاباتك أبانت عن ضعف بل وهزالة مستواها في كل المحطات التي مر منها مجتمعنا وبلدنا كنت دائما متأخرا عن الركب، غير مساير للعصر، تشدك الحمية لكل مراجع التخلف. 9 نحتاجك، أخي الفيزازي، لدعم العدالة الاجتماعية في المغرب ومحاربة الفساد والدفاع عن الحقوق والحريات وعن المظلومين والمقهورين وعن حقوق العمال والبسطاء والموظفين والنساء والأطفال ووو... ودع عنك خطابات جاهزة عن مواضيع تافهة لا تقدم ولا تؤخر، حتى أصبح من شيوخ ستر العورة اللاهثين وراء الشهرة والمال والأنكحة. أرجو، في الأخير، أن تتقبل نصائحي كما تقبلت نصائحك، أخي الفيزازي، وكلنا معرض للخطأ والزلل، فإياك والكبر.. فمن تواضع لله رفعه.