يواصل القضاة ووكلاء الملك في المحاكم المغربية تعاملهم مع ملفات تقديم المتابعين في الحالات التلبسية، رغم حظر التجول الصحي الذي فرضته الحكومة لتقليص تفشي فيروس "كورونا" المستجد بالمملكة، وذلك لضمان السير العادي لمرفق القضاء. وأقدم معظم القضاة والوكلاء، من خلال تنظيماتهم المهنية، على توفير الكمامات ومواد التعقيم للقضاة العاملين في المحاكم خلال فترة الحظر الصحي، من أجل حمايتهم من العدوى. واعتمد معظم القضاة على مواردهم المالية الذاتية وتبرعات المحسنين من أجل اقتناء كميات كبيرة من الكمامات والقفازات والمطهرات الكحولية، وتوزيعها على محاكم المغرب. وقال محمد الخضراوي نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاة، إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب أبرز مدى تفاعله الايجابي وحكامته في تدبير تداعيات فيروس كورونا المستجد بشكل استباقي. وأضاف الخضراوي في تصريح لهسبريس: "لقد وجه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تعليماته للمسؤولين القضائيين بمختلف المحاكم للتشديد في مراقبة الولوج واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب انتشار هذا الوباء، داعيا إلى إخبار الجهات المعنية بكل حالة تكون محط شك في حمل الفيروس أو تظهر عليها أعراض المرض، حماية للمرتفقين والعاملين بالمؤسسة القضائية". وبادر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يقول المتحدث ذاته، إلى اتخاذ قرار عاجل يوم 16 مارس قضى "بتعليق جميع الجلسات بمختلف المحاكم، باستثناء قضايا المعتقلين والقضايا الاستعجالية، حماية للصحة والسلامة العامة وضمانا في الوقت نفسه لاستمرار المرفق العام في أداء واجبه والتزامه الدستوري بصيانة الحقوق والحريات، ووضع رهن إشارة العموم كل آليات التواصل عن بعد ليضطلع المرتفقون ويطمئنوا على مالات ملفاتهم وإجراءاتهم". وأفاد نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاة بأن "هذه الحكامة القضائية عبرت عنها رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال مواكبتها لهذه التدابير المستعجلة بعدد من التوجيهات والمذكرات لمختلف المحاكم لرفع كل الإشكالات التي قد تثار وحلها بمختلف الطرق القانونية المتاحة، في موازنة واضحة بين ما تفرضه إجراءات الصحة والسلامة وبين التدبير الأمثل لهذا المرفق الحيوي الهام، خاصة في مثل هذه الظرفية الاستثنائية". وأضاف الخضراوي قائلا: "لقد بدى جليا أيضا هاجس ضمان سلامة المعتقلين وسد منافذ انتقال العدوى حاضرا كأولوية من خلال إصدار السلطة القضائية لتعليمات وتوجيهات حول كيفية التدبير الوقائي العملي لسير جلساتهم، كما استجاب المجلس الأعلى وتفاعل بشكل ايجابي مع ملتمس وزارة الثقافة والشباب والرياضة بخصوص تغيير التدابير المتعلقة بنزيلات ونزلاء مراكز حماية الطفولة، حيث تم إصدار دورية في هذا الاتجاه بما يحفظ المصلحة الفضلى للأحداث وتحقيق شروط الصحة العامة ووقاية الأطر الإدارية والتربوية العاملة بهذه المراكز". وأكد أن "معالم الحكامة القضائية بدت واضحة في استمرارية محاكم المملكة في أداء عملها رغم كل الإكراهات بكل وطنية ومسؤولية، وبذل العطاء من أجل ضمان الأمن القانوني وحماية المكتسبات الكبرى التي حققتها العدالة ببلادنا". وشدد المتحدث على أن "هذه المقاربة الاستباقية والحكامة في تدبير الأزمة واكبتها مبادرات أخرى ذات بعد إنساني تضامني يكرس قيم المواطنة الحقة، حيث بادر الرئيس المنتدب إلى الإعلان بشكل فوري عن مساهمة كل أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية براتب شهر في الصندوق المخصص لمواجهة آثار هذا الوباء، ودعا الجميع إلى الانخراط في هذه المبادرة، وهو ما تفاعل معه كل قضاة المملكة الذين تبرعوا بدورهم بنصف شهر من راتبهم، في إشارة ذات بعد رمزي إلى انخراطهم التام في كل القضايا الوطنية الكبرى، والأكيد أن السلطة القضائية بالمغرب أبرزت بالملموس أنها في الصف الأول من مواجهة هذا الوباء الصحي العالمي".