منذ أول ظهور له في ووهان الصينية، أخضع "كوفيد-19" كل صغيرة وكبيرة في عالمنا للاختبار، إذ تجاوز الفيروس المستجد حدود الأزمة، التي تمر مرور الكرام بلا ثمن. كلنا قيد الاختبار. بداية من أخلاقنا وقيمنا، مرورا بأنظمتنا وحكوماتنا، وصولا إلى اقتصاداتنا وصناعاتنا. كورونا يختبرنا. صحيح أنه لم يحن بعد موعد إعلان الرقم النهائي لعدد ضحايا كورونا أو حجم خسائره، لكن الأيام الماضية كانت كافية لوضع عدد من التفاصيل على ميزان النقد. أعاد الفيروس التاجي تذكيرنا بأن العالم مترابط ومتداخل، لكنه اختبر مدى انسجام البشرية وتآزرها في وقت المحنة، بهدف مواجهة التهديدات ودحرها. المعطيات الأولية تشير حتى اللحظة إلى أن غالبية الدول تغرد خارج السرب، في غياب أي تظافر وتنسيق للجهود، وهو الأمر الذي ساهم بطريقة أو أخرى في انتشار أكبر لكورونا. لا غرابة أن المنظومة الأخلاقية كانت هي الأخرى تحت المجهر، فكورونا منحنا فرصة تقييم قيمنا ومبادئنا. هل نحترم الآخر ونقبل به؟ ما هي واجباتنا تجاه ما يهددنا؟ كيف نتعامل في وقت الأزمات؟ لن ينكر أحد أن شريحة من البشر أبدت تعاطفها مع المرضى وساهمت من موقعها في جهود التوعية والمكافحة، إلا أن قول الحق يقتضي إزاحة اللثام عن عيوب نسبة كبيرة من سكان الأرض، ما تزال متشبعة بالعنصرية والحقد والكراهية. الأمثلة كثيرة، من بينها فيديوهات توثق كمية استهزاء مثيرة للاشمئزاز من آسيويين، باعتبارهم "مصدري الوباء"، وأخرى تبرز كيف أن بعض المصابين يحاولون نشر المرض بين الناس.. إلخ صدق من قال إن الأزمات تكشف معدن الناس الحقيقي. اختبارات كوفيد-19 طالت حتى مؤسسات الدول، حيث كشف "القاتل الجديد" مدى قدرة الحكومات والسلطات على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات الحرجة لاحتواء الوضع وحماية رعاياها. الفرق بدا جليا بين دول سارعت إلى إغلاق حدودها واستنفار مصالحها وتعزيز وسائل خفض معدل الإصابة بالفيروس، ودول استهترت بالوباء وتأخرت في التحرك الجدي، لتجد نفسها في نهاية المطاف على شفير كارثة غير مسبوقة. واضح أن الفيروس المستجد بات عدو العالم رقم 1، لاسيما بعد إلحاقه أضرارا جسيمة باقتصادات الدول، والمؤشرات خير دليل: تهاوي أسعار النفط وتضرر الأسواق المالية وتوقف الاستيراد والتصدير، إضافة إلى الأثر السلبي على القطاع السياحي. وفي هذا الصدد، يقول خبراء إنه كان بإمكان الدول مواجهة التحديات الاقتصادية، في حال وضعت خطط طوارئ مسبقة، يتم اللجوء إليها في حالات مماثلة. وتتضمن الخطط، حسب الخبراء، إنشاء صندوق تمويل حالات الطوارئ ودعم الدول الفقيرة وتوجيه الموارد المالية نحو القطاعات الضرورية لضمان استمرارية الحركة الاقتصادية. سيبقى كورونا الشغل الشاغل للعلماء والمسؤولين إلى حين الانتصار عليه، على غرار ما حدث مع الفيروسات السابقة. بعدها، سينحسر القلق ويخرج العالم من حالة الصدمة التي يعيشها. آنذاك فقط، سنعرف أن الحق علينا وليس على كورونا. *صحافي بسكاي نيوز عربية