من حاضرة مكناس، بدأت وفاء الزغاري مسارها لتصبح اليوم ضمن الفريق الوطني النسوي للمظليات التابع للقوات المسلحة الملكية تخوض بقميصه غمار رياضة تُوصف بالخطيرة، ناهيك عن كونها محتكرة بشكل أكبر من لدن الرجال. كل صعب على النساء يهون.. هذا ما يمكن أن نصف به ما حققه ويحققه هذا الفريق الوطني النسوي، الذي شرف المغرب في المحافل الدولية بانتزاعه ميداليات ذهبية في منافسات القفز الحر أمام فرق دولية؛ مثل: الصين وفرنسا وروسيا. وراء هذا النجاح الكبير نساء واجهن الصعاب وتسلحن بالعزيمة والإرادة وحَظيْن بدعم الأسرة والجيش ليكسرن صوراً نمطية حول المرأة ويقدمنها أحسن تمثيل إلى جانب أخيها الرجل في المهام الوطنية داخل صفوف القوات المسلحة الملكية. خير مثال على هذا النجاح الذي ترسمه كل امرأة مغربية تمثله وفاء الزغاري، البالغة من العمر 35 سنة والأم لطفلين؛ فهي اليوم برتبة مقدم رئيس تنتمي إلى الفريق الوطني النسوي للقفز بالمظلات، بعدما تدربت بشكل جيد داخل اللواء الأول للمشاة المظليين في سلا. حين حصلت الزغاري على شهادة البكالوريا شعبة الآداب والعلوم الإنسانية سنة 2003، ولجت إلى الجامعة لدراسة اللغة الفرنسية؛ لكن لم تكمل المشوار، واختارت التغيير من خلال التوجه نحو شعبة التجارة الدولية ضمن مدرسة خاصة. بعد التجربتين السابقتين، أحست الزغاري بأنها لم تبلغ طموحها بعد؛ فهي كانت تحب البذلة العسكرية التي كانت يرتديها والدها العسكري السابق، بحيث كبُر هذا الحب مع السنين إلى أن قادها القدر إلى الالتحاق بصفوف القوات المسلحة الملكية كمظلية ضمن الفريق الوطني النسوي. كان الوالد بالنسبة للزغاري قدوة ومثالاً تطمح لتتبع حرفته، على الرغم من أن القفز الحر بالمظلات أمر صعب للرجال والنساء على حد السواء؛ لكن التسلح بالعزيمة والإرادة في تحقيق الذات ساعداها لحفر اسمها في المحافل الدولية، عبر الفوز بميداليات عديدة باسم المغرب. وفي حديث لهسبريس، كشفت الزغاري أنها خضعت لسنتين من التدريب في اللواء الأول للمشاة المظليين بسلا، مشيرةً إلى أنه على الرغم من صعوبة وخطورة هذا الميدان فإنها اختارته وهي اليوم راضية عما حققته بحيث تحظى بتشجيع الجميع، وخصوصاً من لدن زوجها. وتؤكد الزغاري، التي أمضت اليوم 15 سنة في هذا الميدان: "مع احترام مراحل التدريب والقوة والشجاعة التي توجد في كل امرأة أكيد لن يصعب الأمر على النساء المغربيات، سواء في هذا المجال أو مجالات أخرى". وتتذكر المكناسية جيداً أول مرة قفزت في الهواء بالمظلة، بحيث كان ذلك ضرورياً لنيل شهادة المظلي، وقد أدت في المراحل الأولى ست قفزات تعترف بأنها لم تكن سهلة؛ لأن الخوف كان يتملكها، وبفضل الثقة والسند المقدم من لدن مُدربيها جعلها تنجح في المهمة. وعن التحاقها بصفوف القوات المسلحة الملكية، تقول الزغاري بكل فخر: "أنا أنتمي إلى أسرة عسكرية، وكان لدي شغف بالمؤسسة العسكرية منذ البداية، وكنت أطمح إلى أن أصل إلى هذه المرتبة، والحمد لله توفقت في تحقيق الحلم الذي أحمله منذ الصغر". وبحكم كونها مظلية وربة بيت وأم طفلين وما ينتج عن ذلك من مهام متعددة سواء في البيت وخارجه أيضاً، تواجه وفاء الزغاري كل الصعاب بعزيمة بفضل قوة الشخصية والإرادة الصلبة التي تستمدها من ميدان اشتغالها لمواجهة كل ما يعترضها في حياتها.