توارى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن الأنظار، منذ انتهاء ولايته الرئاسية يناير سنة 2017 وتسليمه لمفاتيح البيت الأبيض إلى الرئيس الحالي دونالد ترامب. وتحدث أوباما، بعد خروجه من البيت الأبيض، في مناسبات قليلة، كان أغلبها مؤتمرات عقدت في الولاياتالمتحدة وفي الخارج؛ فيما كشفت تقارير إعلامية عديدة عن توصله إلى اتفاق مع شركة "نتفليكس" لإنتاج فيلم وثائقي عن حياته الشخصية والسياسية، بالإضافة إلى نيته نشر كتاب يتحدث فيه عن سيرته الذاتية خلال العام الجاري. وخلال السباق المحتدم الحالي في الحزب الديمقراطي للظفر بترشيح الحزب خلال انتخابات نوفمبر المقبل، لم يعلن أوباما عن دعم أي مرشح في هذا السباق؛ لكن الصورة تبدو أكثر تعقيدا من ذلك. دعم خفي في نونبر الماضي، كشف موقع "بوليتيكو" الأمريكي أن أوباما تحدث لبعض المقربين منه بأنه سيتدخل في الانتخابات التمهيدية بالحزب، في حال تصدر السيناتور بورني ساندرز للولايات الأولى في هذه الاستحقاقات الانتخابية، وعلى الرغم من الزخم الذي رافق هذا الخبر، فإن أوباما لم يصدر أي بيان ينفي أو يؤكد صحة ذلك. وعرف الأسبوع الماضي تطورات متسارعة في هذه الانتخابات، خصوصا بعد فوز جو بايدن بولاية كارولينا الجنوبية، إذ أعلن عدد كبير من السياسيين وكذا المرشحين السابقين عن اصطفافهم وراء بايدن على حساب خصمه الأبرز: بورني ساندرز. هذا التحول طرح تساؤلات عديدة حول مفاوضات خلف الكواليس، لرسم معالم السباق الديمقراطي نحو نونبر المقبل، بالنظر إلى سرعة وتيرة الدعم الذي تلقاه بايدن، خلال 48 ساعة التي تلت انتخابات كارولينا الجنوبية، السبت الماضي. تختبئ الإجابة عن أسباب هذا التحول المفاجئ في تفاصيل تقرير نشرته شبكة "إن بي سي"، كشف أن أوباما يقف وراء حملة الدعم الكبير الذي حظي به بايدين من قبل قيادات في الحزب وأعضاء في الكونغرس بالإضافة إلى حكام سابقين في ولايات عديدة. وذكرت "إن بي سي" أن الرئيس السابق اتصل بجو بايدن مباشرة بعد انتخابات كارولينا الجنوبية، ويوم الأحد الماضي، اتصل ببيت بودجدج المرشح السابق الذي أعلن يوم الاثنين عن دعمه لبايدن خلال هذه الانتخابات. وحسب المصدر ذاته، فإن أوباما أرسل إشارات واضحة بأن على الحزب أن يتحد خلف بايدن، من أجل إيقاف ساندرز، كما أخبر مقربين منه بأنه "لا يحتاج إلى تصريح بذلك علانية". وأعلن مايك بلومبورغ، العمدة السابق لمدينة نيويورك، اليوم الأربعاء، عن انسحابه من الانتخابات التمهيدية، ودعم لبايدن، وهذا قرار يأتي بعد يوم واحد من "الثلاثاء الكبير"، والذي لم يتمكن خلاله بلومبورغ من الفوز بأي ولاية. خطوة الانسحاب تأتي بعد أن كانت قناة "أم إن بي سي" قد كشفت، أمس الثلاثاء، أن بلومبورغ يتعرض لضغط كبير من جهات لم تذكر هويتها، من أجل تدعيم صف "المرشح المعتدل"، على حساب التقدمي بورني ساندرز. حضور أوباما تطرق المرشحون في الحزب الديمقراطي عن علاقتهم القوية بأوباما في مناسبات عديدة، سواء تعلق الأمر بنائبه السابق جو بايدن أو رجل الأعمال والعمدة السابق لمدينة نيويورك مايك بلومبورغ وكذا السيناتور بورني ساندرز. وكان بلومبورغ أول من ينشر إعلانا تلفزيونيا يتضمن تصريحا قديما لأوباما، يمتدح فيه هذا الأخير العمدة السابق لمدينة نيويورك؛ لكن أوباما لم يتدخل من أجل إيقاف هذا الإعلان، خصوصا أن عددا من المتابعين اعتقدوا أن أوباما أعلن بهذا التصريح عن دعمه لبلومبورغ في هذه الانتخابات. هذا الإعلان، الذي كان من أول الإعلانات التي تطلقها حملة بلومبورغ، أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا ما جعل الناشط والقس المخضرم جيسي جاكسون يقول، في تصريح لموقع "دا انترسبت"، إن "أوباما إذا كان يرغب في سحب هذا الإعلان، لقام بذلك منذ البداية؛ لكنه لم يفعل ذلك، وسمح لبلومبورغ باستعمال صورته". وبعد بلومبورغ، أطلق جو بايدن إعلانا آخر، يتضمن تصريحا لأوباما، يمتدح فيها عمله إلى جانبه طوال 8 سنوات في البيت الأبيض؛ فيما سار بورني ساندرز على النهج ذاته، إذ أصدر هو الآخر، اليوم الأربعاء، إعلانا موجها إلى عدد من القنوات الوطنية والمحلية، ويظهر فيه أوباما رفقته، متحدثا عن حصيلة عمل السيناتور عن ولاية فيرمونت بمجلس الشيوخ.